فلسفة الجباية بين نبوءة إبن خلدون و حكمة خالتي نوشا

محمد السكري مصر
وافقت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على فرض المزيد من الضرائب بمسميات مختلفة بنسب متباينة
فتذكرت على الفور مقولة إبن خلدون عندما قال : ” عندما تكثر الجباية، تشرف الدولة على النهاية”
وأضاف في موضع آخر :(فإذا أصيبت الدولة بالترف والشراهة فيكثرون الضرائب والمغارم طلبا في زيادة الجباية والمكوس ، وبزيادتها تضعف عزائم الناس عن العمل لأن ناتج عملهم تأخذه الدولة ، وحينئذ تنقص الضرائب بقلة الإنتاج وتدهوره ، ويزداد الأمر سوءا بتدهور الإنتاج باستمرار تناقصه مع زيادة الضرائب ، فينتج عن ذلك خراب العمران) إذن حسب منطق منطق ابن خلدون فإن زيادة الضرائب تؤدي إلي نقصانها نتيجة هروب الناس من العمل مما يؤدي إلي انخفاض في قيمة الناتج المحلي فقد أثبتت الدراسات الإقتصادية أن فرض زيادة ضريبية بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي، تؤدي إلي انخفاض الناتج الحقيقي على الفور بنحو 2 إلى 3% .
الفكرة التي أشار إليها ابن خلدون هي نفسها ما أثبته وأكد عليه الاقتصادي الأمريكي آرثر لافر من ان رفع معدلات الضريبة يؤدي إلى تحريض قطاع الأعمال على تخفيض وقت العمل واستبداله بوقت الراحة وهو ما عُرف بمنحنى لافر
وهو في الواقع عكس ما يحدث لنا، والمعادلة الاقتصادية البسيطة هي : انكماش + ضرائب = ركود ،لذلك وجب على الحكومة في زمن الانكماش الاقتصادي أن ترخي حبل الضرائب لا أن نشدّه حتى يطبق على رقاب الناس ولكن لأن هناك عجز وانخفاض في قيمة الناتج المحلي لأسباب متعددة فإنها تلجأ إلى الحل السهل الصعب وهو الجباية المفروضة مما ينتج عنه خراب العمران كما قال ابن خلدون
أما خالتي نوشا فقد كانت إمرأة في الأربعينات من عمرها وهي من الرعيل الأول لبلطجيات الإسكندرية وتحديدا سوق عزبة سعد المقابلة للمدينة الجامعية التي كنت أسكن فيها أيام الدراسة وقد نشأت بيننا صداقة غريبة لا أعرف أو أتذكر سببها أو كيف بدأت ،سألتها ذات يوم عن سبب اكتفائها بنص جنيه إتاوة على البائعين في سوق الخضار ابتسمت حتى ظهر السن الذهب في فمها ثم قالت : منا لو زودت عن كده يا عبيط هيهجوا ويروحوا سوق تاني و أبقى أنا الخسرانة، روح ياد ذاكر وأياك أشوفك بتصيع مع اصحابك