صرخة العقل في زمن الطقوس العمياء .. الإسلام كما أراده الله لا كما صاغته الطوائف

عندما تضخّمت الطقوس على حساب القيم .. ثم .. ثم تحوّلت الأخلاق والمبادئ لـ شعارات جوفاء .. عندئذٍ تقسمت أمة الإسلام الي طوائف وملل متناحرة .. طوائف جعلت من الدين ستاراً يُخفِي خلفه أعمال القتل والتخريب والتكفير .
ووسط ركام هذا الضجيج الأعمي لابد وأن يصرخ العقل الباحث عن الحقيقة .. لابد وأن تبرز لحظة صدق تواجه الزيف وتنتصر فيها الفطرة .. وتخرج بالإنسان من عباءة الجهل إلى نور الوعي .. إنها لحظة تسأل فيها القلوب : هل هذا ما أراده الله حقاً ؟ .. أم هدا ما أرادته الأهواء ؟ .
وكعادته دائماً يخرج علينا بـ صوت نقيّ هدىّ .. يحمل بين كلماته نار الوعي ونور اليقين .. إنه صوت المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي .. من خلال كتابه ” وثيقة الدخول في الإٍسلام ” الصادر عن مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير .. يخرج لـ يعيد رسم الملامح الحقيقية لـ ماهية الإيمان .. لا كما أرادته الأساطير .. بل كما أنزله الوحي نقياً خالصاً من كل دنس بشري .
- صرخة يقظة ضد التزييف
.. رسالة علي الشرفاء الحمادي في كتابة ” وثيقة الدخول في الإسلام ” .. ليست مجرد كلام للتنظير الفلسفي ولا نزوة عقلانية مجردة .. بل هي صرخة يقظة في وجه تاريخ طويل من التزييف والتسطيح والتجهيل .. بعد أن تحوّل الدخول في الإسلام في كثير من الأحايين إلى مجرد طقس شكلي .. وكأن الكلمة وحدها تُدخل الجنة .. وكأن النطق وحده يصنع الإيمان دون الفعل والعمل والمعرفة والسلوك .
- التحرر من التطرف
إذ تحمل الوثيقة مشروعاً فكرياً تنويرياً يميط الأذي عن العقول .. وتفتح الباب للتحرر من الأفكار المتطرفة .. وتؤكد أن نُطق الشهادة ليس نهاية المطاف بل بداية تحتاج إلى وعي وإدراك ومعرفة والتزام بمنظومة متكاملة من الرحمة والعدل والحرية والسلام .. فالاعتقاد الحقيقي لا يُفرض ولا يُلقّن بل يُبنى .. ويُنبت في أعماق القلب ويرتوي من نبع العقل .. ويتجلّى في الأخلاق والسلوك .
- دين لا يعرف الإكراه
الوثيقة تدعو القارئ لرحلة عميقة داخل النص القرآني .. بعيدًا عن التهويل والترهيب والتحريف .. لتعيد اكتشاف الإسلام كما أراده الله : دين لا يعرف الإكراه .. ولا يشرّع العدوان .. ولا يبارك سفك الدماء بل يقدّس إنسانية الإنسان .. ويصون كرامته وحرّيته .. دين لم يُبعث بالسيف بل بالكلمة الصادقة .. ولم يُفرض بالقوة بل بالحجة والبرهان .. ولم يُشرّع الهيمنة بل أرسى أسس التعايش .. وفتح أبواب السلام أمام الجميع .
الوثيقة تُحطم أوثانًا فكرية حُفرت في العقل المسلم عبر قرون .. وترفع النقاب عن مفاهيم مقلوبة كالجهاد الذي اختُزل في القتال .. بينما هو في جوهره مقاومة النفس للشر .. وصراع الإنسان ليثبت على طريق النور .. لا لإجبار الآخرين على السير فيه .. اذ يقول المولي سبحانه وتعالي : ” لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ” .. ويقول أيضاً : ” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَة ” .. وقوله عز وجل : ” وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ” .. صدق الله العظيم .
- صراعات طائفية ومذهبية
فما تقدمه الوثيقة ليس رأيًا جديدًا يُضاف إلى رفوف المكتبات .. بل نقلة وعي ووثيقة تحرر .. تُطالب بفك الاشتباك القائم بين الدين والسلطة .. بين النص المقدس وتفاسير البشر .. بين العقيدة والهيمنة .. بين الجنة والخرافة .. إنها دعوة لأن نعيد اكتشاف القرآن لا كمجرد كتابٍ يُتلى .. بل كدستورٍ يُعاش .. أن نؤمن أن الإيمان لا يُؤخذ بالوراثة بل يُكتسب بالعقل والاقتناع .. أن نوقن أن الله لم يبعث الرسل ليُجبر الناس .. بل ليحررهم من عبودية الأفكار والسلطات .
الوثيقة تُضيء الطريق لمن أُرهقوا الأمة في صراعات طائفية ومذهبية .. وتفتح أبواب السلام لأولئك الذين ضاقت صدورهم من فتاوى الدم والتحريض .. وتعيد بوصلة الدين الحنيف إلى محرابه الأصيل : ” الإنسان ” .. بعيداً عن العنف والقتل وسفك الدم البرئ .
- قراءة الواقع والتاريخ
فهل آن الأوان لـ نُصغي؟ .. هل آن الأوان لـ نُعيد قراءة الواقع والتاريخ ونستلهم العبر والعظات من بين الايات القرآنية ؟ .. هل آن الأوان لنعود إلى الأصل إلى كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ .. وثيقة الدخول في الإسلام لـ علي الشرفاء .. لا تفرض عليك الإيمان .. بل تمنحك حريته .. تخلع عنك عباءة التقليد وتمنحك نور الفهم .. فلا تدخل الإسلام على استحياء بل ادخله بعقلٍ حرّ .. وقلبٍ واعٍ .. وروحٍ تؤمن أن طريق الجنة لا يُرسم بالدم بل يُزرع بالسلام .. اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد .