اخبار المغرب

باحثون يرصدون تحديات تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي بالمغرب

تفاعلا مع تعبير نواب برلمانيين عن استعدادهم للمساهمة رفقة الحكومة في تنزيل نص تشريعي ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي، لفت خبراء وباحثون في التطوير والأمن المعلوماتي الانتباه إلى وجود تحديات عديدة يفرضها إخراج هذا النص إلى حيز الوجود، خصوصا تلك المرتبطة بتعدد أدوات الذكاء الاصطناعي ونماذجها وتنوع استخداماتها ومدى فائدتها أو خطورتها حسب كل قطاع أو ميدان على حدة.

وأكد فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، على لسان عضوه عبد اللطيف الزعيم، الأسبوع الماضي خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية، لأمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، استعداده “للمساهمة رفقة الحكومة في تنزيل تشريع ينظم عمل الذكاء الاصطناعي، وانخراطه في تشجيع الرقمنة؛ لأن هناك فراغا تشريعيا في هذا المجال”.

وأبرز الخبراء والباحثون في المجال أنه، إضافة “إلى كونه مستهلكا لأدوات الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف، وليس منتجا، فإن المغرب سيواجه تحديا رئيسيا آخر يتمثل في أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تكون خطرة إذا استخدمت من قبل مؤسسات دون غيرها، وفي غرض معين دون آخر؛ مثل توظيف “شات جي بي تي” في المراسلات من قبل المسؤولين والموظفين بالمؤسسات الرسمية على سبيل المثال”، داعين إلى “تنظيم دورات تكوينية من أجل شرح هذه التحديات لفائدة النواب البرلمانيين حتى يكون التشريع في هذا الجانب دقيقا”.

وفي مطلع شهر غشت الماضي، دخل حيز التنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، الأول من نوعه على مستوى العالم، والذي يؤطر عمليات تطوير واستخدام وتشغيل أدوات الذكاء الاصطناعي داخل دول الاتحاد؛ حيث يصنفها حسب مستوى خطرها إلى أربع فئات: الأدوات ذات المخاطر غير المقبولة التي يمنع يحظر تطويرها أو استخدامها، ثم ذات المخاطر العالية التي يجب إخضاعها للتقييم قبل تسويقها، ثم الأدوات ذات المخاطر المحدودة، فالأدوات منخفضة المخاطر.

تحديات التقنين

حسن خرجوج، خبير في التسويق الرقمي والتطوير المعلوماتي، قال إنه “من الناحية المبدئية، فإن تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي بالمغرب يفرض ضرورة وضع نص قانوني ينظمها، رغم أن صعوبات كثيرة ستطرح على مستوى التقنين”، مضيفا أنه “إقرار هذا النص يتطلب فهما واسعا من لدن البرلمانيين لخصوصية أدوات الذكاء الاصطناعي وتنوع استخداماتها حسب كل قطاع وحسب الجهة المستخدمة”.

وأوضح خرجوج، في تصريح لهسبريس، أن “إذا كان النص القانوني سيحظر بعض الأدوات حسب مستوى خطورتها، مثلما فعل في قانون تنظيم الذكاء الاصطناعي بالاتحاد الأوروبي، فيجب أن نستحضر هنا أن بعض الأدوات قد تكون خطرة إذا استخدمت في سياق معين ومن قبل جهة، ولن تكون كذلك في حال وظفت في سياق آخر ومن قبل جهة أخرى”، لافتا إلى أن “ثمّة بعض الأدوات التي يجب حظرها على مستوى بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية فقط، وأخرى يجب منعها على المواطنين كذلك من قبيل تلك المستخدمة في التشخيص الطبي”.

واستحضر الخبير في التسويق الرقمي والتطوير المعلوماتي، في هذا الشأن، أن “تطبيق “شات جي بي تي”، على سبيل المثال، يجب أن يمنع استخدامه التقنين من قبل المسؤولين والموظفين بالوزارات والمؤسسات الحكومية في صياغة المراسلات إلى المرؤوسين أو المصالح اللاممركزة”، شارحا أن “بعض هذه المراسلات قد ترد فيها كلمات السر الجديدة لبعض الخدمات؛ ما ينطوي على خطر رقمي كبير، نظرا لأن “شات جي بي تي”، باعتباره مستقبلا للبيانات، قد يحتفظ بكلمات السر هذه في قاعدة بياناته”.

وشدد المتحدث ذاته على أهمية “مساهمة الأكاديميين وخبراء التطوير المعلوماتي في ورش التقنين هذا، من خلال المساهمة في تأطير دورات تكوينية حضورية أو على الإنترنيت للنواب البرلمانيين، من أجل تمكينهم من صورة شاملة حول استخدامات الذكاء الاصطناعي ومدى خطورتها في كل سياق على حدة، من أجل معرفة الأدوات التي سيتم حظرها أو تقييدها وعلى أي جهة”.

“ضرورة التكوين”

أكد الطيب الهزاز، خبير في الأمن المعلوماتي، أن “تقنين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يستوجب أن يكون النائب البرلماني على دراية كبيرة بمختلف الإمكانيات التي يتيحها وأخطاره وتداعياته السلبية؛ نظرا لأن نسبة من النواب تتحدث عن التقنين كمفهوم فقط”، بتعبيره، مبرزا “أهمية وجود قانون ينظم هذه الاستخدامات، خصوصا أن المغرب مقبل على تنظيم تظاهرات كبرى في العالم؛ ما يعني أنه سيحتاج الذكاء الاصطناعي، وسيستفيد منه في مجالات عديدة”.

ودعا الهزاز، في تصريح لهسبرس، إلى أن تتم مواكبة النواب من قبل تقنيين ومهندسين وخبراء في ميدان الذكاء الاصطناعي، من أجل ألا يكون هناك توجه نحو منع بعض استخداماته التي قد تكون مفيدة وجار بها العمل في دول أخرى، مثل تلك المتعلقة بالمجال الطبي”.

وأوضح الخبير في الأمن المعلوماتي أنه في هذا الجانب “يجب أنه يكون هناك توزيع استمارات على كل قطاع وزاري أو مؤسسة حكومية، لكي يوضح الإمكانات التي يتيحها له الذكاء الاصطناعي، والتحديات التي يطرحها بالنسبة له، حتى يكون تشريع المغرب لهذا الميدان دقيقا ومحددا ولا يستهدف العموميات”، بتعبيره.

وتابع المتحدث عينه قائلا: “كخبراء في هذا الميدان، لدينا استعداد أن نجلس مع هؤلاء البرلمانيين لإحاطتهم علما بكل ما يحتاجونه من أجل إجراء هذا التقنين”، مشددا على أن “المغرب لا مفر له من تعميم استخدام الذكاء الاصطناعي، مثلما فعلت كثير من الدول. وقد رأينا مثلا كيف أن شركة “TLS Contact” لجأت إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وتحديدا مكالمات فيديو، في حجز مواعيد الفيزا؛ من أجل القضاء على السمسرة في هذه المواعيد”.