اخر الاخبار

القرآن لا يُجدد والوحي لا يشيخ .. كلام الله رسالة إلهيّة خالدة تُوقظ الأرواح الميتة

كلام الله لا يُمس ولا يُجدد .. كلام الله أزليّ خالد لا يشوبه نقص ولا بهتان .. كلام الله لا يمر علي العقل مروراً بل يسري في الروح كما يسري النور في الظلام .. كلام الله ليس مجرد حروف تكتب بل رسالة إلهيّة خالدة نزلت من عند الرحمن كي تضيء دروب الأرض والحياة بـ الخير واليمن والبركات .

نعم .. نحن أمام رسالة إلهية لا تحتاج إلى صوت كي تُقال .. بل يكفي أن تُلامس القلب فـ تهزّه وتدب في الروح فـ تبعث فيها الأمل والحياة .. رسالة إلهية لم يُضاف إليها تحريف ولا حروف .. لأنها رسالة من نور جاءت من وحي السماء ومنصوص عليها في القرآن الكريم.. خطابها ليس بالياً كي يُرمم ولا قديماً كي يجدد .. بل هو حاضر دائم لا تغيب شمسه أبداً .

فما بال الناس يبحثون عن تجديد لـ رسالة لم يخلقها الله ناقصة ؟

يا أمة الإسلام .. و .. و يا أمة محمد : رسالة الهداية جاءت الينا كي تبقي حتي تقوم الساعة  .. لا تخضع للزمن ولا تتغير بمرور الايام .. قرآنها الكريم لم ينزل من عند الرحمن كي نزين به الرفوف .. بل جاء كي يوقظ  العقول الغافلة ويبعث فينا حياة كانت ميتة .. لكننا للأسف هجرناه وأهملناه .. ثم .. ثم ابتعدنا عن تعاليمه ورسالته الربانبةً .. ويا حسرتاه : فقد عادت بنا الحياة الي الموت الفكري والتكلس العقلي حتي باتت أمتنا كـ الرميم بعد الوفاة .

.. و .. و هنا لا يليق بنا ان نسأل : كيف نجدد النص الالهي ؟! .. بل .. متي نعود لهذا النص المقدس لـ نفهمه كما أراده الله لا كما أراده البشر ؟! .

وكعادته دائماً في أوقات الظلمة والحيرة .. يخرج علينا المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي بـ كتابات ومؤلفات تحمل إجابة لـ كل التساؤلات الحائرة .. وتحمل رسالة فكرية واضحة قاطعة .. رسالة لا أظنها قابلة للالتباس أو الاجتزاء .. رسالة مفادها أن الخطاب الإلهي لا يُجدد لأنه ببساطة غير قابل للفناء .. ولا خاضع لـ مرور الزمن .

كلمات علي الشرفاء الحمادي لا تسبح في فضاء التنظير .. بل تضرب بجذورها في عمق القرآن الكريم .. الذي لا يزال بعد أكثر من 1400 عام يدهش العلماء .. ويحرك العقول ويهدي القلوب ويتحدى البشرية جمعاء .. لا لأن الزمن توقف بل لأن الخطاب الإلهي جاء صالحاُ لكل مكان وزمان .. خطاب لا يحتاج إلى ترميم بل إلى إدراك وتأمل وتفعيل .

وهنا يقول الشرفاء الحمادي وبوضوح : إن رسالة الإسلام التي أنزلها الله على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .. ستظل قائمة إلى أن تقوم الساعة .. كما هي بنصها وبيانها ومعناها .. لا تحتاج من البشر إلى تجديد .. لأن ” التجديد ” افتراضٌ بأن هناك ما تقادم أو عفا عليه الزمن .. وهو ما لا ينطبق على كلام الله الخالد المقدس و المصان في اللوح المحفوظ .

ويستدل علي الشرفاء الحمادي بـ آيات قرآنية تتحدى البشرية جمعاء عبر العصور أن تأتِي بمثلها .. إذ يقول الله سبحانه وتعالى : ” قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ” .. .. وقوله سبحانه وتعالي : ” قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ” .. صدق الله العظيم  .. هذا الخطاب كما يرى الشرفاء ليس نصاً جامداً .. بل نبضٌ إلهيٌ خالدٌ يتفاعل مع القلوب والعقول .. ويعالج أمراض النفوس في كل عصر ويهدي الأحياء لا الموتى .. هو دليل عمل حيّ لا أرشيف تاريخي .. يضيء الطريق للإنسان في عالم تزداد ظلماته كل يوم بعد يوم .

