اخر الاخبار

دعوة لـ كسر الإقفال وهدم الأصنام الفكرية .. وعي يولد وظلام يقاوم النور

حين يُصبح العقل تهمة والتدبر جريمة .. حين تتساقط الأقنعة عن سدنة الكهنوت .. ثم .. ثم تنكشف عروش الجهل المُقدس .. عندئذ لابد من صرخة تشق صمت الخضوع .. وتُزلزل جدران الوهم .. لنقف أمام لحظة فاصلة .. لحظة يُختبر فيها الإيمان الحقيقي لا الإيمان المعلب في قوالب كهنة الدين .

.. و .. و هنا يُطل النور وسط ركام الظلام .. ويعلو صوت الحقيقة في زمن اعتاد الصمت .. لتبدأ معركة الوعي ضد وصاية الجهلاء .. وتتدفق ثورة الحق ضد تزييف الدين باسم الطاعة .. وما سنقرأه اليوم ليس مقالاً عابراً .. بل صرخة يقظة .. ودعوة لكسر الأقفال .. وهدم الأصنام الفكرية .. والعودة إلى كتاب أُنزل للحرية لا للعبودية المُقنعة .. نعم إننا أمام لحظة مواجهة فاصلة .. بين وعي يولد وظلام يقاوم النور . 

  • هز جدران الجمود الفكري بجرأة

وهنا يطل علينا المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي بمقال جديد .. تحت عنوان ” التدبر ومواقف التجبر ” .. وحين يكتب الحمادي لا يخطّ كلماتٍ عابرة .. بل يشعل شموع الوعي في عتمة التلقين .. ويهز جدران الجمود الفكري بجرأة المستنير الباحث عن النور لا التبعية العمياء .. ولعل الراصد لسطور المقال يكتشف انه ليس مجرد طرح .. بل نداء يقظ للعقل .. وصيحة مدوية ضد كل من يصادر حق الإنسان في أعظم عبادة عقلية منحها الله له .. وهي ” التفكر والتدبر ” .

  • التدبر من أعظم ما تؤديه العقول

وللأسف فقد كثر في هذا الزمن الأغبر أوصياء الدين .. وتراجع أمناء الرسالة .. لكن كلمات علي الشرفاء دائماً ما تحرر العقل وتضئ معالم الطريق .. إذ يذكّرنا في سطور مقاله بأن فريضة التدبر .. هي أعظم فريضة تُؤدي بالعقول لا بالأجساد .. وتفتح أبواب الحكمة وتُقوّي اليقين .. وتجعل الإيمان نوراً يسري في القلب عن قناعة لا عن تقليد .. إذ يقول الله سبحانه وتعالي ونطق به رسوله الكريم  : ” إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياماوقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ” .. صدق الله العظيم .. هي دعوة من الله لعباده للتفكر في كل شيئ .. وفي الكون بما فيها آياته في الذكر الحكيم .

  • قضاة على العقول ومفوضين من السماء

لنقف أمام حقيقة دامغة .. وهي إن من يحارب التدبر ويخوّن الفكر ويكفّر الاجتهاد .. هو في حقيقة الأمر يجسّد مواقف التجبر الديني .. وهؤلاء يُنَصّبون أنفسهم ” قضاة على العقول ” .. و ” مفوضين من السماء ” .. وكأن الله خوّلهم بمحاكم تفتيش العصر الحديث علي الضمائر وعقائد الناس .

وفي سياقٍ مؤلم لكنه صادق .. يتحدث علي الشرفاء عن الهجمة غير المبررة على الدكتور سعد الدين الهلالي .. الذي مارس حقه المشروع في التفكر في آيات الميراث .. لم يُحرّف الرجل .. ولم يُنكر .. بل اجتهد كما أمره الله .. فكان جزاؤه التكفير بدل الحوار .. وهنا يسأل الحمادي تساؤلاته الحائرة دائما : أأصبح التفكر في القرآن تهمة ؟ .. أأصبحت حرية الاجتهاد تُقابل بالعزل والتشهير كما كانت تفعل الكنيسة في عصور ظلامها ؟

  • نُنشد العدالة ونُحارب أدوات الوصول إليها

إنها مفارقة مأساوية .. أن نُنشد العدالة ونُحارب أدوات الوصول إليها .. نتمسّك بنصوص الوحي ونخشى من فهمها خارج قوالب السلف .. وكأن الإسلام دين المحفوظات لا دين البصائر .. دين طقوس لا دين قيم .

ويردّد علي الشرفاء ما قاله المولي عز وجل في القرآن الكريم .. قولاً صريحاً واضحاً : ” وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” .. صدق الله العظيم .. وهذه ليست دعوة للإلحاد .. بل تجسيد لأقصى درجات الحرية الفكرية التي كفلها الله للإنسان .. والتي لا يجوز لأيّ بشر أن يصادرها أو يتحكم فيها .

  • هل أصبحوا وكلاء يوم القيامة ؟!

ويؤكد الشرفاء أن مهمة الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. لم تكن أكثر من التبليغ لا الحساب ولا السيطرة .. فقد قالها  الله سبحانه وتعالي صراحة في كتابه الكريم  : ” إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ” .. صدق الله العظيم .. وهنا يتساءل الحمادي : لماذا يتمادى البعض في دور لم يُكلّفوا به ؟ .. لماذا يريدون محاسبة الناس نيابة عن الله ؟ .. هل أصبحوا وكلاء يوم القيامة ؟!

فيا من هجرت القرآن واتبعت فتاوى الأوصياء .. ويا من أقمت من نفسك قاضياً على العقول .. راجع نفسك .. وقف بين يدي آيات ربك .. وافتح عقلك .. ثم .. ثم تحرّر فالله لم يخلقك تابعاً .. بل مستخلفاً عاقلاً  مسؤولاً .. ولا تكون من الذين قال عنهم المولي عز وجل  : ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” .. صدق الله العظيم .. فهل آن الأوان أن نكسر الأقفال ؟!

  • من لم يتدبر فقد عصى أمر الله

وينادي علي الشرفاء الحمادي  في مقاله بنداءٍ يهزّ الأرواح الغافلة : عودوا إلى جوهر الرسالة .. عودوا إلى الله الذي دعاكم لحياة طيبة بالقرآن .. لا لحياة مشحونة بالكراهية باسم الدين .. من لم يتدبر فقد عصى أمر الله .. ومن لم يتفكر فقد أغلق باباً فتحه الخالق لعباده ليحيوا به .. مستشهداً بقوله تعالي : ” استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ” .. صدق الله العظيم .. إنه نداء مزلزل .. يوقظ من استسلموا للجمود .. ويحرر من قيدوا عقولهم بسلاسل التراث العفن بلا وعي .. ويضعك أمام مرآة نفسك : فاليوم عملٌ ولا حساب .. وغداً حسابٌ ولا عمل .

فيا من كبّلت عقلك بسلاسل الوراثة .. وأطفأت نور الفطرة خوفاً من لعنات الكهنة .. آن لك أن تنهض .. اكسر القيد .. وافتح المصحف بعين المتدبر لا المتلقي .. فالدين وعيٌ لا تلقين .. ورسالةُ حرية لا طقوس عبودية .. فهل آن أوان العودة إلى الله حقاً ؟! .. اللهم إني بلغت اللهم فاشهد .