اخر الاخبار

نتنياهو يربك الإسرائيليين والجيش.. والاستخبارات: حماس راضية عن نفسها تكتيكياً واستراتيجياً

هآرتس – عاموس هرئيل-
  ثارت عاصفة عندما اعتقل “الشاباك” أ. وهو رجل احتياط في الجهاز، بتهمة تسريب وثائق سرية إلى الوزير عميحاي شيكلي والمراسلين عميت سيغال وشيريت افيتان – كوهين. النبأ الذي نشره سيغل استناداً إلى هذه الوثائق تناول فحص “الشاباك” لنشاطات كهانية في الشرطة وفي مصلحة السجون. مناقشة هذا الأمر ليست نظرية؛ فثمة عاصفة إعلامية سابقة تناولت تسجيلات لرئيس القسم اليهودي في الجهاز، ومحادثات مع قائد الوحدة المركزية في شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة)، العقيد في الشرطة افيشاي معلم، الذي هو أحد الأبطال المؤقتين لليمين المتطرف، وهو نفسه رهن التحقيق بتهمة إعطاء رشوة في قضايا تتعلق بمعالجة ملفات “جريمة قومية متطرفة” (إرهاب يهودي).
جهات رفيعة في الجيش قالت إن التغير في سلوك معلم وكل اللواء ظهر بوضوح بعد تسلم بن غفير لمنصبه. في إحدى الحالات، قتل فلسطيني في حادث عنيف مع مستوطنين. وأثناء جنازة هذا الفلسطيني، وصلت سيارة سكودا سوداء، وأطلق ركابها النار في الهواء على المشاركين بالجنازة. الضباط في قيادة المنطقة الوسط توسلوا للشرطة لإجراء تحقيق. ولكن كبار قادة اللواء تجاهلوا ذلك. الأولوية لروح القائد، وهذه وصلت من بن غفير نفسه.
هناك قاسم مشترك بين القضايا الثلاث الأخيرة – وأولها قضية تسريب وثائق استخبارية من مكتب نتنياهو إلى صحيفة “بيلد” الألمانية، فرجال جهاز الأمن ومكتب رئيس الحكومة مشتبه فيهم بإخراج وثائق سرية وحساسة بدون صلاحية أو استخدام معلومات سرية لأغراض سياسية وتجارية.
عملياً، قضية تجر قضية. ايلي فيلدشتاين، المشتبه فيه الرئيسي في قضيتين، كان في البداية محبوب البيبيين إلى أن ثار شك بأن يفتح فمه على شخصيات أكبر منه في السلسلة. بعد ذلك، تم نقل التعاطف إلى ضابط الصف في شعبة الاستخبارات العسكرية، آري روزنفيلد، الذي نقل الوثائق إلى فيلدشتاين. في الأثناء بدأ (ما زال في الذروة) تشريع “قانون فيلدشتاين”، الذي يعطي حماية جنائية لرجل أمن ينقل معلومات حساسة إلى رئيس الحكومة أو إلى عضو في الكابنيت. من غير المستبعد أن أ، المشتبه فيه في القضية الحالية، عمل اعتقاداً بأن أفعاله محمية بهذا القانون.
روني الشيخ، المفتش العام السابق للشرطة ونائب رئيس “الشاباك”، قال لـ “اخبار 12” بأن “الانشغال الإعلامي الزائد بالقضية الجديدة يخدم رئيس الحكومة. كل يوم ستكون لدينا مؤامرة جديدة”. وحول تسريب الوثائق الجديد، قال: “ثمة حدث قام به سياسي. وزير في حكومة إسرائيل يشغل عميلاً، ويورط عميلاً، داخل الجهاز. أعرف المعايير في هذا الجهاز، ولا أتذكر أشخاصاً أخرجوا وثائق من “الشاباك””.
أكد الشيخ الأقوال التي نشرت، التي بحسبها الحكومة تشغل عملاء يخرجون وثائق سرية من داخل جهاز تجسس، وفي هذا دليل على بداية تفكك داخلي لـ “الشاباك”. يبدو هذا كأحد أهداف نتنياهو ومعسكره، الذين يعملون بجهد لقطع أي الروابط في المجتمع والدولة.
لنتنياهو خط دفاع ثابت، يتم تسويقه للجمهور أكثر من تسويقه للمحكمة. حسب رأيه، كل الاتهامات الجنائية والسياسية ضده محاولة لإسقاطه بوسائل غير مشروعة. ووجد لمذبحة 7 أكتوبر مبرراً دفاعياً مقنعاً، حسب رأيه: لو أيقظوه في الوقت المناسب لكان كل شيء مختلفاً. ولكن الحقيقة البائسة هي أن رئيس الحكومة فقد جزءاً من حدته الشهيرة في السنوات الأخيرة. الحديث لا يدور فقط عن استراتيجية رعاية حماس واستيعاب التهديد من غزة. ففي الأشهر التي سبقت الحرب، تجاهل كل تحذيرات رؤساء جهاز الأمن بشأن تداعيات الأزمة الداخلية على الوضع الأمني، واهتم بالتقاط صورة مع زوجته وهما يضعان نظارات وردية اللون.
