اخر الاخبار

8 أفلام وثّقت معاناة الفلسطينيين بعد نكبة 1948

كثيرةٌ هي الأفلام عن النكبة الفلسطينية. لم تعد إسرائيل تحتكر روايتها الخاصة عن احتلالها دولة فلسطين. 

فإلى جانب بعض الأفلام الأجنبية، استطاعت أفلام عربية عدةٌ الخروج من دائرة التعتيم العالمي، وقدّمت الرواية الحقيقية عن الفلسطينيين التي يحاول الصهاينة إخفاءها عن العالم منذ 75 عاماً. 

بعض هذه الأفلام ليس جديداً، بل أُنتج وعُرض منذ سنوات كثيرة، لكن العالم تعرّف عليها بعدما أصبحت متاحة عبر المنصات الإلكترونية مثل “نتفليكس”. وهناك أفلام حديثة كانت جيدة بما يكفي لاختراق المهرجانات العالمية.

أفلام عن النكبة الفلسطينية

في هذا التقرير، نستعرض قائمة بأبرز الأفلام عن النكبة الفلسطينية بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، من خلال تسليطها الضوء على معاناة الفلسطينيين داخل أراضيهم. 

1- فيلم “فرحة” 

ما إن بدأ عرض الفيلم على منصة “نتفليكس” خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، حتى بدأت موجة عارمة من الغضب في إسرائيل. فقد أعلن وزير الثقافة هيلي تروبر، أن فيلم “فرحة” يصوّر “أكاذيب وافتراءات، وعرضه في دار عرضٍ إسرائيلية وصمة عار”.

فيلم فرحة مستلهم من أحداثٍ واقعية، ويروي قصة فتاة تحمل الاسم نفسه (فرحة) كانت تحلم بالانتقال إلى المدينة ودخول المدرسة. وحين وافق والدها، لم تستمر سعادتها سوى يوم واحد، قبل أن تبدأ أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948.

يحاول الأب تهريب ابنته إلى المدينة، ولكنها ترفض. فيكون الحلّ حبسها داخل غرفة تخزين الطعام في باحة منزلهم لحمايتها من الجنود الإسرائيليين، الذين يقومون بعملية “تطهير عرقي” لسكان القرى والمدن التي يدخلونها. 

تبقى فرحة في الغرفة المظلمة وحيدة لساعاتٍ لا تعرف عددها، ولا يربطها بالعالم الخارجي سوى فتحة صغيرة في الجدار، وباب أخفاه والدها قبل ذهابه للنضال في سبيل حرية قريته.

يأتيها الأمل عندما تدخل منزلها عائلة فلسطينية هاربة، وتلد فيه الأم طفلها الثالث، إنه صبي سمّاه والده محمد. وحين تبدأ فرحة بمناداة “أبو محمد” لينقذها من محبسها، يداهم المكان جنود إسرائيليون ويقتلون العائلة بالكامل، تاركين الرضيع على الأرض ليموت وحده، بينما تراقبه الطفلة التي لا تستطيع مساعدته أو مساعدة نفسها.

فيلم فرحة عُرض للمرة الأولى خلال اختتام فعاليات مهرجان أيام فلسطين السينمائية الدولية بدورته التاسعة في رام الله، كما عُرض في مهرجان تورونتو السينمائي و”بالم سبرنغز”. 

لا شك في أنه أبرز الأفلام عن النكبة الفلسطينية، وهو من إخراج الأردنية دارين سلّام، وقد لعبت الممثلة الموهوبة كرم طاهر دور فرحة ببراعة. 

2- فيلم “The Tower” 

من أهم الأفلام عن النكبة الفلسطينية، ويُعتبر بمثابة وثيقة تاريخية مهمة عنها. فعلى مدار ساعة وربع، نتابع قصص أجيالٍ من الفلسطينيين عن النكبة يروونها جميعهم لوردة، الفتاة التي لم تتجاوز الـ11 عاماً والتي تعيش في مخيّم “برج البراجنة” في لبنان.

وردة، بطلة الفيلم، شخصية تشبه الكثير من الأطفال العرب في يومنا هذا، ولكنها تعيش في ظروفٍ أرغمتها على أن تكبر بين عالمين، أحدهما واقعي يرفضها والآخر قد لا يكون موجوداً.

