تكنولوجيا

واشنطن تحذر الجميع من التعامل مع رقائق هواوي!

اتخذت الولايات المتحدة خطوة جديدة نحو تضييق الخناق على شركة هواوي الصينية، محذّرة الشركات والمؤسسات حول العالم من التعامل مع رقائق الذكاء الاصطناعي التي تنتجها الشركة.

وأكدت وزارة التجارة الأمريكية أن استخدام رقائق هواوي من طراز Ascend في أي مكان في العالم قد يعد انتهاكًا صريحًا للوائح التصدير الأمريكية، في حال ثبوت احتوائها على تكنولوجيا منشؤها أمريكي أو تصنيعها باستخدام أدوات ذات صلة ببرمجيات أمريكية.

إرشادات جديدة تفرض واقعًا أكثر تعقيدًا

أصدرت إدارة الصناعة والأمن، التابعة لوزارة التجارة الأمريكية، توجيهات رسمية توضح أن رقائق Ascend من هواوي، وتحديدًا الطرازات 910B و910C و910D، مشمولة ضمن ضوابط التصدير الصارمة. وذكرت الإدارة أن هذه الرقائق يُحتمل أن تكون قد صُممت باستخدام برمجيات أمريكية أو تم إنتاجها بواسطة معدات تعتمد على تقنيات أمريكية المصدر.

ورغم أن هذه التوجيهات لا تمثل قانونًا جديدًا، فإنها بمثابة تأكيد علني لتفسير قانوني قائم، يوضح أن استخدام هذه الشرائح حتى من قبل أطراف أجنبية قد يضعهم في مواجهة مباشرة مع العقوبات الأمريكية.

وقد أوضح الخبراء أن هذا التصعيد يمثل نقلة نوعية في أسلوب تطبيق اللوائح، إذ باتت المخاطر لا تقتصر على الشركات الصينية فحسب، بل تشمل أي شركة أو مؤسسة حول العالم تستخدم هذه الرقائق في مشاريعها أو منتجاتها.

السباق التكنولوجي يشعل التوترات

تأتي هذه التحذيرات في وقت تتزايد فيه مخاوف الولايات المتحدة من التقدم السريع الذي تحققه هواوي في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الرقائق. حيث بدأت الشركة مؤخرًا بتسليم مجموعات من شرائح الذكاء الاصطناعي إلى عملاء داخل الصين، تدّعي أنها تتفوق على منتجات شركة Nvidia الأمريكية في مجالات مثل القدرة على الحوسبة الكلية والذاكرة.

تستخدم هذه الأنظمة عددًا كبيرًا من شرائح Ascend 910C، والتي رغم أن كل واحدة منها بمفردها لا تضاهي رقائق Nvidia المتطورة، إلا أن العمل الجماعي لهذه الرقائق في منظومات مترابطة يمنحها أداءً يفوق المنافسين في بيئات معينة.
أثار هذا التطور قلقًا حقيقيًا في واشنطن، إذ يرى المسؤولون أن هواوي لم تعد مجرّد منافسًا عاديًا، بل باتت تقترب من أن تكون منافسًا عالميًا قادرًا على إزاحة شركات أمريكية رائدة في أسواق كبرى.

تصاعد الإنتاج الصيني والبدائل المحلية

تواصل هواوي جهودها في بناء بنية تحتية وطنية متكاملة لتصنيع رقائقها المتقدمة، في خطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على التقنيات الغربية وتعويض النقص الناتج عن القيود الأمريكية على استيراد رقائق Nvidia. وقد بدأت العديد من الشركات الصينية بتكثيف الطلبات على شرائح Ascend، مما يساهم في تعزيز قدرة الشركة على التوسع داخل السوق المحلية وربما خارجها مستقبلاً.

يعكس هذا التوجه طموحات الصين في تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، خصوصًا في القطاعات الحساسة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة.

ردود فعل صامتة وقرارات متضاربة

في الوقت الذي لم تصدر فيه شركة Huawei أي تعليق على هذه التوجيهات، التزمت شركة Nvidia الصمت كذلك، رغم أن رئيسها التنفيذي وصف هواوي في تصريحات سابقة بأنها واحدة من أقوى الشركات التقنية عالميًا، داعيًا إلى سنّ سياسات أمريكية تدعم قدرة شركاته على المنافسة العادلة.

وفي خطوة مفاجئة، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية إلغاء قاعدة “انتشار الذكاء الاصطناعي”، التي كانت إدارة بايدن السابقة قد أعدّتها للحد من تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى دول أجنبية. وقد برّرت الوزارة قرارها بكون القاعدة معقدة للغاية وبحاجة إلى مراجعة شاملة، على الرغم من اعتراضات مسؤولين سابقين يرون أنها كانت ضرورية لإغلاق ثغرات خطيرة في نظام الرقابة على الصادرات.

صفقات الخليج تضيف بُعدًا دوليًا للأزمة

تزامنت هذه التطورات مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، حيث تم الإعلان عن اتفاقيات ضخمة تضمنت التزام الشركة السعودية الجديدة للذكاء الاصطناعي “Humain” ببناء بنية تحتية تعتمد على مئات الآلاف من رقائق Nvidia.

أشارت مصادر مطلعة إلى أن حجم هذه الاتفاقيات فاجأ كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، الذين عبّروا عن قلقهم من أن تؤدي هذه المشاريع إلى تصدير قدرات الذكاء الاصطناعي الأمريكية الحساسة إلى الخارج، وخصوصًا في ظل التعاون المتزايد بين دول الخليج وبكين في هذا المجال.

مستقبل غامض في ظل سباق عالمي محموم

تكشف هذه التحركات عن اشتداد المواجهة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى واشنطن إلى تطويق هواوي ومنعها من التوسع داخل وخارج الصين. وفي المقابل، تسعى بكين إلى تكريس نفوذها في الأسواق العالمية من خلال شركاتها الوطنية.

في ظل هذا التصعيد المتبادل، يبدو أن رقائق الذكاء الاصطناعي تحوّلت من أدوات تقنية إلى أوراق ضغط استراتيجية في صراع النفوذ العالمي. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تنجح القيود الأمريكية في كبح جماح العملاق الصيني، أم أن الصين ستجد مسارات بديلة تقودها إلى تفوق جديد؟

?xml>