كيف أصبح «الصحوي» حقوقياً ؟
يبدو أن البعض بات يتحسس من كلمة (الصحوة)، وهذا مؤشر جيد حيال فكر كان يتباهى به من يعتنقه ليتحول إلى خطيئة ووصمة سوداء تخرج صاحبها من دائرة القبول إلى دائرة اللاقبول.. فالحمد لله على تمام نعمته.
موضوعي اليوم يتعلق بالصحوة والصحويين أيضاً، ولكن «الصحويين الكول»، الذين خرجوا من عباءة الأصولية الإخوانية لآبائهم وتحولوا من مظهر الأمس وأفكاره المتطرفة؛ اللحى غير المهذبة والثياب القصيرة إلى أصحاب البدل وربطات العنق الملونة والشعور المصففة بالجل، واللحى التي لم يبقَ إلا مكانها ناعماً لامعاً براقاً، هم ذاتهم نسل الآباء الذين حرموا التلفاز والبريد والدراجة والكبك والإذاعة والأطباق الفضائية والجوال وقيادة المرأة وتعليمها وتوظيفها والاختلاط بها وأخرجوا مئات الفتاوى في عباءتها ومشيتها وغطاء وجهها، وهم ذاتهم الذين تسيدوا قنوات التلفزة وفخخوا عقول الشباب واقتحموا المعارض والمطاعم والمقاهي والمسارح، وثوروا الشعوب وزرعوا الفتن والتخريب والإرجاف، وهم ذاتهم الذين انتزعوا أبسط (حقوق المجتمع) نساءً ورجالاً في حياة كريمة وقليل من الترويح، فجيل الآباء خلفه جيل الأبناء المكملين لمسيرة التثوير والسخط «والتطرف»، ولكن بشكل آخر على مواقع التواصل الاجتماعي بحملات مسيسة وممنهجة، يقدمون أنفسهم كدعاة للحرية وحقوق الإنسان، ومطالبين بالعفو عن دعاة الفتنة والتخريب والتكفير!
يخرج أبناء متطرفي الأمس بتطرف آخر يساند المثلية والشذوذ، ويرفع شعارات اليسار الغربي ضد بلادهم ومجتمعهم، ويستغلون كل حدث وفعالية لدس أفكارهم وسخطهم في محاولات لتأجيج المجتمع ضد الترفيه والمناسبات والفعاليات الفنية والرياضية، والتقليل من شأن المنجزات الوطنية على كافة الأصعدة، فيعقدون المؤتمرات ويدبجون الخطابات ويرفعون لافتات الحرية والإنسانية في ميادين الغرب، مقدمين أنفسهم كمتحضرين وهم من أصلاب محرضين، ودعاة حقوق وهم بيادق العقوق ضد وطنهم، فأي حقوق يطالب بها من رضع من ضرع التطرف ونشأ في بيئات الفتن والتثوير والتفخيخ، وكيف يطالب أبناء من أغلقوا سبل الحياة بفتاواهم المشبوهة بأن يفتح الباب على مصراعيه لحرية دعاة التطرف والتكفير والتدمير؟
طوينا صفحة سوداء، وفتحنا صفحات بيضاء سوف تكتب بمداد الإنجاز والتقدم والوعي، وطوينا عقوداً من الذكريات المريرة التي كانت دروساً قيّمة لفهم الحاضر وبناء المستقبل ودفن الماضي وأفكار دعاته بصحوتهم وتطرفهم وفتاواهم!