لم يعد هناك الكثير من الوزن الحقيقي للأقوال التي تقال على لسان نتنياهو ورجاله. بعد أن تفجرت قضية فيلدشتاين (وبعد فشل محاولته للتنكر له)، وصف نتنياهو المشتبه فيه بأنه “وطني إسرائيلي وصهيوني متحمس”. في هذا الأسبوع، في محاولة للدفاع عن ابنه يئير، الموجود في الخارج في معظم أيام الحرب، قال إن الابن “صهيوني حقيقي”، في حين أن الوزير شيكلي بالغ عندما وصف أ.، المسرب من “الشاباك”، بأنه “بطل إسرائيل”. ايال ايشل، والد المراقبة الشجاعة روني ايشل، التي قتلت مع صديقاتها في معسكر “ناحل عوز” في 7 أكتوبر، قدم ملاحظة صحيحة عندما قال إن ابنته والجنود الذين قتلوا أثناء تأدية الواجب هم الأبطال الحقيقيون، وليس رجل جهاز أو موظف في مكتب، المشتبه فيه بأنه تجاوز صلاحياته وعمل خلافاً للقانون.
ذكريات من فيتنام
انشغال الإعلام في القضايا يجري عندما استأنفوا القتال في قطاع غزة وازداد الخطر على حياة الـ 21 مخطوفاً الذين ما زالوا أحياء. الآن مر شهر على هجوم إسرائيل الجديد الذي خرقت به إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في منتصف كانون الثاني الماضي. الحكومة صادقت على العملية، التي بادر إليها رئيس الأركان الجديد أيال زمير، التي استهدفت استخدام ضغط جديد على حماس بهدف علني لحثها على التوقيع على صفقة تبادل جديدة، لو جزئية.
قتل منذ ذلك الحين أكثر من 1500 شخص في القطاع، حسب بيانات وزارة الصحة لحماس، وأحصى الجيش الإسرائيلي بينهم مئات من رجال حماس. حتى الآن، تظهر مرونة معينة في الموقف الفلسطيني بخصوص طبيعة الصفقة. ولكن لا يوجد اتفاق حتى الآن. سبب ذلك بسيط: حماس تطالب تضمين أي صفقة ضمانات لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع وإنهاء الحرب. حماس ستوافق على صفقة مؤقتة أخرى فقط من خلال موقف ضعف صعب – الأمر الذي لا يظهر الآن رغم وعود الأبواق.
عشية استئناف الحرب، سمع زمير من رجال الاستخبارات بأن حماس راضية عن نفسها. وقف إطلاق النار مكن حماس من العودة إلى إنتاج محدود للسلاح وتجنيد وتدريب المزيد من الشباب وجمع الأرباح من بيع المساعدات الإنسانية للتجار. رؤساء القيادة العسكرية الحالية، عز الدين حداد ومحمد السنوار، تبين أنهما ليسا أقل تطرفاً وعناداً من يحيى السنوار ومحمد ضيف. هذا لا يمنعهما من إظهار مرونة في التكتيك. من عملية القتال في الشهر الماضي، يظهر أن حماس تحذر من مواجهة مباشرة. عدد كبير من رجالها في رفح انتقلوا إلى الشمال، إلى منطقة المواصي، لتجنب الخسائر. تركز المنظمة على إطلاق النار من بعيد (نار القناصة، إطلاق الصواريخ المضادة للدروع)، وتحاول تنفيذ عمليات يمكن توثيقها ونشرها لاحقاً.
نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، يحاولان تسويق فكرة منظمة من وراء تجدد الحرب للجمهور. قال كاتس أول أمس إن “هدف العملية في المقام الأول هو بذل كل الجهود لتحرير جميع المخطوفين في إطار خطة ويتكوف وبناء جسر لهزيمة حماس فيما بعد”. وقف المساعدات الإنسانية، كما قال، استهدفت المس بسيطرة حماس على السكان، والقصد وضع “بنية تحتية للتوزيع بواسطة شركات مدنية… وخلافاً للسابق، لا يخلي الجيش مناطق تم تطهيرها واحتلالها. سيبقى الجيش الإسرائيلي في المناطق الأمنية كفاصل بين العدو والمستوطنات في كل واقع مؤقت أو دائم في غزة، كما في لبنان وسوريا”.
ثمة تشويش في أوساط الجمهور، وبدرجة كبيرة في الجيش أيضاً. ويظهر هذا في المحادثات بين الضباط والمراسلين. سمعت إحاطة هذا الأسبوع من الجيش لوسائل الإعلام عن الحرب. أسئلة المراسلين تكررت: ما الأهداف الحقيقية للحرب؟ ما الذي يجعل أعضاء هيئة الأركان يعتقدون أن الأهداف ستتحقق هذه المرة هذه خلافاً للسابق؟ كيف يمكن هزيمة حماس وإعادة آخر المخطوفين وجثامين القتلى من غزة؟ أي تسوية يراها الجيش في القطاع على فرض أن الحرب ستنتهي؟ اعتقدت أن الفروقات سهلة. هذه المحادثة كان يمكن أن تجري أيضاً في 1967 في فيتنام، بين جنرالات ومراسلين أمريكيين.
ثمة فرق جوهري واحد؛ فبين الولايات المتحدة وفيتنام كان يفصل محيطان وآلاف من الكيلومترات، ولكن بين كيبوتس “ناحل عوز”، الذي لم يعد سكانه إلى بيوتهم وبين حي الشجاعية المدمر شرق مدينة غزة، كيلومتر واحد.