في ذكرى “هبة القدس”… جراحات الأقصى تستغيث
فلسطين المحتلة قُدس الإخبارية: “مساء الخير لكل شخص الأقصى شاغل باله”، بهذه الكلمات البسيطة عبَر الشهيد مهند الحلبي عن ما شغل باله وعقله، قبل أسابيع من عمليته، كان هو هموم المسجد الأقصى والاعتداءات الوحشية التي تعرض لها المرابطون والمرابطات، في تلك الأيام، من عام 2015، في سياق المعركة على فرض “التهويد” على المسجد.
في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر، وصل مهند الحلبي الطالب في جامعة القدس/ أبو ديس، رفقة زميله عبد العزيز مرعي الذي اعتقلته قوات الاحتلال لاحقاً، بتهمة تقديم المساعدة للشهيد، ونفذ عملية طعن في شارع الواد قتل خلالها مستوطنين وأصاب آخرين، وارتقى على أرض قريبة من الأقصى الذي جاء للدفاع عنه.
كانت عملية الحلبي شرارة فجَرت شرارات أخرى في ما أطلق عليه لاحقا اسم “هبة القدس”، أو “انتفاضة السكاكين”، في موجات من العمليات التي غلب على أغلبها الطابع الفردي، وتنوعت بين الطعن بالسكاكين والدهس وإطلاق النار والعبوات، وأدت لمقتل عدد من المستوطنين وجنود الاحتلال، وضربت في مختلف مناطق فلسطين المحتلة.
قبل أيام من عملية الحلبي، استشهد زميله في الجامعة ضياء التلاحمة أحد كوادر سرايا القدس خلال نصبه كميناً لقوة من جيش الاحتلال قرب مدينة دورا، ونفذت خلية من القسام عملية إطلاق نار قرب مستوطنة “إيتمار”، كانت هذه كلها إيذاناً بهبة جديدة انطلقت تحت ذات العنوان الذي انتفض تحته الفلسطينيون، عدة مرات، في تاريخهم وهو “القدس والمسجد الأقصى”.
استمرت “هبة القدس”، شهوراً متواصلة، وتراوح الفعل النضالي فيها بعد مراحل عالية من العمليات وأخرى تتراجع فيها في ظل العمل الأمني والعسكري المكثف الذي شنته قوات الاحتلال لإحباطها، وأسفر عن استشهاد العشرات واعتقال آلاف الفلسطينيين، ورغم ذلك نجح الفدائيون في الوصول إلى قلب القدس والمدن المحتلة، وتنفيذ ضربات نوعية فيها، بأقل الإمكانيات.
امتدت “هبة القدس” إلى الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وشارك فيها فلسطينيون من هناك بينهم مهند العقبي، ونشأت ملحم، ومحمد أحمد جبارين، ومحمد حامد جبارين، ومحمد أحمد مفضل جبارين، وشادي بنَا وآخرين.
وخلال هذه الشهور، خاضت القدس المحتلة هبات شعبية أسفرت عن انتصارات في ملفات متعددة من المواجهة مع الاحتلال، بينها هبة البوابات الإلكترونية، ومصلى باب الرحمة، وغيرها وحافظت بلداتها على موقعها المتقدم في المواجهات اليومية.
لم تنته “هبة القدس” فعلياً حتى دخل الفلسطينيون تجربة جديدة من النضال، بعد صعود المقاومة المسلحة، في مناطق مختلفة من الضفة المحتلة، خاصة في شمالها “جنين، ونابلس، وطولكرم، وطوباس” وغيرها، وامتداد العمليات إلى مناطق مختلفة.