«المراهنات الإلكترونية».. فخ لاصطياد الباحثين عن الكسب السريع فى عصر التطبيقات

كتب – أحمد محفوظ:
نشر في:
الخميس 21 أغسطس 2025 – 11:43 م
| آخر تحديث:
الخميس 21 أغسطس 2025 – 11:43 م
شاب: الحكاية بدأت بمكاسب وانتهت بخسارة كبيرة
محامٍ: لا يوجد نص قانونى صريح يجرمها أو يعاقب القائمين عليها
لم تعد المراهنات تقتصر، على صالات القمار التقليدية، بل انتقلت لتصبح فى متناول أى شخص يمتلك هاتفً محمولا، عبر تطبيقات إلكترونية تنتشر بسرعة كبيرة وتُروّج لنفسها بقوة على منصات التواصل الاجتماعى.
هذه الظاهرة لم تعد مجرد نشاط غير مشروع يسعى أصحابه لتحقيق أرباح سريعة، بل امتدت لتولد جرائم أخرى مثل النصب، وغسل الأموال، والسرقة، وصولًا إلى القتل، ما دفع النائبة مرثا محروس، إلى التقدم بمشروع قانون خاص بتجريم المراهنات الإلكترونية إلى مجلس النواب فى يناير الماضى، إلا أنه لم يناقش حتى فض انعقاد المجلس فى يوليو الماضى.
وتلاحق الأجهزة الأمنية القائمين على إدارة تلك التطبيقات فى مصر، وسبق أن ضبطت 28 متهمًا أنشأوا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعى للترويج للمراهنات، وخصصوا محافظ إلكترونية لتلقى وتحويل الأموال من خلالها، وأحيلوا للمحاكمة أمام المحكمة الاقتصادية التى لم تصدر حكمها بشأنهم حتى الآن.
يروى أحد الشباب تجربته مع المراهنات، عبر أحد التطبيقات الشهيرة، قائلًا إنه دخل هذا العالم بدافع الفضول بعد أن علم أن شقيقه الأصغر ربح بعض المال من خلاله.
وأضاف الشاب فى تصريحاته لـ«الشروق»: «وجدت الأمر بسيطا للغاية، حيث كل ما علينا فعله هو تحميل التطبيق وشحن مبلغ مالى من خلال المحفظة الإلكترونية، وبعد شحن المبلغ، تفاجنأ بكمية الألعاب الافتراضية المخصصة للمراهنات، أشهرها لعبة الطائرة التى يراهن فيها الشخص على طائرة تحلق، وكلما زادت مسافة تحليقها تضاعفت الأرباح، بشرط إنهاء الرهان قبل سقوطها المفاجئ».
وأكمل: «تشمل المراهنات مباريات كرة القدم، حتى فى الدرجات الأدنى، ويمكن الرهان على تفاصيل صغيرة مثل حصول لاعب على إنذار، وكلما كان الرهان مختلفًا، زاد الربح».
ويستطرد الشاب فى حديثه: «فى البداية حققت مكاسب وتضاعفت قيمة المبلغ الذى أودعته، ولكنه انتهى بخسارة كل شىء، وشعرت بالضيق والغضب وأردت تعويض خسارتى، لكننى أدركت أننى وقعت فى الفخ، فقمت بحذف التطبيق بشكل نهائى».
وينص مشروع القانون الذى تقدمت به النائبة مرثا محروس، على عقوبات منها الحبس 6 أشهر إلى 5 سنوات وغرامات تصل إلى 5 ملايين جنيه لوكلاء المراهنين والمسئولين عن إدارة المراهنات بأى شكل وكل من سهل لهم عمليات دفع الأموال، على أن تؤول تلك الغرامات إلى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.
ومن جانبه قال المحامى عبد الرازق مصطفى، إن القانون المصرى يواجه تحديًا فى مواجهة التطور السريع لظاهرة المراهنات عبر الإنترنت، إذ إنه لا يوجد نص قانونى صريح يجرم المراهنات الإلكترونية بحد ذاتها، ولكنها تندرج تحت نصوص قانونية أخرى.
وأضاف مصطفى فى تصريحات لـ«الشروق»، أن المادة 352 من قانون العقوبات هى الأساس فى تجريم ألعاب القمار بشكل عام، والتى تعاقب كل من أنشأ أو أدار محلًا للمقامرة أو عاون فى تنظيمه يُعاقب بالحبس أو الغرامة لا تجاوز ألف جنيه. وعلى الرغم من أن هذه المادة صيغت للتعامل مع الأماكن المادية، إلا أن بعض التفسيرات القانونية والقضائية تطبقها على المواقع والتطبيقات الإلكترونية باعتبارها أماكن للمقامرة.
وأشار إلى أنه يمكن استخدام المادة 336 من قانون العقوبات، التى تتعلق بالاحتيال والنصب، فى الحالات التى تتضمن فيها المنصة غشًا أو تلاعبًا بالنتائج.
وأكد مصطفى، أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يُعد الأداة الرئيسية للتعامل مع الجرائم الإلكترونية فى مصر، وبالرغم من عدم وجود نص مباشر يجرم «المراهنات الرقمية» بالاسم، يمكن استخدام المادة 25 من القانون، التى تتعلق بالمساس بالآداب العامة والقيم الأسرية، حيث يُفسر الترويج لهذه المراهنات أو إدارتها عبر الإنترنت على أنه انتهاك للقيم المجتمعية.
لم يقتصر الأمر على الجانب القانونى والأمنى، حيث تدخل مركز الفتوى الإلكترونى بالأزهر الشريف، وأكد فى بيان رسمى سابق، أن المراهنات التى تُجرى على التطبيقات ومواقع التواصل، والتى يدفع فيها المشتركون أموالًا لا يحصل عليها إلا الفائز، هى «عين من القمار المحرم شرعًا».