اقتصاد

خبراء: تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر يؤثر سلبًا على تدفقات رءوس الأموال الأجنبية


كتبت ــ أميرة عاصى وسارة حمزة:


نشر في:
الخميس 12 أكتوبر 2023 – 6:58 م
| آخر تحديث:
الخميس 12 أكتوبر 2023 – 6:58 م

أبو الفتوح: المستثمرون يبحثون عن عائدات أعلى ولكن من استثمارات أقل خطورة
موديز تخفض تصنيف 5 بنوك مصرية.. وخبير: سيؤثر على الدخول فى قروض مشتركة
شفيع يتوقع رفع الفائدة على أدوات الدين الحكومية المقومة بالدولار لـ7%

سيؤثر تخفيض مؤسسة موديز، التصنيف الائتمانى لمصر، على تدفقات رءوس الأموال الأجنبية سواء فى الأوعية الاستثمارية المباشرة أو غير المباشرة، حيث يعطى تصورا أن البيئة الاستثمارية فى مصر عالية المخاطر، ويزيد من الشكوك فى قدرة الدولة على الالتزام بسداد ديونها، وفق ما يرى عدد من الخبراء والمحللين، مؤكدين أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر يؤدى أيضا إلى خروج الأجانب من الاستثمار فى أدوات الدين والبورصة، نتيجة لتخوفهم من عدم إمكانية استرداد أموالهم، كما توقعوا أن يؤدى تخفيض التصنيف لرفع أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
فى سياق متصل، أعلنت موديز أمس الأول خفض التصنيف الائتمانى لـ 5 بنوك مصرية وهى البنك الأهلى المصرى، وبنك مصر، وبنك القاهرة، والبنك التجارى الدولى، إلى Caa1 من B3؛ وبنك الإسكندرية إلى B3 من B2.
وخفضت وكالة «موديز إنفستورز سيرفيس»، الخميس الماضى، التصنيف الائتمانى لمصر بنحو درجة واحدة مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقالت المؤسسة إن تصنيف إصدارات الحكومة المصرية طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية هبط إلى «Caa1» بدلا من «B3».
وكانت الوكالة خفضت تصنيف مصر السيادى، فى شهر فبراير الماضى إلى «B3» بدلا من «B2»، وعدلت النظرة المستقبلية إلى «مستقرة» بدلا من «سلبية»، وذلك فى وقت تسعى فيه مصر لتوفير تدفقات دولارية بعد أن تم تأجيل مراجعتين لبرنامجها مع صندوق النقد الدولى.
ويقع تصنيف «Caa1» فى المرتبة السابعة بالدرجة غير الاستثمارية لـ«موديز»، وتفصله 16 درجة عن أعلى تصنيف للوكالة، ويعكس تدهور قدرة مصر على سداد ديونها، واستمرار نقص العملة الأجنبية مقابل الزيادة المستمرة فى مدفوعات خدمة الديون الخارجية على مدى العامين القادمين، ومحدودية الخيارات السياسية لإعادة التوازن إلى الاقتصاد دون تفاقم المخاطر الاجتماعية.
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين، إن تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتمانى لمصر يشير إلى احتمالية عدم تمكن مصر من سداد الديون، نتيجة لأزمة شح الدولار والفجوة التمويلية التى تشهدها خلال الفترة الحالية، وعدم تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مضيفا أن تخفيض التنصيف الائتمانى يعطى تصورا أن مصر أصبحت سوقا عالية المخاطر، وبالتالى ستكون نظرة رءوس الأموال الأجنبية لها، بها حالة من التحوط، وإعراضهم عن ضخ استثمارات فى مصر سواء مباشرة أو غير مباشرة، نتيجة لتخوفهم من عدم إمكانية استرداد أموالهم.
وأوضح أن المستثمرين الذين سيتجهون للاستثمار فى مصر هم المحبون للاستثمارات عالية المخاطر، وهو ما سيضطر الدولة لرفع أسعار الفائدة على أدوات الدين المحلية الدولارية لتتمكن من جذبهم، و«لكن هذا سيحمل الموازنة العامة للدولة ما لا تطيق»، لافتا إلى أن السندات الدولية حدث عليها بيع بشكل كبير بعد قرار تخفيض التصنيف الائتمانى، لذلك ستحتاج الدولة إلى زيادة اسعار الفائدة بشكل كبير عند طرح هذه السندات مرة أخرى.
