اخر الاخبار

هوية الدولة .. مصر قلب الأمة العربية النابض

إن جمهورية مصر العربية تشكل محورًا حساسًا مهمًا لجميع دول العالم، بما تمثله من موقع وحضارة وثقافة تزخر بمختلف الحضارات. اعتبرها المواطن العربي قلب الأمة العربية النابض بالحرية والكرامة ، دولة تمتلك الإيمان والقدرة على الدفاع عن قضايا العروبة وتحقيق تطلعات الشعوب العربية في تحقيق أحلامهم عندما تتجسد على الواقع.

تعاون اقتصادي مشترك، ومشاركة في نشر العلم والتقنيات المتطورة، وبناء جسور التلاقي في تسخير اقتصاديات وثروات العالم العربي لأبناء أمتنا العربية لتحقيق الرفاهية والتنمية المستدامة ، وقد صنفتها الدول الغربية بميزان الاعتدال في الشرق الأوسط، واعتبرتها إسرائيل عدوًا محتملًا يهدد أمنها في المستقبل ويعيق حركتها في التوسع.

  • مصر قلب الأمة العربية النابض

لذا فإن أعداء الأمة العربية لن يهنأ لهم بال، ولن يغمض لهم جفن حتى يتحقق لهم كسر شوكتها والنَّيل منها بكل الوسائل ، ولكن أخطرها ما سوف تقدمونه لهم على طبق من ذهب، لينالوا من مصر وعزتها وكرامتها: بالفُرقة والتشتت، وخلق مناخ كريه تتقاتل فيه مختلف الطوائف والفِرق، وتنهار الجبهة الداخلية، وتتبدد الوحدة الوطنية، ويضيع الوطن.

  • فماذا يتحقق من مكاسب الصراع الحزبي أو الطائفي؟

الكثير يبحث عن موطن في جسم الشعب المصري ليغرز فيه خناجره المسمومة، ويشجع الكراهية بين أبناء شعبه   فترى عددًا من الفضائيات الحديثة تسارع في التقاط كل من نسيه التاريخ وأهمله، لينفث سمومه ويسعى للانتقام بكل وسيلة من خصومه.

لقد ساعدت تلك الفضائيات في أن تقدم أناسًا جاءوا من عصور سحيقة موغلة في القدم، يرفعون رايات الحقد والكراهية، يحرفون كتاب الله، وما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من رحمة ومحبة وسلام للناس كافة.

  • الدين وعقائد البشر

إطلاق بعض المصطلحات على نوعية الدولة، إن كانت علمانية أو مدنية أو دينية، ليس له مكان من التعريف في القانون الدولي للدولة، أو مدلول معين في أسلوب حياة المجتمعات.

إن تعريف الدين يتعلق بعقائد البشر، بما يؤمنون به وما استقر في قناعاتهم ويقينهم. فمنهم من آمن برسالة الإسلام أو برسالة عيسى أو موسى، ومنهم من اعتقد بعقائد أخرى، وتم تعريفهم بأنهم ليسوا من أهل الكتاب، وأنهم أحرار في خياراتهم العقائدية ، وتظل المواطنة هي المعيار الوحيد في التعامل مع جميع أفراد المجتمع، بالعدل والمساواة، في جميع الحقوق والواجبات.

لذا، فإنه من المنطق، وما تعارف عليه الناس، أن الهوية تعني الوطن، بما يحويه من تاريخ وآثار وطبيعة وانتصارات وقدرات مختلفة يتميز بها في مجالات السياحة والصناعة والتعليم والرياضة والثقافة.

  • الهوية من البديهيات

الهوية من البديهيات، حيث إن هوية الشعب المصري هي “المصرية”، بانتمائه إلى الوطن، وهي “مصر”. فلا محل للخلاف أو المزايدة على هوية الدولة ، وستظل مصر – التاريخ والثقافة والفن والسياحة – مستمرة في حيويتها وتطورها، لتضيف على ما أسسه الأجداد من آلاف السنين حتى تقوم الساعة، وما تسعى إليه من تطور وتقدم ورفعة في مختلف المجالات.

  • الهوية وطن والدين عقيدة

لذا فإن ما نعنيه أن الهوية وطن، أما الدين فهو عقيدة، يختار كل إنسان عقيدته بكل حرية واستقلال، ويمارسها في حماية الدولة   وقد تكفل الدين الإسلامي بحماية كل الناس في أموالهم وأعراضهم وعقائدهم، لأن الله سبحانه وتعالى اختص وحده بحسابهم، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ… إِلَي اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» (المائدة: 48).

  • التجربة المريرة لحكم الإخوان

لقد أحدث نظام الحكم الإخواني، خلال سيطرته على الحكم في جمهورية مصر العربية، مناخًا مظلمًا أنبت فيه طفيليات توحَّشت، استباحت الأمن القومي المصري، وعطلت دوره التاريخي   نظام جعل التقاعس في تطوير الوطن سياسةً وهدفًا، والتهاون في المصلحة العليا للشعب نوعًا من السلوك القويم، حينما رمى بثقله السلبي على الاقتصاد الوطني.

تعطلت المصانع، وتشرد العاملون، وتوقفت السياحة، وخرجت أفواج الإرهاب تحمل رايات القتل والتدمير، تستهدف تطويع الوطن وأبنائه، وتمزيق وحدة شعبه.

  • تعزيز الجبهة الداخلية

لذا يجب، تحت أي ظرف، عدم السماح بالإخلال في الجبهة الداخلية، ويجب تحقيق مزيد من التلاحم في الوحدة الوطنية، لمواجهة أعداء لا يريدون الخير لشعب مصر ، وينبغي اتخاذ كافة الخطوات لاستيعاب الصالحين من أبناء الشعب المصري.

  • العدالة والتسامح قواعد للتعامل

فلتكن العدالة والرحمة والتسامح قواعدًا للتعامل مع الجميع، وليكن العقاب الرادع لكل من ساهم ماديًا أو معنويًا في الإضرار بمصلحة الشعب المصري، وتلاعب بأمنه وأضر بثروته ، ليقول القضاء كلمته فيهم، ولتتجه العقول والقلوب والأيادي لوضع خارطة بناء المستقبل المشرق، وتأمين الوحدة الوطنية، بعقولٍ مفتوحة، وإدراكٍ واعٍ، ومسؤوليةٍ تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار.

  • محاور التخطيط الاستراتيجي

يتم تشكيل مجلس للتخطيط الاستراتيجي، تكون مهمته وضع استراتيجية اقتصادية وتعليمية وأمنية واجتماعية، تأخذ في الاعتبار المحاور التالية:

  • أولًا: في المجال الاقتصادي

تشكل لجنة اقتصادية منبثقة من مجلس التخطيط الاستراتيجي، تتولى دعوة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين، لإعداد خطة اقتصادية لمدة خمس سنوات تنهض بالاقتصاد الوطني، وتوظف كافة الطاقات الاقتصادية في الدولة، وتطويرها لإعطاء مردود أفضل.

  • على سبيل المثال:

• ‌أ. قطاع البترول والبتروكيماويات.

• ‌ب. قطاع التصنيع وتطوير الإنتاج وزيادة معدلاته الإنتاجية.

• ‌ج. القطاع الزراعي وزيادة الرقعة الزراعية، خاصة فيما يحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح.

• ‌د. قطاع البنوك، وتطويرها لتكون عاملاً أساسيًا في التنمية الاقتصادية لتمويل المشروعات العملاقة.

  • ثانيًا: في المجال التعليمي

إن ارتقاء الأمم وتقدمها يعتمد أساسًا على مناهج التعليم، ومدى توافقها مع أهداف تنمية المجتمع ، ويجب تحديد أولويات خطة التنمية لتتوافق مع احتياجات المجتمع، وصولًا إلى مجتمع تتحقق فيه الرفاهية والعدل، ويوفر السكن الملائم والدخل المناسب، لتأمين حياة كريمة تساعد الإنسان على تطوير مجتمعه ، لتستطيع جمهورية مصر العربية أن تأخذ مكانتها بين الأمم المتقدمة.

