تجربتي في تنسيق الملابس.. كيف عثرتُ على هويتي في خزانتي الخاصة؟

الملابس ليست فقط وسيلة لحماية الجسم من العوامل الخارجية، بل هي أداة تواصل غير لفظية تعبّر عنا بطرق دقيقة ولا واعية. فاختيارنا لقميص بسيط بلون حيادي، أو جاكيت لامع بلون جريء، قد يكون انعكاساً لما نشعر به داخلياً، أو كيف نريد أن يُنظر إلينا من قبل الآخرين.
قرأت يوماً بحسب علم النفس بأن الملابس هي شكل من “التعبير الرمزي”. فكما يستخدم الرسام الألوان لتجسيد مشاعره، نستخدم نحن الملابس كلغة نُظهر بها هويتنا. سواءً كنت تدركين ذلك أم لا، فكل قطعة ترتدينها تقول شيئاً عنك: ثقتك بنفسك، ذوقك الفني، طبقتك الاجتماعية، أو حتى مزاجك في تلك اللحظة.
البحث عن الهوية في خزانة ملابسك
أسلوبنا الشخصي في اللباس ليس صدفة. فالأزياء ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنوع شخصيتنا، فحتى ذوقنا في الملابس قد يتأثر بتجاربنا التي مررنا بها في الطفولة، أو هو مرتبط بالصورة الذاتية التي نريد تقديمها للعالم. فالبعض يرتدي ملابس أنيقة ليشعر بالانتماء، أو ربما ليخفي مشاعر عدم الأمان التي يحملها، فأسلوبنا بتنسيق الملابس مرتبط بهويتنا والعثور عليه هو رحلة تساعدنا في العثور على هويتنا. يُقسّم الباحثون في علم النفس الشخصيات إلى أنماط، وكل نمط يُظهر ميلاً معيّناً في الأسلوب:
• الشخص التحليلي والمنظم يميل لاختيار تصاميم كلاسيكية وألوان محايدة، تعكس هدوءه وحرصه على الترتيب.
• الشخص الإبداعي والمنفتح غالباً ما يغامر بالألوان الغريبة، والأنماط المختلفة، ويرى في ملابسه وسيلة للابتكار.
• الشخص العملي يركز على الراحة والوظيفة، فيميل إلى اختيار ملابس عملية بعيدة عن التعقيد.

من المثير أن نعلم أن الملابس لا تعكس فقط الحالة النفسية، بل يمكنها أيضاً التأثير عليها. يُعرف هذا في علم النفس بمصطلح “cognitive dressing” أي أن ما نرتديه يمكن أن يحفز شعوراً معيناً في داخلنا. فارتداء ملابس أنيقة قد يعزز الشعور بالثقة، وملابس رياضية قد تدفعنا للتحرك والنشاط. فالبعض يستخدم الملابس كوسيلة للتعامل مع التوتر أو الاكتئاب. ارتداء ملابس ملونة في يوم حزين يمكن أن يكون شكلاً من العلاج الذاتي غير المباشر. والأسلوب الشخصي هنا يتحول إلى أداة عاطفية نلجأ لها دون وعي.
الضغط الاجتماعي وصيحات الموضة.. ما تأثير ذلك على لباسنا؟

في عالم مغمور بالصور ومدونات الموضة والترندات، من الصعب أحياناً التفريق بين ذوقنا الحقيقي وما تفرضه علينا صيحات الموضة لنتكيف مع المحيط الذي ننتمي إليه. تؤثر الثقافة السائدة ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تشكيل خياراتنا فهناك
ترندات كثيرة مثل “Y2K”، أو “الكور كور”، لا تنتشر فقط لأنها جميلة، بل لأنها مدعومة برغبة الإنسان الطبيعية في الانتماء. نحن نلبس ما يلبسه الآخرون أحياناً؛ لنكون جزءاً من “المجموعة”، لأننا نخشى أن نبدو مختلفين.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض الأشخاص يملكون “بوصلة داخلية” قوية، تجعلهم يتمسكون بأسلوبهم الخاص بغض النظر عما هو سائد من صيحات في عالم الموضة، وهؤلاء عادةً ما يصبحون ملهمين للآخرين.
العودة إلى الذات: كيف نجد أسلوبنا الخاص في اللباس؟

للوصول إلى أسلوب شخصي يعكسك حقاً، لا بد من الرجوع إلى الداخل وطرح بعض الأسئلة والتفتيش عن الجواب:
• ما الألوان التي تجعلك تشعرين بالراحة والثقة؟
• ما القطع التي لا تملّين من ارتدائها؟
• من هو قدوتك في اللباس وتنسيق الملابس ولماذا؟
• هل ملابسك تعبر عن شخصيتك أم عن توقعات الآخرين منك؟
ابدئي بتجربة أنماط مختلفة، لاحظي كيف تشعرين بها، ثم حافظي على ما يشعرك بالصدق تجاه نفسك. لا بأس أن تتأثري باتجاهات الموضة النتقلبة، ولكن لا تجعليها تبتلع صوتك الداخلي.
الأناقة أكثر من مجرد مظهر

اختياراتنا في الملابس تتجاوز الشكل الخارجي. إنها ناتجة عن شبكة معقدة من العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية. وفهم هذه العلاقة يساعدنا ليس فقط في تحسين مظهرنا، بل في تعزيز وعينا الذاتي وتقديرنا لأنفسنا.
في نهاية المطاف، الأسلوب الشخصي هو دعوة للتواصل مع الذات، والتعبير عنها بكل صدق وأناقة. لا تخافي من أن يكون لكِ صوت خاص حتى لو كان ذلك من خلال سترة جلدية، أو عقد تراثي، أو حتى قميص أبيض بسيط.
تابعي المزيد واكتشفي 7 قطع في خزانتك لم تعد على الموضة.. حان وقت التخلص منها