اخبار الكويت

…عادات اندثرت! – الراي

رسم عدد من الأكاديميين والمختصين في علم الاجتماع خريطة التحولات المجتمعية التي حدثت في المجتمع الكويتي، لافتين إلى «ضرورة تعزيز الوسطية في التعامل مع هذه التغيّرات، بحيث لا نكون ضد التحديث في نمط الحياة بكل جوانبها، ولكن بحذر ووعي، حتى لا نكون فريسة سهلة للغزو الثقافي الذي تشهده مجتمعاتنا».

وذكروا أن «الكويت كانت متميّزة قبل النفط وبعده، بسبب العادات والتقاليد التي كان المجتمع يتمتع بها»، لافتين إلى أن «بعض هذه العادات يتعلق بظروف اجتماعية وبعضها الآخر يتعلق بطريقة الحياة وسلوكيات الأفراد، ولا تخضع هذه العادات لمعايير القياس والقواعد العامة، لذلك فإن ما نراه مقبولاً في مجتمع من المجتمعات قد نراه مرفوضاً في مجتمع آخر، وما يراه مجتمع من المجتمعات جميلاً قد يراه مجتمع آخر قبيحاً».





بليندا لويس

فيصل الخزيم: المطبخ الكويتي كان يتميّز بالأطعمة البسيطة والصحية




فيصل الخزيم

قال الأستاذ المساعد في الأنثروبولوجيا الطبية الدكتور فيصل الخزيم، «لقد شهدت الكويت، وهي دولة صغيرة ولكنها ثرية في منطقة الخليج، لتحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة على مدى العقود القليلة الماضية. ولم تؤثر هذه التغييرات على البنية الأساسية والاقتصاد في البلاد فحسب، بل كان لها أيضاً تأثير عميق على العادات الغذائية لسكانها».

وحول التغيرات في الأطعمة، قال: «كان المطبخ الكويتي يتميّز بالأطعمة البسيطة والصحية مثل الأسماك والأرز والتمر ومنتجات الألبان، ومع ظهور العولمة والتحضر وزيادة الثروة، تغيرت السلوكيات الغذائية في الكويت بشكل كبير»، مضيفاً «تاريخياً، كان النظام الغذائي الكويتي يتشكل من مناخ المنطقة الجافة وما يحويه من الموارد الزراعية المحدودة. وشملت الأطعمة الأساسية الأسماك من الخليج العربي والأرز والتمر والخبز، وغالباً ما تكون مصحوبة بمنتجات الألبان مثل اللبن والسمن».

وزاد «كانت الوجبات عادة مطبوخة في المنزل، مع التركيز على المكونات الطازجة التي يتم الحصول عليها من مصادر محلية، ولم يكن هذا النظام الغذائي مغذياً فحسب، بل كان أيضاً متوافقاً مع السياق الثقافي والبيئي في ذلك الوقت»، لافتاً إلى أنه «في العقود الأخيرة، شهدت الكويت انتقالاً سريعاً من نظام غذائي تقليدي إلى نظام أكثر غربية».

4 أسباب للتغير

حدد الخزيم 4 أسباب للتغير في العادات الغذائية، هي:

1 – الازدهار الاقتصادي:

جلب اكتشاف النفط في منتصف القرن العشرين ثروة غير مسبوقة إلى الكويت، ما أدى إلى زيادة الدخل المتاح والتغييرات في نمط الحياة. ومع زيادة القوة الشرائية، بدأ الكويتيون في تبني عادات غذائية أكثر تنوعاً وأقل صحة في كثير من الأحيان.

2 – التحضر وثقافة الوجبات السريعة:

أدى التحضر السريع لمدينة الكويت والمراكز الحضرية الأخرى إلى انتشار سلاسل الوجبات السريعة والمتاجر والمطاعم التي تقدم أطعمة على الطراز الغربي. أصبحت الوجبات السريعة، التي تتميز بمستويات عالية من الدهون والسكر والملح، تحظى بشعبية متزايدة، خصوصاً بين الأجيال الشابة.

