إيقاع “العطلة القضائية” في المغرب .. تأجيلات جزئية واستمرارية مضمونة

تعيش المحاكم المغربية “وضعا خاصا” خلال شهر غشت من كل سنة؛ إذ تتأثر بالتدابير المرافقة لبداية العطلة القضائية السنوية، التي يستفيد منها القضاة وكتاب الضبط، إلى جانب المشتغلين في باقي المهن المرتبطة بمجال العدالة.
ويتم مسبقا إرجاء البت في الملفات المدنية والتجارية ونظيرتها غير المستوفية لشرط الاستعجال إلى غاية شهر شتنبر أو الأشهر الموالية له، ويقتصر النظر في الملفات ذات الطابع الاستعجالي، لا سيما المرتبطة منها بحرية الأفراد المتابعين في حالة اعتقال.
ولا يشكل تطبيق هذه التدابير الظرفية، وفق ملمّين بشؤون العدالة، أي تأثير على عمل المحاكم، على اعتبار أن ضمان استمرارية عمل هذه المرافق يعدّ أولوية، وعلى أساس عودة الدينامية إلى المحاكم مع مطلع شهر شتنبر.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن فئات مجتمعية تحرص كل سنة على إبداء ملاحظاتها بشأن تدبير هذه العطلة القضائية، بما فيها الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تعوّل كثيرا على عودتها إلى أرض الوطن لمواكبة ملفاتها الرائجة أمام القضاء، والتي يمكن أن يشملها التأجيل ما لم تكن ذات طبيعة استعجالية.
وأكد محمد رضوان، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، أن “المحكمة مرفق عمومي لا يمكن أن يظل خارج الخدمة. ولذلك، فالعطلة القضائية لا تعني إيقاف الحياة داخل هذا المرفق، وإنما تشير إلى تكييف عمله مع خصوصية فصل الصيف، من خلال إرجاء النظر في ملفات إلى غاية شهر شتنبر أو الأشهر التي تليه”.
وأوضح رضوان، في تصريح لهسبريس، أن “الملفات ذات الطابع الاستعجالي، التي تستدعي البت الآني فيها، تبقى غير معنية بهذه العطلة القضائية”، موردا أن “شهر غشت يشكل فترة مناسبة لكثير من القضاة، على وجه التحديد، لأخذ قسط من الراحة بعد سنة كاملة تم قضاؤها أمام آلاف الملفات”.
وأوضح أن “هذه العطلة تشمل على الخصوص القضايا المدنية والتجارية غير المستعجلة، في حين يسهر القضاء على التعامل مع مختلف الملفات الواردة عليه خلال هذه الفترة من السنة”.
وقال المتحدث ذاته أيضا إن “العطلة القضائية خلال شهر غشت تكون دائما في حسابات الجسم القضائي؛ إذ يتم استحضارها عند الرغبة في إرجاء البت في ملفات بعينها إلى موعد آخر. وهناك اتفاق يتم العمل به بين الرؤساء والرؤساء الأولين للمحاكم المغربية ونقابة المحامين يشترط عدم التقدّم بملفات جديدة خلال الفترة الحالية، ما لم تكن ذات طابع استعجالي”.
من جهته، أكد محمد ألمو، محامٍ بهيئة المحامين بالرباط، أن “هناك فهما خاطئا للعطلة القضائية السنوية لدى كثير من المواطنين الذين يعتقدون أن الأمر يتعلق بتوقف كامل لعمل المحاكم، بينما الأمر بخلاف ذلك؛ إذ يوجب المبدأ ضمان استمرارية مرفق العدالة”.
وأفاد ألمو، في تصريح لهسبريس، بأن “المحاكم اخبار السعودية عملها، لا سيما فيما يخص الإجراءات وسحب الوثائق والأحكام، وإيداع الدعاوى وتسجيلها، فضلا عن البت في الدعاوى الاستعجالية المرتبطة بالأشخاص المتابعين في حالة اعتقال”.
وزاد: “يتم تأجيل البت في الملفات غير المستعجلة إلى شهر شتنبر أو الأشهر التي تليه، من قبيل الملفات التي يصعب البت فيها بشكل نهائي خلال جلسة واحدة”، مبرزا أنه “يتم العمل بعد العودة من العطلة الصيفية على ضمان عودة الدينامية إلى قاعات الجلسات”.