اخبار فلسطين

فايننشال تايمز: عزلة “إسرائيل” الدولية تتعمق مع اتساع رقعة الإدانة

لندن قدس الإخبارية: تواجه “إسرائيل” عزلة دولية متزايدة، وسط تصاعد المخاوف بين مواطنيها، خاصة المسافرين ورجال الأعمال، من ردود الفعل العدائية على خلفية حربها المدمرة في قطاع غزة، ما دفع محللين إلى التحذير من أن الدولة العبرية تقترب من وضع “الدولة المنبوذة”.

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن حادثة وقعت هذا الصيف عكست هذا التحول؛ إذ منعت سلطات جزيرة سيروس اليونانية سفينة سياحية إسرائيلية، تقل نحو 1600 راكب قادمة من حيفا، من الرسو في مرفأ الجزيرة، بعدما تجمّع مئات السكان هاتفين “فلسطين حرة”، ما أجبر السفينة على تغيير مسارها إلى قبرص لأسباب أمنية. هذا الموقف أثار قلق الإسرائيليين، خاصة أن اليونان تُعد الوجهة السياحية الأكثر شعبية لديهم، ولها علاقات وثيقة معهم على المستويات الدبلوماسية والعسكرية والثقافية.

التقرير أشار إلى أن العزلة التي حذر منها وزير الدفاع الأسبق إيهود باراك عام 2011، والتي وصفها حينها بـ”التسونامي الدبلوماسي”، باتت اليوم واقعًا ملموسًا. فقد أكد السفير الإسرائيلي السابق في ألمانيا، جيريمي إيساخاروف، أن إسرائيل لم تواجه من قبل وضعًا بهذه الخطورة من حيث تدهور مكانتها الدولية وتزايد الهجمات على شرعيتها، حتى من جانب أقرب حلفائها.

ومع ارتفاع أعداد الضحايا في غزة واقتراب القطاع من المجاعة نتيجة القيود على المساعدات، اشتدت الإدانات العالمية للحرب، خاصة بعد تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمواصلة العمليات العسكرية. المستشار الألماني فريدريش ميرتس أعلن أن الرد الإسرائيلي “لم يعد مبررًا”، فيما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التصعيد بأنه “كارثة وشيكة”. أكثر من 12 دولة، بينها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماعات الأمم المتحدة الشهر المقبل.

التداعيات لم تتوقف عند السياسة؛ إذ أوقفت ألمانيا شحنات أسلحة لإسرائيل، وباع صندوق النفط النرويجي أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم جزءًا من استثماراته هناك. كما بدأ القلق يظهر في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، خصوصًا بين المستثمرين الأوروبيين الذين عبّر بعضهم عن رفضهم الاستثمار في دولة تمنع دخول المساعدات إلى غزة.

أما في الولايات المتحدة، فقد أظهر استطلاع لمؤسسة “غالوب” أن 32% فقط من الأمريكيين يؤيدون العمليات العسكرية الإسرائيلية، مع تراجع الدعم بين الديمقراطيين والمستقلين، وإن ظل الرئيس السابق دونالد ترامب على موقفه المؤيد لتل أبيب.

الحكومة الإسرائيلية ردّت على الانتقادات الأوروبية باعتبار الاعتراف بالدولة الفلسطينية “مكافأة لحماس”، مؤكدة أنها ستمضي في الحرب “بدعم الآخرين أو بدونه”. حتى بعض المسؤولين الإسرائيليين المنتقدين لنتنياهو يرون أن الضغط يجب أن يوجه إلى الحكومة لا إلى الشعب.

ورغم أن هذه التطورات لم تغيّر كثيرًا من الحياة اليومية داخل إسرائيل، فإن الإعلام الإسرائيلي حافل بتقارير عن ملاحقات قضائية لجنود سابقين بتهم جرائم حرب، واعتداءات على سياح ومطاعم إسرائيلية في الخارج، فضلًا عن إلغاء مشاركات فنية ورياضية بسبب “مخاوف أمنية”. السلطات الإسرائيلية نصحت مواطنيها المسافرين بالتقليل من إظهار هويتهم.

المخاوف الرسمية تتجه نحو فرض عقوبات إضافية قد تمنع إسرائيل من المشاركة في فعاليات دولية، وتوسع حظر السلاح، وتلغي السفر بدون تأشيرة. وكما قال إيساخاروف: “في عالم معولم، لا دولة ولا إنسان يمكن أن يعيش معزولًا”.