اخر الاخبار

الزكاة تبني جسراً من العطاء بين الإغنياء والفقراء .. سخاء بين الجيوب والقلوب

  • تحقق التلاحم بين طبقات المجتمع .. تبني الوحدة الوطنية .. تؤسس مجتمع السلام .. وتحقق لأفراده الأمن والاستقرار

{ .. سيبقي الإنفاق في سبيل الله .. عبادة تسمو بـ الروح إلى مراتب رفيعة من التجرد والعطاء .. وستبقي فريضة الزكاة مفتاح لـ استقرار الحياة وسلاح ناعم يهزم الفقر والحقد والجوع .. ثم .. ثم يزرع الود والحب والتراحم بين الناس .. كل الناس .

فـ الزكاة يا أمة الإسلام ليست رقماً يُخصم من المال .. بل وعد من الله بـ اليسر بعد العسر وميثاق للأخلاق يعلو فوق شح النفوس وطغيان المال .. نعم إنها لغة محبة تنطق بها جيوب القادرين .. وجسرٌ متين يمتد بين الغني والفقير دون امتهان أو منّة .

فـ في الزكاة يكمن سرّ التوازن الاجتماعي .. فيها وقود النهضة وأكسير الحياة .. فـ من أعطى واتقى وصدق بـ الحسنى .. صارت له الدنيا ميسّرة .. و .. و صارت له الآخرة أجمل وعداً وأروع سبيلا .

.. و في كتابه المعنون بـ ” الزكاة صدقة وقرض حسن ” .. يفتح المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي نافذة فكرية وروحية عميقة حول مفهوم الزكاة .. ليس بـ إعتبارها فريضة مالية .. بل بـ اعتبارها ركيزة تأسيسية لـ مجتمع متماسك تسوده المودة وتغمره العدالة .. وتُشبع فيه الروح قبل الجسد .

و بـ أسلوب قرآني رصين .. ينطلق علي الشرفاء في كتابه مرتكزاً علي آيات كريمات تحمل دلالات اجتماعية عظيمة .. مستدلاً بـ قول الله سبحانه و تعالى في محكم التنزيل : ” فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) ” .. صدق الله العظيم .. إذ يُرسي الحمادي من خلال آيات الرحمن معالم فلسفة قرآنية متكاملة .. يؤكد فيها أن الزكاة ليست منّة ولا مجرد عبادة مادية .. بل هي لغة عطاء خالص لـ وجه الله يُنفق بـ الرضا لا بـ الرياء .. وتكافل اجتماعي حقيقي خالي من الاستعلاء .  و .. و مفعم بـ الرحمة والسكينة والهدوء .

وفي هذا الطرح يُعيد علي الشرفاء توجيه البوصلة نحو الغاية الربانية من الزكاة .. ألا وهي تحقيق التكافل من خلال إنفاق صادق خالص خاليٍ من الشوائب والأغراض .. إنفاق بعيد عن المنّ والأذى بما لا يُشعر الفقير بـ أي وهن أو ضعف أو ذل .. بل يُشعره بـ عزة النفس وكرامة الكبرياء .. فـ من أعطى واتقى وصدّق بـ الحسنى تُفتح له أبواب التيسير ويصير طريقه مُمهّداً لليُسرى .

.. وهنا  يُبشّر كتاب ” الزكاة صدقة وقرض حسن ” .. بـ أن فريضة الزكاة كما رسمها القرآن الكريم تُعد علاجاً لـ حالة الاحتقان الاجتماعي .. فـ حين يُعطى الفقير حقه بـ لطف وحين يُنفق الغني دون رياء أو نفاق .. يُولد من هذا العطاء مجتمع لا يعرف الحقد ولا الحسد الطبقي .. بل ينمو فيه الاحترام وتزدهر فيه مشاعر الإخاء والمودة بين الناس .. كل الناس .

.. و في المقابل يحذر الله في آياته البينات الكريمات من العاقبة الوخيمة لـ من بخل واستغنى وكذّب بـ الحسنى .. إذ يكون مصيره العسر كما جاء في قول الله سبحانه وتعالى في كتاب الذكر الحكيم  : ” وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) ” .. صدق الله العظيم .. لـ يُرسّخ بذلك مبدأ قرآنياً عادلاً .. فـ من ضيّق على الناس ضُيّق عليه .. ومن يسّر على خلق الله يسّر الله له .

وهنا يرفع علي الشرفاء راية وعي جديدة بـ أن الزكاة ليست تفضّلاً من الغني .. بل هي حق معلوم للسائل  والمحروم في أموال الأغنياء .. هي وسيلة لـ حفظ التوازن المجتمعي وإزالة أسباب التوتر والاحتقان .. إذ يطرح الزكاة بـ اعتبارها قرضاً حسناً لله .. يضاعف أجره ويبارك الله فيه .. ويفتح به أبواب اليسر في الدنيا والآخرة .

ويرسخ الشرفاء الحمادي رؤيته بـ تأكيد محوري .. بـ أن معالجة مسألة الزكاة والإنفاق لا تنفصل عن كتاب الله .. بل تتكامل معه وتستمد قوتها منه .. فـ العودة إلى جوهر النص القرآني سبيل وحيد لـ صياغة واقع أكثر عدالة ورحمة .. لـ يصل الإنسان إلى يقين جازم بـ أن الزكاة ليست رقماً يُدفع بل زلزالًا يهزّ ضمائر الغافلين .. وصرخةً في وجه الطمع الإنساني .. فـ من بخلَ عاش ضيقاً محسوراً حتي ولو ملك الأرض بما فيها .. ومن أعطى وأتقي تنفّست روحه طُهراً وحرية وذاق حلاوة العتق من عبودية المال .

نعم إنه امتحان المال والنية .. وطوق نجاة تتشبث به المجتمعات الإنسانية .. قبل أن تغرق في طوفان الجوع والحقد والكراهية .. اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد .