لاهاي الهولندية تحتفي بأفلام “مينا”

انعقدت في مدينة لاهاي الهولندية الدورة السادسة من مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA).
التظاهرة، التي باتت محطة سنوية للسينما القادمة من المنطقة، تحولت إلى فضاء للذاكرة الجماعية والتبادل الثقافي، ساعية إلى إعادة وصل شعوب المنفى بجذورها عبر لغة الصورة والفن.
افتتح المهرجان بفيلم “ناجي العلي” للمخرج قاسم عبد، الذي استعاد مسيرة رسام الكاريكاتير الفلسطيني بوصفه رمزًا للكرامة والذاكرة البصرية. وفي كلمة مؤثرة، أكد ضيف الشرف الموسيقي مارسيل خليفة أن الفن يظل قادرًا على الاستمرار رغم الحرب والدمار، معتبرًا أن كل فيلم أو قصيدة هو فعل مقاومة يبعث الأمل.
وشهدت الدورة تكريم انتشال التميمي، الرئيس الشرفي للمهرجان، بجائزة “لاهاي للسينما” تقديرًا لمسيرته الثقافية، كما تم عرض أعمال فنية للفنانين قاسم الساعدي وبريجيت رويتر، إضافة إلى لوحة كاريكاتيرية أنجزها علي المندلاوي.
كما قدم الناقد إبراهيم العريس ندوة بعنوان “المنفى والذاكرة في السينما المعاصرة”، شدد فيها على أن المنفى ليس غيابًا بل فرصة لإعادة تعريف الوطن، قبل أن يُكرّم بعمل نحتي رمزي.
حضر الصوت الفلسطيني بقوة من خلال أفلام عديدة؛ منها إلى أرض مجهولة لمهدي فليفل، وبرتقالة من يافا لمحمد المغني، وغميضة لرامي عباس، التي تناولت موضوعات اللجوء والمنفى والعبور اليومي عبر الحواجز.
أما الجوائز، فذهبت الجائزة الكبرى لأفضل فيلم طويل إلى أناشيد آدم لعدي رشيد من العراق، فيما حصل فيلم هوبال لعبد العزيز الشلاحي من السعودية على جائزة لجنة التحكيم. ومنحت جائزة أفضل أداء جماعي لطاقم فيلم إلى أرض مجهولة، بينما نال فيلم برتقالة من يافا جائزة أفضل فيلم قصير، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للأفلام القصيرة إلى آخر واحد لكريم الرحباني من لبنان.
وقالت وفاء مراس، المديرة الفنية لمهرجان هولندا مينا، إن الدورة السادسة لم تكن مجرد عروض فنية، بل شكلت فضاءً للتبادل واللقاء، حيث اجتمع الفنانون والجمهور من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا على أرض واحدة لتقاسم الإبداع والإنسانية.
وأضافت أن هدف المهرجان يظل هو بناء جسور للفهم والحوار عبر السينما والموسيقى والفنون البصرية، مؤكدة أن الثقافة قادرة على كسر الحواجز وتقديم صورة أعمق وأكثر تنوعاً عن المنطقة.
وفي ختام الدورة، قال مصطفى بربوش، رئيس المهرجان، إن هذه المبادرة ليست مشروعًا استثماريًا بل “مشروع ذاكرة” يقوم على إمكانات محلية، معتبرًا أن السينما والفن هما ما يبقى حين ينسحب كل شيء آخر.
بهذه الروح، اختتمت لاهاي أيامها السينمائية، مؤكدة أن الفن ما زال يضيء طرق المنفى وأحلام شعوب المنطقة.