الإعلان عن “تسهيلات” ومواصلة العمليات العسكرية… ماذا يريد الاحتلال في الضفة؟
الضفة المحتلة خاص قُدس الإخبارية: في الوقت الذي تزعم فيه حكومة الاحتلال أنها تنوي تقديم “تسهيلات”، كما تعرفها، للسلطة الفلسطينية تواصل اقتحام المدن والبلدات في الضفة والقدس المحتلتين، وتنفيذ حملات اعتقالات وتفجر منازل الشهداء والأسرى.
سياسة الإعلان عن “تسهيلات اقتصادية” في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال عملياته العدوانية، في الضفة والقدس المحتلة، يطرح تساؤلات متعددة عن طبيعة المشروع الكبير على المستوى السياسي الاستراتيجي الذي يحكم تفكير المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، في دولة الاحتلال، بخصوص “ضبط” المنطقة، التي تصاعدت فيها المقاومة، في الشهور الماضية، وسجلت ارتفاعاً في أعداد القتلى بين الجنود والمستوطنين.
كيف نفهم سلوك الاحتلال؟
المتخص في الشؤون الإسرائيلية، عماد أبو عواد، يرى أن الاحتلال “يتحدث عن تسهيلات من أجل إرضاء السلطة ودفعها نحو العمل ضد المقاومة في الضفة”.
وأشار إلى ضرورة “إسرائيلية” أخرى يريد الاحتلال تحقيقها من خلال السلطة وهي “تولي شؤون الفلسطينيين الإدارية والمالية وغيرها وترفع عنها هذا العبء”.
وأكد في لقاء مع “شبكة قدس”، أن الاحتلال يرى أن “سلطة قوية في السياق الذي يريده أفضل من سلطة ضعيفة انهيارها يفتح الباب على خيارات غير مرغوبة إسرائيليا”.
هل ينفذ سموتريتش أجندته لإنهاء السلطة؟
وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، الذي يتزعم أيضاً حزب “الصهيونية الدينية” أعلن في مقالات ولقاءات، خلال شهور ماضية، على أن مشروعه هو السيطرة التامة على الضفة المحتلة، حتى لو كان ذلك بإضعاف السلطة، وقال إن “إسرائيل مستعدة لتولي كل المسؤوليات”، في المقابل أكد قادة سابقون وحاليون في المنظومة السياسية والأمنية في دولة الاحتلال أن “الحفاظ على السلطة خيار استراتيجي يجب العمل على صيانته”، وهو ما يفتح الباب أمام خيارات متعددة للبحث فيها إسرائيليا.
أبو عواد يرى أن “سموتريتش يريد ممارسة ضغط كبير على السلطة ويعلن في الوقت ذاته أنه لا مشكلة في إنهاء السلطة”.
ويضيف: تصريحات سموتريتش تأتي في سياق إيمانه وأفكاره الأيدلوجية ولكنها في سياق آخر مهم وهو تبادل الأدوار بين الأطراف السياسية الإسرائيلية، والهدف منها دفع للسلطة للتفكير في الحفاظ على البقاء، لذلك فالإجماع في دولة الاحتلال حالياً هو الحفاظ على بقاء السلطة، وتصريحات سموتريتش تأتي في سياق أيدلوجي وليس عملي حتى اللحظة، في ظل أن تيار الصهيونية الدينية لم يتمكن من السيطرة على كل مفاصل “إسرائيل”.
وحول رؤية المؤسسة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال في هذا الملف، يقول أبو عواد: المستوى الأمني قادر على التأثير على قرارات الحكومة، وهو مؤمن بضرورة دعم السلطة، لكن لديه رؤية أمنية ترى أنه يجب توسعة الاستيطان والبقاء في الضفة المحتلة، ولكنه أكثر براغماتية من الصهيونية الدينية.
ويعتقد أبو عواد أن “السلطة لا تستطيع الاستجابة لكل ما يريده الاحتلال”، وأضاف: السلطة تدرك أن مزيد من الضغط يؤدي للانفجار، جزء من أبناء الأجهزة الأمنية لا يقبل بالذهاب لصدام داخلي، وهي مؤمنة أن النظرة لها في الشارع أصبحت سوداوية وتحتاج لترميم هذه الصورة، والذهاب لصراع داخلي يفتح الباب أمام سيناريوهات مقلقة لها.
عن سيناريوهات المستقبل
وفي سياق متصل، يرى الباحث والكاتب السياسي أشرف بدر أن السياسة الأمنية للاحتلال ترى أنه “لا تعارض بين العمل العدواني في الضفة في محاولة لتفكيك البنية التحتية والتنظيمية للمقاومة في الضفة وخاصة في شمالها والعمل في جانب آخر على تقوية السلطة لمنع انهيارها مما يقود لفراغ قد يؤدي للفوضى أو صعود قوى مسلحة”.
وأكد أن الاحتلال يعتقد أن “وجود السلطة مصلحة أمنية إسرائيلية”، ويضيف: هذا الرأي يتعارض مع آراء وزراء الصهيونية الدينية مثل بن غبير وسموتريتش لكن الجهات النافذة مثل نتنياهو والأجهزة الأمنية والعسكرية فرضوا رؤيتهم على هذه الأحزاب حتى اللحظة.
واعتبر أن ما يجري هو عملية “تفريغ للمشروع السياسي الذي انطلقت به السلطة ومحاولة تحويلها لأداة أمنية”.
وعن سلوك السلطة، يقول بدر في لقاء مع “شبكة قدس”: السلطة تحاول إعادة السيطرة في مناطق خاصة في جنين، لكن لم تتم العملية بالكامل، ونخشى أن تصل الأمور للصدام الداخلي بين أطراف فلسطينية، في ظل الضغط الإسرائيلي المستمر على السلطة لمنع العمليات.
وحول رؤية فصائل المقاومة، أضاف: الموقف المعلن من قوى المقاومة أنها ضد الاحتراب الداخلي والصدام، لكن الإشكالية أن الأحداث قد تنجرف إلى مستوى غير مخطط له من قبل الطرفين سواء السلطة أو المقاومة، وهذا ما لا نتمناه، ونرجو أن يحافظ العقلاء على “ِشعرة معاوية” ويمنعوا الصدام، والأمل على وعي الشعب الفلسطيني في منع الصدام الداخلي.
وعن السيناريوهات التي يتداولها الاحتلال في التعامل مع احتمال انهيار السلطة، يوضح: الاحتلال يطرح سيناريوهات مختلفة بينها تنصيب روابط قرى أو التعامل مع رجال أعمال، لكنهم يتعاملون مع الأمر الواقع ويفضلون التعامل مع جهة مركزية واحدة، يتعاملون معها من خلال سياسة “المنع والمنح”، ولكن في حال انهارت السلطة بسبب عوامل داخلية، يطرحون التعامل مع عائلات أو روابط قرى أو ميلشيات، لكنها خيارات غير مفضلة، وتاريخياً ثبت أن هذه النماذج مثل روابط القرى فشلت فشلاً كبيراً.