  • ثالثًا: نظام العمالة :

الارتقاء بمستوى العمالة من حيث التدريب في قطاعات الصناعة والزراعة، واستغلال الفائض في تصديرها للدول العربية وغيرها ، ويتطلب ذلك تكثيف المعاهد الصناعية والزراعية لمواجهة متطلبات السوق.

  • رابعًا: قطاع الاستثمار

وضع قوانين ونُظم لتأسيس شركات استثمار عملاقة، تشارك فيها الشركات الحكومية، والبنوك، ومستثمرون من دول عربية وأوروبية، في مشروعات استراتيجية ذات مردود مناسب.

يحقق ذلك للشعب المصري أفضل استغلال لثرواته الطبيعية، ويوفر آلاف الوظائف، مع وضع قواعد صارمة بعدم استخدام عمالة خارجية تحت أي ظرف. فالكفاءات متوفرة في مصر.

  • خامسًا: القوات المسلحة

لقد أثبتت القوات المسلحة، على مدى العصور، إخلاصًا وتفانيًا في سبيل الذود عن الوطن، حمايةً لأمنه، وتحقيقًا للاستقرار، ليحقق الوطن انطلاقة نحو التنمية الاستراتيجية، واستثمار ثرواته للارتقاء بمستوى الحياة، في الحرية والكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية.

  • 30 يونيو خيار الشعب في الحفاظ على وطنه

وسوف يتوقف التاريخ لكتابة عهد جديد، التحمت فيه القوات المسلحة مع أفراد الشعب في يوم 30 يونيو 2013، لتؤكد حق الشعب في الحفاظ على وطنه وخياراته في مستقبل واعد يتحقق فيه أحلامه، وما يتطلع إليه من حياة كريمة.

ومن هنا يتطلب الأمر دعم القوات المسلحة في التطوير والتسليح وتحديث القدرات الدفاعية، وحمايتها من التشكيك أو الإسراف في النقد. فتلك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها.

ولا ينبغي أن ينساق المواطنون وراء مقولات مشبوهة أو محاولات يائسة لخلق وقيعة بين الشعب وقواته المسلحة، فهي الحصن لأمنه، وهي الدرع لحمايته.

فعلى الجميع ألا يبخلوا بالدعم المعنوي، والافتخار بأدوارها التاريخية، والاعتزاز بما تقوم به من تضحيات، وما تقوم به من عمل جبار في محاربة الإرهاب والتكفيريين المارقين الذين يسعون في الأرض فسادًا وتخريبًا.

  • سادسًا: تحقيق أمن المواطن

إن الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية والقوات الشرطية في تحقيق أمن المواطن، والتصدي لكل أنواع الخارجين عن القانون، ومحاربة الإرهابيين على مستوى كافة المحافظات المصرية، وما تقوم به من تضحيات جسيمة، حيث تتقدم القيادات العليا فيها مواكب الشهداء لتأمين المواطن في مسكنه وماله وأرضه، هو دور لا يُقدّر بثمن.

لقد أدرك الشعب المصري أن المثلث المقدس، الذي يحتوي على الشعب والقوات المسلحة والشرطة، هو الكفيل بحماية الوطن، وتحقيق الاستقرار والازدهار ، وعلى الدولة التزامٌ بتوفير كافة مستلزمات وزارة الداخلية، وتحديث قدراتها الفنية والعلمية، لتستمر في حماية الجبهة الداخلية.

  • نداء إلى شباب مصر

فيا شباب مصر، ويا شعب مصر العظيم: أمامكم المستقبل المشرق الذي يحثكم على سلوك الطريق إليه، ويدعوكم لبناء مصر المحبة، مصر السلام، مصر الحضارة.

حفظ الله القوات المسلحة، ووفقها في خدمة الوطن، وحماية حدوده، والمحافظة على أمنه الوطني.

كاتب المقال: رئيس ديوان رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة سابقا