أوروبا.. استعدادات للتدخل أكثر في أوكرانيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (أرشيف)
الخميس 3 أغسطس 2023 / 21:05
مع تشتت انتباه أمريكا بسبب “سيرك” الرئيس السابق دونالد ترامب، يبدو أن الدفاع ضد الهجوم الروسي على أوكرانيا سيعتمد أكثر على بريطانيا وحلفائها.
هناك أيضاً مناقشات ضرورية حول الحاجة إلى زيادة قدرة أوروبا على تصنيع الذخائر
وفي هذا الإطار، كتب إيان مارتن، معلق سياسي اسكتلندي، في صحيفة “التايمز” البريطانية أن لا شيء في أوروبا يمكن أن يحدث أدنى اختلاف في محاولة ترامب الأخيرة الترشح للرئاسة، إلا أنه حض على التفكير بوضوح في التداعيات الخطيرة على الأمن الأوروبي، المترتبة على دخول أمريكا فترة أخرى من الاضطرابات البالغة، معتبراً أنه سيتعين على أوروبا بما فيها بريطانيا، أن تكون جاهزة لفعل ما هو أكثر بكثير للدفاع عن أوكرانيا وسائر القارة”.
وقال: “لو حدث الأسوأ وتحولت الولايات المتحدة إلى السياسة الانعزالية، فإن التزام أعضاء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي سيبدو التزاماً خجولاً”.
أعلى بكثير من 2,5 %
اعتُبرت نسبة الـ 2% هذه مناسبة إلى حد ما قبل شن روسيا هجومها الشامل ضد أوكرانيا، ولكن حينما تواجه أوروبا تراجعاً في الدعم الأمريكي، وتكون روسيا ساعية للانتقام، فقد تضطر إلى ما هو أعلى من ذلك بكثير، نحو 2.5% أو أكثر.
Europe, Britain included, get ready. US turmoil, the prospect of a Trump victory and the threat of American isolationism mean we need to do more to help Ukraine and defend the continent. (My latest column for @thetimes) https://t.co/Ih4SjoWeAO
— Iain Martin (@iainmartin1) August 2, 2023
وتابع الكاتب: ” من المرجح أن يظل انتباه صانعي السياسات الأمريكيين مشتتاً على مدى الأشهر الـ18 المقبلة بسبب تنافسهم الداخلي على السلطة، وهذا أمر مهم لأن الدفاع عن أوروبا يعتمد على الولايات المتحدة، حيث تلقت أوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة 46.6 مليار دولار من واشنطن منذ نهاية يناير (كانون الثاني) 2022، ودعماً مالياً بعشرات المليارات”.
الأمن الأوروبي
ويكاد مبلغ الـ 857.9 مليار دولار الذي أقره الكونغرس للدفاع الوطني في هذه السنة المالية يساوي ضعفي ما أنفقته كافة دول الناتو الأخرى مجتمعة، وبالطبع فإن جزءاً بسيطاً من هذا المبلغ يذهب إلى الأمن الأوروبي حصرياً.
وهناك سجالات حول ما يمكن اعتباره إنفاقاً حصرياً من أجل أوروبا، كما أن الأمر ينطوي أيضاً على المصلحة الذاتية الأمريكية، بمعنى أنه عندما تنفق واشنطن على أوروبا، فإنها تعزز بذلك أمنها بكل تأكيد.
لكن ماذا سيحدث لو عجز جو بايدن عن أداء مهام منصبه أو أعيد انتخاب ترامب؟
ليس مؤكداً أن رئاسة ترامب تعني انسحاب الولايات المتحدة من أوروبا، فالبنتاغون قوي جداً ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بالكونغرس، حيث تبدي الشخصيات البارزة اهتماماً شديداً بالدفاع، لدرجة أن أي رئيس يعد مقيداً.
وقال الكاتب: “من التوهم أيضاً القول إن ترامب في رئاسته الأولى قلص الدعم المقدم للدفاع الأوروبي، على الرغم من خطابه المناهض للناتو.. وسواء كان على علم بذلك أم لا (أو ربما كان يمارس لعبة الخداع والبلطجة على الزعماء الأوروبيين لحملهم على إنفاق المزيد)، فعلى أرض الواقع زادت إدارته الإنفاق وعمليات النشر”.
مبادرة الردع
وأطلق الرئيس أوباما ما صارت تعرف باسم مبادرة الردع الأوروبية بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، حيث صرح بإنفاق 5.2 مليار دولار لتعزيز القوات الأمريكية التي تدافع عن أوروبا، وفعل ترامب أو مستشاروه ما هو أكثر من ذلك، حيث طلب البيت الأبيض 17.2 مليار دولار لمبادرة الردع الأوروبية ووافق الكونغرس على ذلك.
غير أن الخطر الواضح الذي يجب على الأوروبيين الاستعداد له، حسب الكاتب، هو أنه لو سحق ترامب بايدن أو مرشحاً ديمقراطياً آخر وعاد إلى السلطة، فالأمور ستكون على الأرجح مختلفة هذه المرة.
وأضاف “من المستبعد أن يكون ترامب المفعم بالرغبة في الانتقام في حالة مزاجية سخية مع الزعماء الأوروبيين، وقد قال بالفعل إنه يستطيع إيقاف الحرب في أوكرانيا وحلها في غضون 24 ساعة.. ولو حاول ذلك، فمن المستبعد أن يكون الحل بشروط مواتية للأوكرانيين وزعيمهم الرئيس زيلينسكي، الذي يمثل هدفاً لتنديد ترامب وسخطه”.
التفكير في المخاطر التي تواجهها أوروبا
وحتى من دون الذهاب إلى هذا الحد، فإن تشتت تركيز الولايات المتحدة معناه أنه من الأفضل لأوروبا، ومن ضمنها بريطانيا، أن تمعن التفكير في المخاطر التي نواجهها، والنبأ السار نوعاً ما أن أوروبا بدأت تزيد إنفاقها على الدفاع.. ففي حلف الناتو، زادت 22 دولة من أصل 31 دولة عضو إنفاقها الدفاعي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي.
وتحتل بولندا، الواقعة على خط المواجهة ضد روسيا، موقع الصدارة مع تحول مركز الثقل إلى وارسو، التي ستنفق هذا العام ما يصل إلى 4 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع، والبولنديون أصحاب خبرة تاريخية عميقة في التعرض للخذلان من الحلفاء، وهم يعتمدون على الولايات المتحدة، حيث شهد مارس (آذار) من العام الجاري إنشاء حامية تابعة للجيش الأمريكي في بولندا، لتكون بذلك الحامية العسكرية الدائمة الثامنة للقوات الأمريكية في أوروبا.
وتشمل السياسة البولندية على عنصر تأمين معقول تحسباً لإحجام الإدارة الأمريكية الجديدة عن الدفاع عنها كما ينبغي، وعلى بريطانيا أن تفعل الشيء نفسه، وأن تستعد لإنفاق المزيد.
وأشار الكاتب إلى أن هناك أيضاً مناقشات ضرورية حول الحاجة إلى زيادة قدرة أوروبا على تصنيع الذخائر التي يستهلكها المجهود الحربي في أوكرانيا زيادة كبيرة، وتستدعي هذه الصناعة مزيداً من اليقين من السياسيين، وكان من الأفضل لكل ذوي الصلة أن يسرعوا الخطى.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: “رئاسة ترامب ليست مضمونة بالطبع.. ففي القرن الماضي من الهيمنة الأمريكية، رأينا العديد من الأمثلة على تدخل الطبيعة لتغيير مظهر السباق الرئاسي والدفع بمرشحين مختلفين عن المرشحين المتوقعين، لكن من الأفضل أن نستعد للسيناريو الأسوأ فيما يحدونا الأمل في تلقي مفاجأة سارة”.