بعد أربع سنوات من الإطلاق ويندوز 11 يتصدر أنظمة التشغيل

حقق نظام ويندوز 11 نقلة نوعية في سوق أنظمة التشغيل، إذ تمكن أخيرًا من تجاوز ويندوز 10 من حيث الحصة السوقية العالمية، ليصبح النظام الأكثر استخدامًا بين مستخدمي الحاسوب.
لم تأتِ هذه الخطوة بسهولة، بل احتاجت إلى أربع سنوات كاملة من التدرج البطيء والتحديات التقنية، ولكنها اليوم تمثل علامة فارقة في مسيرة مايكروسوفت وتطور استراتيجيتها في تقديم أنظمة تشغيل تواكب المستقبل.
الهيمنة على عالم الألعاب كانت البداية
لم يكن مفاجئًا أن يتفوق ويندوز 11 أولًا في مجال ألعاب الحاسوب، وهو أحد أبرز المجالات التي تتطلب أنظمة تشغيل حديثة تدعم الأداء العالي والتقنيات المتقدمة. فقد أظهرت نتائج استطلاع منصة Steam الشهيرة، أن ما يقرب من 60% من لاعبي الحاسوب باتوا يستخدمون ويندوز 11، متفوقًا بفارق كبير على ويندوز 10.
ساعد هذا التفوق المبكر في مجتمع الألعاب، النظام الجديد على اكتساب سمعة جيدة في الأداء والسرعة والاستقرار، إلا أن هيمنته في هذا المجال لم تكن كافية لتأكيد تفوقه على المستوى العالمي العام، الذي يشمل استخدامات المؤسسات، والتعليم، والمكاتب، والمنازل.
الانتشار البطيء والتدريجي لويندوز 11
عند إطلاق ويندوز 11 في عام 2021، لم يكن الإقبال عليه بالحجم المتوقع، حيث بلغت حصته السوقية حوالي 10% فقط خلال السنة الأولى. ورغم الحملة التسويقية المكثفة من مايكروسوفت، إلا أن المستخدمين والمؤسسات فضلوا البقاء على ويندوز 10، نظرًا لاستقراره وخبرتهم الطويلة معه، بالإضافة إلى أن متطلبات تشغيل ويندوز 11 كانت أكثر صرامة من سابقه، ما جعل العديد من الأجهزة غير مؤهلة للترقية.
لكن الوضع بدأ يتغير تدريجيًا خلال العامين الأخيرين. ففي فترة زمنية لم تتجاوز 18 شهرًا، ارتفعت حصة ويندوز 11 من حوالي 28% إلى أكثر من 51%، وفقًا لبيانات StatCounter، وهي منصة تحليل بيانات الإنترنت العالمية. هذا التحول لم يكن عشوائيًا، بل جاء مدفوعًا بعوامل عدة ساهمت في تسريع وتيرة الانتقال إلى النظام الجديد.
نهاية دعم ويندوز 10
أحد أبرز هذه العوامل كان إعلان مايكروسوفت عن اقتراب نهاية دعم ويندوز 10، المقرر في أكتوبر 2025. ومع اقتراب هذا الموعد، بدأت المؤسسات والجهات الحكومية والتعليمية بإعادة النظر في البنية التحتية الرقمية الخاصة بها، وأدركت الحاجة إلى تحديث أنظمتها لتجنب المخاطر الأمنية التي قد تنجم عن استمرار استخدام نظام تشغيل منتهي الدعم.
حتى على المستوى الفردي، بدأ المستخدمون يدركون أن البقاء على ويندوز 10 لم يعد خيارًا آمنًا، خصوصًا مع تزايد الهجمات السيبرانية والاعتماد المتزايد على الخدمات السحابية والتطبيقات الذكية. ودفع هذا الإدراك كثيرًا من المستخدمين نحو التحديث، حتى وإن تطلب الأمر تغيير الأجهزة أو التكيف مع واجهة استخدام جديدة.
الذكاء الاصطناعي يمنح النظام أبعادًا جديدة
لم تكتفِ مايكروسوفت بفرض التحديث عبر إنهاء دعم النظام القديم، بل عملت على تعزيز جاذبية ويندوز 11 من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في النظام. فقد أضافت الشركة ميزات مثل المساعد الذكي، والاقتراحات التلقائية، وتحسين الأداء استنادًا إلى سلوك المستخدم، بالإضافة إلى أدوات تحرير نصوص وصور تعتمد على تقنيات التعلم الآلي.
جعلت هذه الميزات من ويندوز 11 أكثر من مجرد نظام تشغيل تقليدي، بل منصة تفاعلية ذكية تستجيب لحاجة المستخدم وتتكيف مع متطلباته اليومية. ومع ازدياد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات العمل، أصبح استخدام نظام متكامل معه ضرورة وليس ترفًا.
هل ينجح ويندوز 11 في تكرار إنجازات ويندوز 10؟
رغم هذا التفوق، إلا أن الطريق أمام ويندوز 11 لا يزال طويلاً إذا أراد أن يحقق نفس الحصة السوقية التي وصل إليها ويندوز 10 سابقًا، والتي تجاوزت 80% في ذروتها. لا يزال ويندوز 10 يحتفظ بنسبة تقارب 49% من السوق، ما يعني أن عددًا كبيرًا من المستخدمين لم يقرر بعد الانتقال إلى النظام الجديد.
وما يزيد من تعقيد المشهد هو الحديث المتكرر عن قرب إطلاق نظام ويندوز 12، حيث تشير بعض التسريبات إلى أن مايكروسوفت قد تعلن عنه قريبًا. في حال صدقت هذه التوقعات، فإن النظام الجديد قد يحد من فرص ويندوز 11 في فرض سيطرته الكاملة على السوق، أو ربما يساهم في تسريع ترقية المستخدمين إلى بيئة أحدث.
نظرة إلى المستقبل
يبدو أن مايكروسوفت لا تسعى فقط إلى تقديم نظام تشغيل جديد كل بضع سنوات، بل تحاول بناء منظومة رقمية متكاملة تتفاعل مع تطور الذكاء الاصطناعي والاحتياجات المتغيرة للمستخدمين.
يمثل نجاح ويندوز 11 في تجاوز ويندوز 10 خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لكنه في الوقت نفسه يضع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على ثقة المستخدمين في ظل المنافسة المستمرة والابتكارات السريعة.
?xml>