الفيلم من إنتاج نرويجي-سويدي-فرنسي، وقد استغرق سبع سنوات من العمل بعدما عاش المخرج لمدّة سنة كاملة في مخيّم برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية. وقد عُرض في “مهرجان الأفلام المتحركة” في آنيسي، و”مهرجان القاهرة السينمائي الدولي”، و”متروبوليس أمبير صوفيل” في بيروت.

تقنياً، صُنع الفيلم بتقنية Stop motion (أسلوب تقطيع الحركة)، ويتحوّل إلى رسوم متحرّكة ثنائية الأبعاد 2D animation حين يعود أفراد العائلة في ذكرياتهم إلى فلسطين أو سنوات الحرب. 

وقد ساعدت هذه التقنيات، خاصةً تقنية تقطيع الحركة، المخرج النرويجي ماتس غرورود (المتخصّص فيها) في إعادة خلق مخيم برج البراجنة، وتحريك شخصياته فيه بحرية.

فنرى تفاصيل المخيم وجماليته، من خلال الشوارع والغرافيتي، إضافةً إلى أحياء المخيم وشرائط الكهرباء، وشعارات الفصائل الفلسطينية. كما أن استخدام المخرج للبيت الذي ينمو مع كل جيل جديد ليصبح “برجاً” صغيراً، يشكّل الحركة الأساسية لنموّ الحبكة.

3- فيلم “الزمن الباقي” 

للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان مجموعة أفلام عن النكبة الفلسطينية وتبعاتها، وهو يدرك جيداً أن السينما لغة يفهمها الغرب بقوة، ما جعله يركز على إيصال الرواية الفلسطينية بأكثر من فيلم. 

يستمر سليمان في سرد تاريخ عائلته، من رحلة الأب مع المقاومة ضد عصابات الصهاينة في عام 1948، مروراً بكل لحظات المقاومة المسلحة والسلمية، حتى قدوم جيل الأبناء، هوية ترفض الطمس.

يحاول سليمان في “الزمن الباقي” أن يعود بالذاكرة إلى حيث بدأت الحكاية عام النكبة 1948، في مسقط رأسه الناصرة، 1948، محاولاً الارتكاز إلى ذاكرته الفردية والخروج منها إلى الذاكرة الجماعية، لتركيب الأحداث مع الزمن واستيضاح الصورة لفهم الحالة الفلسطينية، وما آلت إليه عبر كل تلك السنين.

يعود الفيلم إلى الوراء ليرصد تفاصيل من بقوْا على الأرض التي أُقيمت عليها دولة المشروع الصهيوني، منذ العام 1948 وحتى رحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1970.

لكن سليمان يقفز إلى سلسلة من أهمّ المحطات الفلسطينية بعد النكبة، فسنجده يتطرّق في الفيلم إلى “انتفاضة الأقصى” حتى يصل إلى جدار الفصل العنصري. 

الفيلم لا يخلو من أسلوب إيليا سليمان الساخر، الذي يأخذ بعداً كاريكاتيرياً أحياناً، لكنه رغم ذلك يصلح كمدخل ممتاز للتعريف بمأساة الشعب الفلسطيني منذ بدايتها. 

ومثل باقي أفلام إيليا سليمان، حصد فيلم “الزمن الباقي” نجاحاً عالمياً وحظي بعرضٍ رسمي ضمن مهرجانَي “كان” و”تورونتو” عام 2009.

4- باب الشمس الرحيل والعودة

يمكن القول إن فيلم “باب الشمس” من أبرز الأفلام عن النكبة الفلسطينية. فهو عبارة عن ملحمة تحكي تاريخ فلسطين من خلال قصة حب بين الفلسطيني يونس الذي يذهب للمقاومة وزوجته التي تظل متمسكة بالبقاء في قريتها بالجليل. 

وطوال فترة الخمسينيات والستينيات، يتسلل يونس من لبنان إلى الجليل حتى يقابل زوجته في مغارة “باب الشمس”، قبل أن يعود مرة أخرى للانضمام إلى تنظيم المقاومة في لبنان.

الفيلم مأخوذ من رواية الأديب اللبناني الياس الخوري، والتي تحمل الاسم نفسه، وقد عُرض سينمائياً عام 2004 على جزأين: “باب الشمس: الرحيل”، و”باب الشمس: العودة”، من إخراج المصري يسري نصر الله.

أهمية “باب الشمس” أنه يصحب المشاهدين في رحلة داخل تفاصيل قصة حب فلسطينية، يرويها مناضل فلسطيني على فراش الموت، فنرى بعيونه الحكاية من البداية. منذ التهجير والحرب، إلى العودة والمقاومة.

الفيلم حظيَ بعرضٍ خاص ضمن فعاليات مهرجان “كان” السينمائي، وقد أعلن مخرجه يسري نصر الله في العام 2021 أنه ينوي إتاحته للعرض على الإنترنت مجاناً.

5- فيلم “عمر”

من أهم الأفلام عن النكبة الفلسطينية؛ فقد مثّل فيلم “عمر” -من إخراج هاني أبو أسعد- ترشيح فلسطين لجائزة الأوسكار عام 2013، بعد فوزه بجائزة قسم “نظرة ما” ضمن مهرجان “كان” السينمائي الدولي. 

في “عمر”، يصحبنا أبو أسعد في رحلة إنسانية نكتشف من خلالها دوافع الشباب الفلسطيني لحمل السلاح في وجه قوات الاحتلال، وكانت المرة الأولى سينمائياً التي نرى فيها مشاهد حقيقية لتسلق جدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال. 

إضافة إلى ذلك، نخترق مجتمع المستعربين، أي قوات الاحتلال التي تندس وسط الفلسطينيين وتتحدث العربية، إما لتنفيذ عمليات اغتيال، أو للحصول على معلومات عن أفراد المقاومة.

أهمية الفيلم تكمن في السيناريو الثري الذي كتبه أبو أسعد نفسه، ذي الحبكة الدرامية المركبة التي تتشابك فيها الشخصيات مع الأحداث على مستويات مختلفة، مع وجود شخصية عمر الرئيسية التي تبقى دائماً في بؤرة الأحداث.

تدور قصة الفيلم حول عامل مخبز يُدعى عمر (يلعب دوره ببراعة آدم بكري) يتفادى رصاص القنص الإسرائيلي يومياً عبر الجدار الفاصل، للقاء حبيبته نادية (ليم لوباني). 

ولعلّ أبرز ما يميّز فيلم “عمر” أن أهميته -سياسياً ودرامياً- أنه يرجع كل التعقيدات التي دمّرت العلاقات بين البشر إلى واقع الاحتلال، وهي رسالة لا تحتاج إلى أي تعبيرٍ مباشر حتى تصل إلى المشاهد. 

6- فيلم “يد إلهية”

فيلم صامت إيحائي، يعتمد على المشاهد والوقائع أكثر من الكلام، وتكاد لا تسمع فيه غير صوت خطوات قدم الأبطال. صمتٌ يشبه ما يعتري الفلسطيني أمام العالم الذي يتجاهل ما يتعرض له من قهرٍ وظلمٍ واضطهاد بشكلٍ يومي.

يمكن القول إن فيلم “يد إلهية” من أهم الأفلام عن النكبة الفلسطينية. فهو عبارة عن كوميديا سوداء ناجحة بامتياز، برع فيها المخرج الفلسطيني إيليا سليمان بتصويره السريالي المشبع بالرموز والدلالات، النابعة من المعاناة والألم. 

يستند الفيلم إلى سلسلة مترابطة من المشاهد القصيرة لكن المكثفة، فتشكل صورة متكاملة عن الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطيني في الناصرة. وعلى المقلب الآخر، حياة في حارة فلسطينية تسود فيها علاقات اجتماعية مشوّهة قائمة على النفعية. 

ولعلّ أبرز مشهدٍ يلخص الفيلم والرسالة التي يريد سليمان إيصالها هو مشهد السائحة الأجنبية التي تسأل شرطياً صهيونياً في أحد شوارع القدس عن بعض الأماكن الأثرية والمقدسة في المدينة. 

وحيت يعجز عن مساعدتها، يستعين بأسيرٍ فلسطيني مُحتجز في سيارة ومعصوب العينين، فيدلّها على الطريق بكل سهولة. تشكر السائحة الشرطي الصهيوني، الذي يُعيد بدوره الأسير الفلسطيني إلى السيارة.

هذا المشهد بحدّ ذاته فكرة متكاملة؛ فقد برع إيليا سليمان -كعادته- بنقل حقيقة أن الفلسطيني هو صاحب الأرض وينتمي إليها انتماءً مطلقاً، ويحفظ تفاصيلها أكثر من المحتلّ الذي لن يعرف جغرافيتها مهما بقي فيها واحتلّها. 

الفيلم من إنتاج عام 2002، وقد حصل على جائزة في مهرجان “كان” السينمائي، وجائزة أفضل فيلم أجنبي في مهرجان الأفلام الأوروبية في روما. وقد كتب المخرج الفلسطيني إيليا سليمان قصة الفيلم وأخرجه.

7- وثائقي “النكبة”

سلسلة أفلام وثائقية للمخرجة الفلسطينية روان الضامن، من إنتاج شبكة الجزيرة الإعلامية عام 2014، تتناول القضية الفلسطينية منذ نشأتها عبر 4 أجزاء: “خيوط المؤامرة”، و”سحق الثورة”، و”التطهير العرقي”، و”النكبة مستمرة”.

لا شك في أنه واحد من أهم الأفلام عن النكبة، التي روت الحكاية الفلسطينية منذ العام 1799 -حين حاصر نابليون أسوار عكا ودعا اليهود للقدوم إلى فلسطين- وحتى يومنا هذا؛ معتمداً على عددٍ كبير من المصادر، فضلاً عن استخدام مقاطع مصورة مأخوذة من الأرشيفين البريطاني والصهيوني.

8- فيلم Hanna K

بعد تحفظات كثيرة، عُرض الفيلم الأمريكي Hanna K عام 1983، وسرعان ما سُحب من دور العرض السينمائية بعد اعتراضاتٍ كثيرة وعدم حصوله على الدعاية الكافية.

فقد رفضت الشركة المنتجة الإعلان عنه، أو إعطاء الكليبات الإعلانية المعدّة له إلى مخرجه كوستا غافراس، الذي اضطرّ إلى الترويج له على حسابه الشخصي في “نيويورك تايمز” مقابل 50 ألف دولار.

تدور أحداث فيلم Hanna K حول محامية أمريكية يهودية تعيش في فلسطين المحتلة، وتدافع في أحد الأيام عن شاب فلسطيني متسلل إلى منطقة تحت السيطرة الإسرائيلية. تنجح في الدفاع عنه وحمايته من السجن، لا بل إعادته إلى مخيمات اللاجئين، وتمضي في حياتها؛ إلى أن يطلبها الشاب مرة أخرى للدفاع عنه بعدما عاد إلى المنطقة نفسها التي قُبض عليه فيها من قبل.

يثير هذا الشاب فضول هانا، فتسمع قصته، وتذهب في رحلة إلى مدينته القديمة التي هدم الإسرائيليون أغلب منازلها وأقاموا عليها المستوطنات، وغيّروا اسمها من “كفر رمانة” إلى “كفار ريمان”، لتجد بالفعل منزل عائلته القديم الذي تحوّل إلى مزارٍ سياحي.

ومن هنا تبدأ رحلة الشاب سليم مع المحامية هانا التي تقيم دعوى قضائية، بهدف إعادته إلى منزل عائلته الذي يمتلك صكوك ملكيته، فتتصادم مع السلطة الإسرائيلية، لأن انتصارها في هذه القضية يعني ببساطةٍ هزيمة المنطق الصهيوني الذي تقوم عليه دولتهم.

إلى جانب ذلك، نجد الصراع الشخصي الذي تعيشه هانا بين زوجها السابق والمدعي العام الذي أقامت معه علاقة قصيرة أنهتها سريعاً، ولكنه تعلق بها؛ ما جعل مواجهته لها داخل المحكمة، في قضية سليم، لا تتعلق بالسياسة فقط، بل بالعاطفة أيضاً. 

فيلم “هانا ك” من أهم الأفلام عن النكبة الفلسطينية؛ فهو تصريح سياسي لمخرجه كوستا غافراس حول القضية الفلسطينية، في وقتٍ كانت فيه مطموسة المعالم في الغرب.

تعرّض الفيلم لهجومٍ شديد من الجماعات الصهيونية في أمريكا وأوروبا، لأنه يتعاطف بصورة لا جدال فيها مع الفلسطينيين الذين هُجّروا من أرضهم التي احتلها الإسرائيليون.

لكنه يصلح حتى اليوم أن يكون بمثابة مرافعة حقوقية تخاطب المجتمع الدولي بلغته، عن معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال والمستوطنات غير الشرعية التي تستمر في التوسع حتى اليوم.