في ردها على آبل… جوجل تصرح بأن الذكاء الاصطناعي لا يُضعف البحث!

دخلت شركة جوجل في مواجهة علنية مع شركة آبل بعد تصريحات مثيرة من إيدي كيو، نائب رئيس خدمات آبل، خلال شهادته في محاكمة مكافحة الاحتكار التي تستهدف نشاط جوجل في مجال البحث. أثارت تصريحاته جدلاً واسعًا، بعدما أشار إلى أن استخدام محرك البحث على متصفح سفاري قد تراجع لأول مرة في تاريخه.
خلفية العلاقة بين جوجل وآبل
ترتبط شركتا جوجل وآبل باتفاق طويل الأمد يجعل محرك بحث جوجل هو الخيار الافتراضي في متصفح سفاري على أجهزة آبل، وهو اتفاق يُدرّ مليارات الدولارات سنويًا على آبل. في المقابل، تستفيد جوجل من هذا التوزيع الواسع الذي يضمن لها حصة ضخمة من عمليات البحث على الأجهزة المحمولة. ورغم أن هذا التعاون يبدو مربحًا للطرفين، إلا أنه خضع لتدقيق قانوني متزايد من قبل السلطات الأمريكية التي ترى فيه أداة لإقصاء المنافسين وتعزيز هيمنة جوجل في سوق البحث بشكل غير نزيه.
بدأت التحقيقات الرسمية في هذا الملف منذ سنوات، وتطورت إلى دعوى قضائية تقودها وزارة العدل بدعم من عدد من الولايات الأمريكية. وترى الجهات القضائية أن مثل هذه الاتفاقيات تمنع المستخدمين من الوصول بسهولة إلى محركات بحث بديلة، وتقلل من فرص الابتكار والتنافس العادل.
جوجل تدافع عن نفسها
أصدرت جوجل بيانًا رسميًا في وقت متأخر من اليوم نفسه، ردًا على هذه التصريحات، في خطوة غير معتادة تعكس حساسية الموضوع بالنسبة لها. أكدت الشركة أن استخدام محرك البحث لا يزال في ارتفاع مستمر، بما في ذلك من خلال أجهزة آبل ومنصاتها المختلفة.
أوضحت جوجل في بيانها أن إدخال مزايا جديدة في خدمة البحث جعلها أكثر فاعلية في تلبية استفسارات المستخدمين، مشيرة إلى أن الناس باتوا يستخدمون محرك البحث بطرق متنوعة مثل الأوامر الصوتية وتطبيق Google Lens، إلى جانب التصفح التقليدي عبر المتصفحات أو التطبيق الرسمي.
يأتي هذا الدفاع في وقت حساس بالنسبة لجوجل، حيث تتابع الأسواق باهتمام أي مؤشرات على تغير هيمنتها في سوق البحث. بالفعل، تسببت تصريحات كيو في انخفاض مفاجئ بأسهم جوجل بلغ 8%، ما يعكس قلق المستثمرين من تراجع شعبيتها أو تغيّر سلوك المستخدمين.
الذكاء الاصطناعي يُغيّر مستقبل البحث
أشارت شهادة إيدي كيو أيضًا إلى أن المستخدمين باتوا يتجهون بشكل متزايد نحو أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وPerplexity، للحصول على إجابات مباشرة ومحددة، دون الحاجة إلى المرور عبر صفحات نتائج محرك البحث التقليدي.
يمثل هذا التوجه تحديًا استراتيجيًا حقيقيًا لجوجل. فعلى الرغم من أن الشركة كانت من أوائل من طوروا البنية التقنية الأساسية للذكاء الاصطناعي الحديث عبر مشروع “المحوّل” عام 2017، فإنها تأخرت في إطلاق خدمات تنافسية تُرضي المستخدم النهائي، مما أفسح المجال أمام منافسين مثل OpenAI للهيمنة ثقافيًا وتقنيًا.
تحاول جوجل الآن تعويض هذا التأخر من خلال تعزيز خدماتها الذكية مثل Gemini، إلا أن التساؤلات لا تزال مطروحة حول قدرتها على الحفاظ على الصدارة، خصوصًا مع التحول الواضح في تفضيلات المستخدمين نحو أدوات ذكاء اصطناعي تفاعلية وسريعة.
معركة متعددة الجبهات
لا تقتصر معركة جوجل على ساحة واحدة. فبجانب الضغوط القضائية التي تتعلق بالاحتكار، تواجه جوجل منافسة متصاعدة مع خدمات الذكاء الاصطناعي، وتقلبات في ثقة المستثمرين. ومع اقتراب انتهاء المحاكمة، يبدو أن مستقبل البحث على الإنترنت قد يشهد تحولات جوهرية، سواء بفعل قرارات المحكمة أو بفعل السوق نفسه.
تُعتبر الإعلانات الرقمية المصدر الرئيسي لعائدات جوجل، حيث تُساهم بنسبة كبيرة في أرباحها السنوية. ومع تزايد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وPerplexity، قد يتغير سلوك المستخدمين في البحث، مما يُؤثر على فعالية الإعلانات التقليدية. إذا بدأ المستخدمون في الاعتماد على هذه الأدوات للحصول على إجابات فورية ومباشرة، فقد يقل اهتمامهم بالنقر على الروابط المدفوعة في نتائج البحث.
قد يُجبر هذا التحول الشركات على إعادة تقييم استراتيجياتها الإعلانية، وتوجيه ميزانياتها نحو منصات تُقدم تجارب أكثر تفاعلية وذكاءً، مما يُهدد النموذج الإعلاني التقليدي الذي تعتمد عليه جوجل.
فرصة للمنافسين في سوق البحث
وبينما تواجه جوجل التحديات في عالم الذكاء الاصطناعي، قد تكون هذه فرصة ذهبية للمنافسين مثل مايكروسوفت، التي استثمرت بكثافة في دمج الذكاء الاصطناعي في محرك بحث Bing من خلال شراكتها مع OpenAI. كما أن محركات بحث أخرى، مثل DuckDuckGo وBrave Search، قد تستفيد إذا فرضت المحكمة قيودًا على صفقات جوجل مع آبل وموزيلا.
وقد تؤدي هذه التغيرات إلى إعادة تشكيل مشهد البحث على الإنترنت، مما قد يمنح المستخدمين خيارات أوسع ويجبر جوجل على تحسين خدماتها بشكل أسرع للحفاظ على مكانتها.
?xml>