وأحسب أن ما يطرح هنا ليس مجرد اختلاف مع من يدعون إلى ” تجديد الخطاب الديني “ .. بل هو إدانة فكرية صريحة لـ مفهوم بات يُستعمل خارج سياقه .. وبعيداً  عن الفهم الحقيقي للقرآن الكريم .. فهل يُعقل أن يُقال عن كلام الله إنه بـ حاجة إلى تجديد ؟ .. هل من المنطقي أن يُعامل كلام الخالق معاملة قوانين وضعية أو مناهج بشرية قابلة للإحلال والتعديل ؟ .. إن تكرار الدعوة إلى التجديد بهذه الصيغة ينطوي على استخفاف ضمني بـ عظمة الوحي .. وعلى غفلة ممن يتبنون هذا الطرح عن الهدف الأسمى من الرسالة الإلهية ” هداية الإنسان ” .. هداية بلا تجميل للنصوص أو تجزئتها لـ تناسب أهواء العصر  .

ولعل ما يجعل طرح الشرفاء الحمادي شديد الجاذبية ليس فقط متانة الحُجة .. بل تحرره من النمطية وارتكازه علي كلام الله وقرآنه الكريم .. فهو لا يتكئ على الدفاع الساكن بل ينقض بـ فاعلية  .. ويوجّه النقد إلى امة الإسلام المعاصرة التي تراجعت وتخلّفت .. لا لأن القرآن لم يعد صالحاً بل لأن المسلمين ابتعدوا عن جوهر القرآن والدين الحنيف .

ويقول علي الشرفاء : إن القرآن هو أول من دعا إلى التفكر والبحث واستجلاء حقائق الكون .. لا الركون إلى التقليد أو العيش على هامش الحضارة .. لكنّ المسلمين تخلّفوا عن هذه الدعوة الربانية .. وظنوا عن جهل أن الحل في إعادة ” تشكيل ” الدين بينما الأزمة الحقيقية في الضمير المعطّل .. والعقل المُغلق .. و .. و النفس الأمارة بـ السوء التي هجرت نور القرآن .

أحسب أن هذا الطرح الحمادي بمثابة وقفة فكرية نادرة في أوقات استفحلت فيها التنازلات الفكرية .. حيث يتسابق البعض للانحناء أمام موجات ” الحداثة ” و ” التنوير ” المزعوم حتى لو اقتضى الأمر ليّ أعناق النصوص .. أو تقديم تأويلات تخرج عن معانيها الأصيلة .. لكن علي الشرفاء لا ينزلق إلى ردود الفعل العاطفية .. بل يؤسس لـ منهج فكري عقلاني متصل بـ جوهر النص الإلهي المقدس .. ويرى في القرآن مصدراً دائماً للهداية لا يحدّه زمن .. ولا تُلغيه صيحات ” الموضة الدينية ” التي تظهر وتختفي كـ السراب.

فما كتبه ويكتبه علي الشرفاء في هذا الصدد يؤكد أننا لسنا أمام موقف محافظ جامد .. بل أمام فكر حي واعي يميز بين ” تجديد الخطاب البشري ” وبين ” قدسية الوحي ” .. القرآن لا يحتاج إلى تحديث .. بل نحن الذين نحتاج إلى تحديث لـ علاقتنا به .. وتفعيل مضامينه والعمل بما جاء فيه .

الخطاب الإلهي يا أمة الإسلام .. لا يشيخ لأنه خرج من قلب الأزل إلى قلب الإنسان .. خرج كي يبقي حيّاً ما بقيت الأرواح تهيم شوقاً إلى ربها .. خطاب لا يُنسى لأن فيه من نور الفطرة ما يُوقظ القلب مهما طالت الظلمة فيه .. خطاب لا يتغير لأنه ليس من زمن الناس بل هو خطاب الله الذي لا يحدّه زمان .. نحن فقط من تغير .. نحن من تغيب عمداً عن ذكر الحق .. نحن من أغلق الأبواب وصد عن كلام الخالق المنزه عن الغرض والهوي .

أما هو .. فـ هو الله الذي ينتظرنا كي نتوب .. ينتظرنا بـ صبر لا يُشبه إلا رحمة الله .. و كلما خفّفنا من ضجيج الدنيا سمعناه من جديد ينادي فينا ويهمس لنا : ” ارجعوا إليّ .. فـ  أنا الله ” .. وما إن رجعنا اليه وجدنا أن كل ما كنا نبحث عنه في الدنيا البالية الفانية .. كان فيه وعنده .. فهو الباقي الذي لا يبلي والحي الذي لا يفني .. اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد .