هل سيتمكن والي جهة طنجة من إرساء قطيعة مع “الفوضى العمرانية”؟

تلقت أوساط كثيرة في مدينة طنجة بترحيب كبير الكلام الحازم الذي وجهه والي جهة طنجة تطوان الحسيمة عامل عمالة طنجة أصيلة، يونس التازي، إلى المنعشين العقاريين ورفع تحدي وقف النزيف الذي تعيشه المدينة جراء التجزيء السري والبناء العشوائي.
وتضمنت ردود المسؤول الترابي على المنعشين العقاريين والمنتخبين في اجتماع المجلس الإداري للوكالة الحضرية لطنجة، أول أمس الأربعاء، رسائل كثيرة، شدد فيها على تقبل السلطات النقد الموضوعي والبناء الذي يخدم الصالح العام وليس المصالح الشخصية، وهو الأمر الذي اعتبره متابعون قطعاً منه للطريق أمام كل الراغبين في التوسط والدفاع عن مشاريع واستثمارات بعينها في المدينة.
ولم يقف الوالي التازي عند هذا الحد، بل ذهب إلى التأكيد على أن مؤسسات الدولة لها دور تلعبه في إطار القوانين ومن يريد أن يسوق صورة أخرى، فـ”الأرقام لا تكذب”، معتبرا أن المؤشرات تبين أن البناء العشوائي “قلّ في المدينة”.
وذكر الوالي في كلمته أن التصاميم لا يمكن أن تكون مرضية للجميع، مبرزا أن هذا الأمر يعد “من الخيال العلمي، ولم يحدث يوما أن أرضت وثيقة تعمير الجميع”، مشددا على التصدي للتجزيء السري وإيقاف نزيف البناء العشوائي.
حسن بلخيضر، مستشار جماعي ناشط مدني، أكد مطلب القطع مع فوضى “البناء العشوائي والبناء العشوائي المنظم”، الذي خلق أحياء بدون تخطيط ولا استشراف للمستقبل مثل منطقة بوخالف وجماعة كزناية والجماعات القروية المحيطة بطنجة.
وسجل بلخيضر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الدولة خسرت المليارات فيما يخص تجهيز مناطق وأحياء وربطها بالماء والكهرباء، إلا أنه “خلال فترة كورونا استنبتت أحياء عشوائية في مجموعة من المناطق بمدينة طنجة، سواء داخل المدار الحضري أو الجماعات القروية المحيطة، مما سبب مشاكل كبيرة”.
وثمن بلخيضر رؤية الوالي التازي بخصوص القطع مع ظاهرة البناء العشوائي والتخطيط العمراني، إلا أنه شدد على أن “هذا القطع يتطلب محاسبة جميع من ساهم في جعل المدينة تواجه كل هذه المشاكل والتحديات”.
وزاد قائلا: “البناء العشوائي لم يخلق من تلقاء نفسه، بل كانت وراءه أطراف، منهم مجزئون سريون ومنتخبون وموظفون ورجال سلطة؛ الكل شارك في الجريمة التي وقعت في المدينة وينبغي محاسبتهم”.
وتابع: “نحن ندعم رؤية الوالي التازي فيما يخص العدالة في التعمير بمدينة طنجة، ويصبح الجميع سواسية أمام القانون لما فيه مصلحة المدينة”، مؤكدا أهمية القطع مع “استغلال النفوذ الذي تحكم في تصاميم التهيئة لمقاطعتي بني مكادة ومغوغة وتصاميم كزناية ومقاطعة المدينة”، مسجلا أن “الكل يعلم أنها عرفت تدخلات بيروقراطية لتمرير بعض المناطق وفتحها في وجه التعمير بدون وجه حق”، وفق تعبيره.
من جانبه، أكد الناشط الجمعوي زكريا بنعلي أن نجاح إرادة السلطات في الحد من البناء العشوائي، يرتبط أساسا بتفعيل “مبدأ المحاسبة بالنسبة لرجال السلطة الذين تتناسل في نفوذهم الترابي تجمعات سكنية على ضفاف الأودية والخنادق وحواشي الغابات”.
وأضاف بنعلي، ضمن تصريح لهسبريس، أن إعمال مقاربة تشاركية مع أصحاب الأراضي والوكالة الحضرية والجماعات المحلية من أجل تسهيل وتبسيط إجراءات التجزئات السكنية الموجهة لذوي الدخل المحدود والمتوسط، من شأنه أن “يؤدي إلى نمو عمراني خاضع للرقابة الإدارية ومندمج في الدورة الاقتصادية منذ البداية عبر أداء الجبايات والرسوم قبل عملية البناء وخلال عملية البناء وبعد الحصول على رخصة السكن”.
كما أفاد الجمعوي ذاته بأن المدينة تسجل مع الوالي الحالي وجود مؤشرات واضحة لمواجهة البناء العشوائي والحد منه، مشددا على أن انخراط مكونات الإدارة الترابية بـ”كل جدية في هذا التوجه هو السبيل الوحيد لمحاصرة الظاهرة”، لافتا إلى أن الوالي “لا يمكن أن يغادر مكتبه كل يوم ويتفقد أرجاء المدينة المليونية لكي يتأكد من وقوع انفلات هنا أو هناك”، وفق تعبيره.