إيران تؤكد استئناف المفاوضات مع وكالة الطاقة الذرية وتربط التفتيش بقرار أمني وسط توتر مع الغرب

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن جولة جديدة من المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستُعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، في خطوة تشير إلى سعي طهران لاستئناف بعض مظاهر التعاون الفني، رغم استمرار التوتر مع الغرب بعد الهجمات الإسرائيلية والأميركية على منشآتها النووية في يونيو الماضي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن المحادثات مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة لم تتوقف، مؤكداً أن الطرفين يخططان لعقد جولة جديدة من المفاوضات "قريباً جداً"، دون تحديد موعد دقيق. وأوضح أن طهران منفتحة على الحوار الفني، لكنها لن تتراجع عن شرطها الأساسي الذي ينص على أن أي عمليات تفتيش مستقبلية يجب أن تحصل على موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد قال الأسبوع الماضي إن بلاده "بدأت عهداً جديداً" في علاقتها مع الوكالة، مشيراً إلى دعوة رسمية وجهت إلى نائب مدير الوكالة لزيارة طهران بناء على طلب الوكالة المتكرر، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن التعاون بات مشروطاً، في ضوء القانون الذي أقره البرلمان الإيراني ويقضي بتقييد صلاحيات التفتيش الدولية.
وأشار عراقجي إلى أن "الوكالة لم تُظهر موقفاً نزيهاً في الفترة الماضية"، متهماً إياها بالتقصير بعدم إدانة الهجمات العسكرية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية. وقال: "خلال الأشهر الماضية، الوكالة لم تحمِ المنشآت النووية السلمية الإيرانية، بل أصدر مجلس محافظيها قراراً سلّط الضوء على البرنامج الإيراني بشكل سلبي، مما مهد لهجمات لاحقة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة".
وتعرضت منشآت نووية في إيران، من بينها موقع "نطنز" ومواقع تحت الأرض في جنوب البلاد، لهجمات منسقة، وصفتها طهران بأنها "عدوان مباشر" على سيادتها ومصالحها، متهمة إسرائيل والولايات المتحدة بالتخطيط والتنفيذ.
وفي أعقاب هذه التطورات، صدق الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في يوليو الماضي على قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما يشمل منع أي عمليات تفتيش جديدة دون موافقة خاصة من أعلى سلطة أمنية في البلاد.
وبحسب القانون الجديد، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمكنها الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية أو الحصول على بيانات المراقبة دون تفويض صريح من المجلس الأعلى للأمن القومي.
في المقابل، تطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بالسماح لها باستئناف عمليات التفتيش، معتبرة أن الهجمات التي جرت في يونيو لا تبرر تقييد صلاحياتها. وأعرب المدير العام للوكالة، رافائيل جروسي، عن قلقه إزاء مصير ما يقرب من 400 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب الذي لا يزال تحت إشراف إيراني، محذراً من أن غياب الشفافية قد يزيد من القلق الدولي بشأن نوايا طهران النووية.
وأكد جروسي الشهر الماضي أن إيران أبدت استعداداً لاستئناف بعض المحادثات الفنية، مضيفاً أن البداية قد تكون "بالمواضيع التقنية قبل الانتقال إلى مستويات سياسية أوسع". لكنه شدد على أن الوكالة بحاجة إلى "توضيحات صريحة حول الأنشطة الجارية وطبيعة المرافق النووية".
وفي سياق منفصل، استبعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في الوقت الراهن عقد جولة سادسة من المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، قائلاً إن الظروف "غير مواتية بعد"، رغم أن طهران لا تمانع استئناف هذه المحادثات "عندما تتوفر الشروط المناسبة".
وكانت إيران والولايات المتحدة قد عقدتا خمس جولات من المحادثات النووية غير المباشرة، بوساطة سلطنة عمان، لكنها توقفت بعد اندلاع حرب يونيو بين إيران وإسرائيل، والتي استمرت 12 يوماً وأسفرت عن تصعيد عسكري غير مسبوق.
ونقلت شبكة NBC NEWS عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن واحدة من المنشآت النووية الثلاث التي استُهدفت في الهجمات الأخيرة تعرضت لدمار كبير، في حين لم تُصب المنشأتان الأخريان بأضرار جوهرية. وأشارت التقارير إلى أن واشنطن لا تزال قلقة من استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران، وتطالب بوقفه كجزء من أي اتفاق مستقبلي.
لكن طهران تصر على حقها في التخصيب، استناداً إلى كونها عضواً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وتقول إنها لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، وأن برنامجها مخصص لأغراض سلمية بحتة.
وتبقى العلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية مرهونة بقدرة الطرفين على تجاوز الأزمة السياسية التي أشعلتها الهجمات الإسرائيلية والأميركية، وكذلك بتوافق داخلي في طهران يتيح للمجلس الأعلى للأمن القومي إعادة فتح الباب أمام التفتيش الدولي بشروط جديدة تضمن – حسب الرواية الإيرانية – حماية "الحقوق والسيادة".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
إيران تهدد بعدم تفليص قوتها الدفاعية وتؤكد إن العقوبات لا تستطيع كبح تقدم بلاده
هجوم إسرائيلي على سورية وإحباط محاولة نقل أسلحة إلى غزة على متن طائرة بدون طيار من إيران