وأشار إلى أن مصر رفعت أسعار الفائدة خلال هذا العام بشكل تدريجى لجذب المستثمرين، حيث طرحت سندات خزانة مقومة بالدولار بفائدة 4.5% فى بداية 2023، ثم حدث إصدار آخر فى شهر يونيو بفائدة 5.2%، متوقعا أن تواصل الدولة رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر إلى مستويات تترواح بين 6.5% و7% بعد تخفيض التصنيف، لجذب المستثمرين للاستثمار فى أدوات الدين الحكومية المقومة بالدولار.
من جانبه قال محمد حسن، مدير صناديق الاستثمار بشركة «أودن» للاستثمارات المالية، إن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر يضر بالاقتصاد وسيؤثر سلبا على الاستثمار بشكل عام، حيث سيؤدى لتخارج المستثمرين ليس فقط على مستوى أدوات الدين، ولكن من الاستثمار فى البورصة أيضا، موضحا أن يجب زيادة أسعار الفائدة لجذب المستثمرين الأجانب الذين يفضلون الاستثمارات عالية المخاطر.
وأوضح حسن، أن إصدارات السندات الدولية الموجودة فى السوق الثانوية كانت تباع بمتوسط فائدة بين 14 و15% فى الفترة الأخيرة، وحاليا بعد التخفيض من المتوقع أن نرى ارتفاعا فى أسعار الفائدة فى التداول فى السوق الثانوية لتصل إلى مستويات أعلى من الـ 20% مرة أخرى، نتيجة لرغبة الأجانب فى التخارج، مشيرا إلى أنه عندما حدث تخفيض تصنيف سابقا ارتفعت التداولات فى السوق الثانوية إلى 24% حيث كان الأجانب يبيعون السندات بخسائر كبيرة للتخارج.
قال شهاب حلمى، خبير اقتصادى بأحد البنوك المصرية، إن خفض التصنيف الائتمانى للبنوك المصرية سيؤثر بالسلب على البنوك فى حالة الدخول فى قروض مشتركة مع بنوك خارجية أو تسليف أحد الجهات الخارجية أو تقدمها للحصول على قرض من الخارج.
ويرى أن التصنيف الائتمانى لبنك الإسكندرية جاء أفضل من البنوك الأخرى مع امتلاك بنك سان باولو 80% منه، ما يعطى قدرة أقوى للمساندة عن باقى البنوك.
من جانبه يرى هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى، إن خفض التصنيف الائتمانى لمصر جاء نتيجة لارتفاع مخاطر السيولة والمعاملات الخارجية لمصر، والتى ترجع إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبى، وارتفاع معدل التضخم، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى زيادة الضغط على الموازنة الحكومية.
وتوقع أن يؤثر تخفيض التصنيف سلبا على الاستثمارات الأجنبية فى أذون وسندات الخزانة الحكومية، حيث سيؤدى إلى انخفاض الطلب عليها من قبل المستثمرين الأجانب، لأنهم يبحثون عن عائدات أعلى ولكن من استثمارات أقل خطورة، مشيرا إلى أن التخفيض سيدفع الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة الحكومية فى ضوء ارتفاع مخاطر الاستثمار، مما يزيد من تكلفة الاقتراض عليها.
من جانبه قال الخبير الاقتصادى مدحت نافع، إن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر يضع ضغوطا جديدة على تكلفة الدين، كما يضغط على تمويل عجز الموازنة والمدفوعات، ويؤثر سلبا على تدفقات رءوس الأموال فى أى أوعية سواء كانت استثمارات مباشرة أو غير مباشرة، ويعطى تصورا بأن مصر بيئة عالية المخاطر، ويزيد من الشكوك فى قدرة الدولة على الالتزام بسداد ديونها، ما يضغط على الدولة بشكل كبير، خاصة ان الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة هى الوسيلة التى تلجأ إليها الحكومة فى تمويل العجز وسداد الالتزامات، مشيرا إلى أن إبقاء النظرة المستقبلية مستقرة يشير إلى أنه إذا لم يحدث أى جديد ستظل هذه النظرة كما هى فى المراجعه القادمة، ولكن إذا رأت الوكالة أن هناك جديدا سلبيا ستخفض التصنيف مرة أخرى.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية تتعلق بنقص النقد الأجنبى وذلك بعد تداعيات اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير من العام الماضى، وخروج نحو 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.