فنون

زياد الرحباني نغمة معترضة على سلّم النظام

ليس زياد الرحباني مجرّد فنان أو ملحن أو كاتب مسرحي.
إنه نغمة معترضة على سلّم النظام،
صرخة في وجه المألوف،
سؤال حادّ في زمن الإجابات الرخوة.
غياب زياد ليس غيابًا عن المسرح،
ولا هو انقطاع مؤقّت عن إصدار جديد،
بل هو غياب مرآة، غياب الضمير الذي تعوّدنا أن نراه يمشي بيننا – ساخرًا، متعبًا، لكن حيًّا.
منذ أن قرّر أن يبتعد، لم يعُد هناك من يقول للشارع: “صباح الخير يا وطن” بنبرة صادقة،
لم يعُد هناك من يسأل الفقير إن كان قد فطر اليوم،
ولا من يشتمنا ليذكّرنا أن الحبّ لا يُقال بل يُمارس.
زياد لم يغنِّ للوردة، بل للوردة التي ذبلت في يد الثورة.
لم يكتب للحب بمعناه الاستهلاكي، بل للخذلان الذي وُلِد من ضلعه.
هو لم يكن مؤلفًا للموسيقى فحسب، بل كان مؤلفًا للوجدان.
ربما قرر أن يبتعد حين سمع صمتهم…
ذاك الصمت الذي كان أبلغ من أي مقصّ رقابة.
ففي بلدٍ يُهمَّش فيه كل من يشبهه،
لا خيار أمامك سوى أن تلوذ بالغياب، أو بالصمت،
أو بالاثنين معًا.
لكننا نحن – جمهور زياد، شعبه غير الرسمي –
لم نمتلك يومًا ترف الغياب.
نعيش بين ركام الأغاني المُعلّبة،
نبحث عن نغمة مكسورة، عن بيت شعر فيه نشاز يُشبه حزننا.
نشتاق لصوته لا لأنه جميل، بل لأنه حقيقي.
لا لأنه يطرب، بل لأنه يوجِع.
اليوم، إن عاد زياد، سيجد بلدًا مختلفًا،
بلدًا تآلف مع الكذبة،
وتصالح مع الابتذال،
وأحبّ القاتل أكثر من القصيدة.

لكن رغم كل شيء،ما زلنا ننتظر…
بصوت مسجَّل، أو بمسرحية مؤجَّلة، أو حتى بجملة عابرة على ورقة منسية،
أن يعود الرجل الذي اختصر كل ما نحن عليه بجملة واحدة:
“أنا مش كافر… بس الجوع كافر.”

*عبير بلال شرارة كاتبة وإعلامية لبنانية

قد يهمك أيضا

لطيفة تستعد لإطلاق ألبوم جديد مع زياد الرحباني وتسعى لتنفيذ وصية يوسف شاهين

 

لطيفة تطرح ألبوم مع زياد الرحباني قريباً