الإنترنت في الأنظمة المغلقة: روسيا والصين وكوريا الشمالية

وجدتُ الرواية صدفةً خلال زيارتي الأخيرة لمعرض الكتاب، وسط الزحام والرفوف المتراصة، جذبني غلافها وعنوانها المألوف: 1984. كنت قد سمعت بها من قبل، لكنني لم أتوقع أن تحمل كل هذا الثقل. أمسكت بها بدافع الفضول، وبدأت قراءتها في ليلة هادئة. ما إن تعمقت في صفحاتها حتى وجدت نفسي أغوص في عالم كئيب من المراقبة والرقابة والسيطرة على العقول.
الرواية التي كتبها جورج أورويل في منتصف القرن العشرين، لم تكن مجرد خيال سياسي، بل كانت نقدًا صارخًا للأنظمة القمعية، وخصوصًا تلك التي نشأت في عهد ستالين في الاتحاد السوفييتي. عبارة “الأخ الأكبر يراقبك” لم تكن فقط سطرًا روائيًا مكررًا، بل تحولت إلى رمز عالمي لهيمنة الدولة على حياة الأفراد.
فكرة “الأخ الأكبر” الذي يراقب الجميع، دون أن يعرف أحد من هو أو أين يقف، لم تعد محض خيال. في دول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية، تحوّلت هذه الفكرة إلى واقع رقمي. فالإنترنت هناك ليس أداة للتعبير أو الاكتشاف، بل مساحة مراقَبة، يتم فيها التحكم بما ترى، وتوجيه ما تعتقد، ومحاسبتك على ما تفكر فيه، حتى لو لم تنطق به.
في 1984، كان الناس يخافون من التفكير، واليوم، هناك من يخاف حتى من كتابة تعليق أو مشاركة منشور. ومع أن التكنولوجيا تطورت بما يفوق خيال أورويل، إلا أن أدوات السيطرة أصبحت أكثر دقة، وأقل وضوحًا.
وهذا ما دفعني للغوص أكثر في واقع الإنترنت داخل هذه الأنظمة المغلقة، وفهم كيف تُبنى الأسوار الرقمية في عالم يُفترض أن يكون بلا حدود.
الصين: الجدار الناري العظيم
في قلب دولة عملاقة تقود العالم في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا، يقف “الجدار الناري العظيم” كواحد من أعقد أنظمة الرقابة على الإنترنت في التاريخ. الصين لا تمنع الإنترنت، لكنها تُعيد تشكيله على طريقتها الخاصة. المواطن الصيني لا يستخدم جوجل، ولا يشاهد يوتيوب، ولا يتواصل عبر واتساب أو فيسبوك. كل تلك الأسماء الكبيرة التي نعدها من أساسيات الحياة الرقمية، إما محجوبة تمامًا أو خاضعة لرقابة شديدة.
بدلًا منها، تقدم الدولة بدائل محلية، وفقًا لـ “Statista” تأتي برامج مثل محرك البحث “Baidu”، وتطبيق التواصل “WeChat”، ومنصة الفيديو “Youku” في المقدمة، وكلها تخضع لمراقبة حكومية دقيقة. تُلزَم شركات التكنولوجيا الصينية قانونًا بالتعاون مع السلطات، والتقارير تشير إلى أن آلاف الموظفين يعملون في مراقبة المحتوى وحذف المنشورات، والتبليغ عن “السلوك المشبوه”.
لكن الرقابة لا تقف عند حدود المنصات. فالصين تُوظف تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجوه لتتبع الأفراد حتى في العالم الواقعي. الإنترنت هناك ليس فقط ما تتصفحه، بل ما تقوله، ومن تتابعه، وحتى كيف تتصرف في الأماكن العامة. وكل ذلك مرتبط بنظام “النقاط الاجتماعية” الذي يكافئ ويعاقب بناءً على سلوك المواطن، الرقمي وغير الرقمي.
النظام الاجتماعي القائم على النقاط
من أبرز أدوات الرقابة الرقمية في الصين، نظام “النقاط الاجتماعية”، وهو نظام رقمي يُراقب سلوك الأفراد في الحياة اليومية —سواء عبر الإنترنت أو خارجه— ويمنحهم نقاطًا بناءً على مدى “انضباطهم” وفقًا لمعايير الدولة. فالتصرفات التي تُعتبر إيجابية، مثل دفع الفواتير في موعدها أو مشاركة محتوى داعم للدولة، قد ترفع من رصيدك. أما نشر آراء معارضة، أو حتى مجرد الارتباط بأشخاص “مشبوهين”، قد يؤدي إلى خفض تقييمك.
لا يعتمد هذا النظام فقط على الأنشطة الرقمية، بل يغزز باستخدام شبكة كاميرات مراقبة منتشرة في المدن الكبرى، ومزودة بتقنيات التعرف على الوجه. تُسهم هذه الكاميرات في تتبع الأشخاص في الأماكن العامة، مثل الشوارع والمحطات العامة، وتُسجل مخالفات بسيطة كعبور الشارع في مكان غير مخصص، كما تسجل السلوكيات التي لا تتماشى مع معايير الدولة. وفي بعض الحالات، تربط هذه الملاحظات بنظام النقاط، حيث يخفض تصنيف الأشخاص الذين يُعتبرون مخالفين للقوانين أو المعايير الاجتماعية.
ما يجعل هذا النظام أكثر تعقيدًا هو تأثيره العملي: من يُعاقَب بنقص النقاط قد يُمنع من السفر، أو من الحصول على قروض، أو حتى من دخول مدارس معينة. وهكذا يتحول الإنترنت إلى أداة ليست للمراقبة فقط، بل لتقييم وتشكيل سلوك الأفراد بناءً على سجل رقمي يمكن أن يُقرر حياتهم اليومية.
روسيا: الإنترنت السيادي
في روسيا، تُظهر الحكومة نهجًا مشابهًا لما تقوم به الصين، لكنها تعتمد على أدوات وأطر قانونية مختلفة لفرض الرقابة على الإنترنت. منذ أن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تعزيز قبضته على السلطة في العقدين الأخيرين، أصبح الإنترنت أحد الساحات الأساسية للرقابة السياسية. ففي عام 2019، أُقر قانون “الإنترنت السيادي”، الذي يُمكّن الدولة من فرض رقابة أشد على الشبكة العنكبوتية داخل حدودها، ويجعل من الممكن قطع الاتصال بالإنترنت الدولي إذا لزم الأمر.
إحدى أبرز الأدوات التي تستخدمها روسيا لمراقبة الإنترنت هي قانون البيانات الشخصية، الذي يُلزم الشركات العالمية مثل جوجل وفيسبوك بتخزين بيانات المستخدمين الروس داخل أراضي البلاد. إذ يُمكن هذا النظام الدولة من تتبع أنشطة المواطنين على الإنترنت بشكل أكبر، كما يجعل لها صلاحيات لا تتوقف عند التصفح فقط، بل تشمل أيضًا مراقبة الرسائل والمحتوى المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي.
وإذا كانت الصين تُحارب المحتوى الخارجي، فإن روسيا تعتمد على أساليب متعددة، تشمل تقييد الوصول إلى مواقع إخبارية أو اجتماعية تُعتبر “مناهضة” للنظام، إضافة إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المنشورات ذات الطابع المعارض للحكومة. من بين أبرز الأمثلة على ذلك هو الهجوم الذي تعرضت له منصات إعلامية كبيرة مثل “إيكو موسكفي”، التي تم حجبها جزئيًا بسبب تغطيتها السياسية المستقلة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُعد نظام المراقبة الجماعية في روسيا أكثر انتشارًا في المدن الكبرى مثل موسكو، حيث توجد كاميرات مراقبة في كل زاوية، مما يُمكّن السلطات من تحديد تحركات الأشخاص وتفاعلهم داخل الفضاء العام.
منصات التواصل الاجتماعي في روسيا
في روسيا، يعتمد المواطنون بقدر كبير على أدوات محلية للبحث والتواصل بسبب الرقابة الحكومية المشددة على الإنترنت. يُعد Yandex المحرك الرئيسي للبحث في البلاد، وهو يعتبر البديل الروسي لجوجل. أما منصات التواصل الاجتماعي، فيُهيمن عليها VK (فكونتاكتي) وOdnoklassniki، التي تُستخدم بشكل رئيسي للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، بينما يحقق Telegram شهرة واسعة بفضل تركيزه على الخصوصية والمراسلة المشفرة.
كما تستخدم روسيا أيضًا تطبيقات محلية مثل Mail.ru وGosuslugi لتقديم خدمات البريد الإلكتروني والمعاملات الحكومية. وبسبب تقييد الوصول إلى منصات تواصل اجتماعي مثل Facebook وX، تظل الأدوات المحلية جزءًا أساسيًا من الحياة الرقمية اليومية للمواطنين الروس.
كوريا الشمالية: إنترنت منغلق بالكامل
بينما تُبقي الصين وروسيا على درجة من الانفتاح المنضبط نحو العالم الرقمي، تتجه كوريا الشمالية نحو نموذج أكثر انغلاقًا وتحكمًا، حتى يمكن وصفه بالعزلة الرقمية الكاملة. فلا يوجد في البلاد إنترنت عالمي متاح للمواطنين، بل تقتصر الشبكة على نظام داخلي يُعرف باسم “كوانغميونغ”، وهو شبكة محلية مغلقة تقدم محتوى صممته الدولة بالكامل، يشمل الأخبار، المواد التعليمية، وبعض الموارد الثقافية التي عُدلت لتتوافق مع الخطاب الرسمي للنظام.
لا يستطيع المواطن العادي في كوريا الشمالية استخدام جوجل أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي العالمية، كما أن امتلاك هاتف ذكي لا يعني بالضرورة حرية الوصول إلى الإنترنت. أجهزة الهواتف في البلاد تكون مزوّدة بنظام تشغيل محلي يخضع للمراقبة الشديدة، ولا يمكن استخدامها سوى لإجراء مكالمات داخلية أو الوصول إلى محتوى مصرح به فقط. أما أجهزة الحواسيب، فهي غالبًا مخصصة للمؤسسات الحكومية أو فئات النخبة، وتخضع أيضًا لتفتيش دوري صارم.
كل حركة رقمية في كوريا الشمالية مراقبة، بدءًا من فتح الملفات ووصولًا إلى التنقل بين الصفحات. تُستخدم أدوات مراقبة مدمجة في الأجهزة نفسها، وقد يتعرض من يحاول الوصول إلى معلومات من الخارج لعقوبات قاسية، قد تصل إلى السجن أو الأعمال القسرية.
رغم هذا الانغلاق، تُجري الدولة بعض محاولات لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في المجالات العسكرية والدعائية، فإن هذه التقنيات تبقى حكرًا على القيادة والنخبة، في حين يُمنع عامة الشعب من أبسط صور الاتصال بالعالم الخارجي.
كما تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد وسائل تواصل اجتماعي حقيقية في كوريا الشمالية، بل أدوات محلية محكومة ومراقبة. ويهدف النظام من هذه الرقابة الرقمية الشاملة إلى منع تسرب الثقافة الغربية، وحصر المعلومات داخل الإطار الذي يرسمه الحزب الحاكم.
التأثيرات العميقة للانغلاق الرقمي
لا يقتصر الانغلاق الرقمي في الأنظمة المغلقة على التحكم في المعلومات فقط ، بل يمتد ليترك آثارًا عميقة على النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لتلك الدول. اجتماعيًا، يؤدي غياب التفاعل مع العالم الخارجي إلى تشكيل مجتمعات منغلقة فكريًا، يصعب فيها تبادل الآراء بحرية أو تكوين وعي جماعي مستقل.
في كوريا الشمالية، يظهر ذلك بوضوح في ضعف مفاهيم التعبير الشخصي وتقييد العلاقات مع العالم خارج حدود الدولة. أما في روسيا والصين، فعلى الرغم من توفر أدوات بديلة، فإن الرقابة المستمرة تزرع حالة من الرقابة الذاتية والخوف من التعبير، خصوصًا في القضايا السياسية أو الحقوقية.
ثقافيًا، يُحرم المواطنون في هذه الأنظمة من الاطلاع على الإنتاجات الثقافية العالمية، مما يخلق فجوة معرفية وحضارية تزداد اتساعًا بمرور الوقت. تتحول الثقافة إلى أداة في يد السلطة، تُستخدم لنشر الرسائل الرسمية وتعزيز الرواية الحكومية، بينما يُحاصر الفن، وتُقيد حرية الإبداع. ورغم بعض الانفتاح النسبي في الصين، فإن المحتوى الثقافي يظل خاضعًا لرقابة شديدة تفرغه من جوهره الحر.
اقتصاديًا، يؤثر الانغلاق الرقمي على الابتكار وريادة الأعمال، خاصة في بيئة تُقيد فيها المعلومات ويُفرض على القطاع التكنولوجي الانسجام مع أهداف النظام السياسي. صحيح أن الصين طورت اقتصادًا رقمياً عملاقًا داخليًا، لكنها ما زالت تعاني من قيود على حرية تدفق البيانات، مما يحد من قدرتها على التعاون الكامل مع الأسواق العالمية.
وفي روسيا، زادت العزلة التقنية بعد العقوبات الغربية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، مما أثر على الشركات المحلية التي تعتمد على أدوات وبرمجيات أجنبية. أما كوريا الشمالية، فاقتصادها شبه معزول بالكامل، وتكاد تنعدم فيها البنية الرقمية التي تسمح بالتجارة أو الابتكار الحقيقي.
هل يشعر المواطنون بالسعادة في هذه الدول؟
في قلب الأنظمة المغلقة، حيث تُفرض الرقابة الصارمة على المعلومات والتواصل، تتباين مشاعر المواطنين بين الرضا الظاهري والضغوط الخفية. في كوريا الشمالية، تُظهر التقارير أن المواطنين يعيشون حياة مليئة بالتحديات، مع نقص في الموارد الأساسية وقيود شديدة على الحريات الشخصية. ورغم ذلك، يُلاحظ أن الناس هناك يبتسمون ويشاركون في الأنشطة اليومية، مما يعكس قدرتهم على التكيف مع الواقع المفروض عليهم.
أما في الصين، فقد أظهرت الدراسات أن مستوى الرضا عن الحياة مرتبط بشكل كبير بالثقة في الحكومة. فكلما زادت هذه الثقة، ارتفع مستوى الرضا الشخصي. ومع ذلك، فإن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، مثل ثقافة العمل المكثفة، تؤثر سلبًا على رفاهية المواطنين، خاصة بين الشباب.
وفي روسيا، تشير الاستطلاعات إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين يعبرون عن شعورهم بالسعادة، حيث أفاد 79% بأنهم سعداء، بما في ذلك 31% قالوا إنهم “سعداء جدًا”. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية والسياسية، مثل العقوبات الغربية والصراع في أوكرانيا، تؤثر على جودة الحياة وتزيد من الضغوط اليومية.
تُظهر هذه الأمثلة أن الحياة في الأنظمة المغلقة ليست سوداء بالكامل، لكنها مليئة بالتحديات والتناقضات. فبينما يسعى المواطنون للعيش بكرامة وسعادة، تظل القيود المفروضة عليهم عائقًا أمام تحقيق رفاهية حقيقية ومستدامة.
الوجه الآخر للانفتاح الغربي
بينما تنتقد الدول الغربية الأنظمة المغلقة في روسيا والصين وكوريا الشمالية، وتقدم نفسها كحامية لحرية التعبير وحقوق الإنسان، تكشف الأزمات الكبرى عن وجه آخر لتلك “الحرية” المعلنة. فخلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، ظهرت بوضوح معالم هذا التناقض، حين فرضت شركات كبرى مثل “ميتا” قيودًا واسعة على المحتوى المتعلق بفلسطين، فحُذفت المنشورات، وقُيّدت الحسابات، وتعرّض المستخدمون للعقاب الرقمي لمجرد توثيقهم للواقع أو تعبيرهم عن رفض الإبادة الجماعية أو تضامنهم مع المدنيين الأبرياء. فجأة، أصبحت خوارزميات الحرية أدوات صامتة للرقابة، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي تُنتقد في الأنظمة الأخرى، بل ربما تفوقها خداعًا لأنها ترتدي قناع الحياد والانفتاح.
لا يفضح هذا النوع من الانحياز فقط حدود حرية التعبير في الغرب، بل يطرح تساؤلات جوهرية عن المتحكم الفعلي في “الحقيقة” داخل الفضاء الرقمي. فحين تُكمم الأفواه دفاعًا عن “المعايير المجتمعية”، وتُقمع الروايات غير المرغوب بها باسم “الأمن والسياسات”، تصبح حرية الإنترنت سلعة تخضع للهوى السياسي والضغط الإعلامي، وليس مبدأ إنسانيًا عالميًا.
لم تعد الرقابة حكرًا على الأنظمة الاستبدادية، بل تسللت إلى قلب العالم الحر، مغلفةً بالشعارات، ومدعومة بالتقنيات المتقدمة التي تُملي على المستخدم ما يُقال وما لا يُقال. وهكذا، تُعيدنا المنصات الغربية إلى معضلة قديمة بثوب عصري: من يملك الصوت، يملك السرد.
أيهما أفضل: الحرية أم الإنغلاق؟
يُظهر لنا الواقع الرقمي في الأنظمة المغلقة أن الرقابة والسيطرة ليست حكراً على تلك الأنظمة فقط، بل هي ظاهرة عالمية لها وجه آخر في الغرب أيضًا، وإن كان أكثر خفية. فالغرب، الذي يرفع شعارات الحرية وحقوق الإنسان، لا يتوانى عن ممارسة نوع من الرقابة الشديدة، تحت لافتة “حماية المجتمعات” أو “مكافحة الكراهية”. وما يحدث في قضايا مثل معاداة السامية، يكشف عن نفاق واضح وازدواجية في المعايير. فالحرية في الغرب تصبح مقيدة عندما يتعلق الأمر بالمواقف التي لا تتوافق مع الرواية الرسمية أو المصالح السياسية الكبرى.
وفي رأيي، رغم أهمية الحرية الرقمية في عصرنا الحالي، فإنه يجب أن تكون هناك رقابة منظمة على الإنترنت، خاصة للحفاظ على النظام العام والآداب العامة.
فمن دون رقابة حقيقية، سنجد أنفسنا في عالم فوضوي، يصبح فيه كل فرد قادرًا على إيذاء الآخرين تحت شعار “الحرية”. كما أن هذه الفوضى قد تؤدي إلى انتهاكات قانونية وأخلاقية، تضر بالمجتمعات. وهنا يأتي دور الرقابة التي تضمن توازنًا بين الحرية والمسؤولية.
وكما نرى في الغرب، حيث يُعتبر النموذج الأمثل للحرية، إلا أن غياب الرقابة على الإنترنت أدى إلى تزايد الجرائم والانتهاكات عبر منصات التواصل، مما يبرز الحاجة الماسة لإيجاد ضوابط تضمن عدم تَجاوز الحدود.
وختامًا، الحرية لا تعني الفوضى، والرقابة لا تعني القمع؛ بل لا بد من تحقيق توازن عادل بين الحرية والرقابة، يضمن للناس حقهم في التعبير، ويحفظ في الوقت ذاته النظام العام والقيم الإنسانية، حتى لا نتحول إلى غابة يصعب فيها التمييز بين الحق والباطل.
?xml>