3 – العولمة والتأثير الثقافي:

ساهمت عوامل مثل وسائل الإعلام العالمية والسفر الدولي والسياحة في تعريف الكويتيين بمجموعة واسعة من المأكولات والاتجاهات الغذائية. وفي حين أن هذا قد أثرى المشهد الغذائي، إلا أنه ساهم أيضاً في تبني أنماط غذائية أقل صحة.

4 – نمط الحياة السريع:

مع دخول المزيد من الكويتيين – خصوصاً المرأة – إلى سوق العمل وعيشهم حياة أكثر انشغالاً، كان هناك انخفاض في الوجبات المطبوخة في المنزل وزيادة في استهلاك الأطعمة المصنعة والمعلبة مسبقاً. وكذلك، مع توافر خدمات توصيل الوجبات إلى المنازل والمجالس، أصبح هناك تغير غذائي والاعتماد بشكل ملحوظ على هذه الخدمات.

تأثير السلوك الغذائي على الصحة

بيّن الخزيم أن «التغييرات في السلوك الغذائي في الكويت لها آثار كبيرة على الصحة العامة، وقد ساهم التحول نحو الأنظمة الغذائية الغربية في ارتفاع معدلات الأمراض غير المعدية مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الكويت لديها واحدة من أعلى معدلات السمنة في العالم، حيث يصنف أكثر من 40 في المئة من السكان على أنهم يعانون من السمنة المفرطة. من ناحية أخرى، فإن الوعي الصحي المتزايد بين الكويتيين يمثل فرصة لعكس هذه الاتجاهات. ومن خلال تعزيز العادات الغذائية الصحية وتشجيع النشاط البدني، يمكن للكويت الحد من عبء الأمراض غير المعدية وتحسين الصحة العامة ورفاهية سكانها».

محمد الحداد: يجب الحفاظ على عاداتنا ونقلها للأجيال




محمد الحداد

بيّن أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت الدكتور محمد الحداد أن «العادات والتقاليد هي موروث ثقافي اجتماعي يحاول المجتمع المحافظة عليها وعدم المساس بها»، لافتاً إلى أنها «شيء مكتسب نتيجة استمرارية ممارستها حتى أصبحت عفوية ولا إرادية، وهذه العادات والتقاليد تعبر عن هويتنا الثقافية، التي اكتسبناها على مر الزمن».

وأشار إلى أن «بعض هذه العادات تتعلق بظروف اجتماعية وبعضها الآخر يتعلق بطريقة الحياة وسلوكيات أفراد هذا المجتمع وأخلاقياتهم، ولا تخضع لمعايير القياس والقواعد العامة، لذلك فإن ما تراه مقبولاً في مجتمع من المجتمعات قد تراه مرفوضاً في مجتمع آخر، وما يراه مجتمع من المجتمعات جميلاً قد يراه مجتمع آخر قبيحاً».

وشدد على أنه «في الكويت لدينا عادات وتقاليد جميلة تحمل قِيَماً معنوية كبيرة لا يمكن التنازل عنها، هذه التقاليد يجب أن تبقى على حالها وأن نحافظ عليها ونصونها ونحملها إلى أولادنا والأجيال القادمة، فهي تمثل تراثنا وتراث أجدادنا الذي هو فخر لنا، فتقاليدنا أصيلة تستحق الحفاظ عليها».

وأضاف أن «كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية له طابعه الخاص من العادات والتقاليد والقيم والأعراف التي تحكمه، وتحكم سلوك أفراده هذه العادات والتقاليد»، لافتاً إلى أننا جميعاً «نخضع لسلطة التقاليد والعادات مهما كانت مواقعنا في المجتمع وأعمالنا التي نمارسها أو حتى لو اختلفنا في مستوى تعليمنا».

لا للتمرد

أكد الحداد رفضه للتمرد على العادات قائلاً: «نحن لسنا مع هؤلاء المتمردين على العادات الذين يرون أن الابتعاد عنها أساس تطور المجتمع وتحضره، فالابتعاد عنها بنظرهم مواكبة للعصرنة ومتطلباتها، وأن التمسك بكل ما هو قديم مدعاة للتخلف والرجعية بل نحن مع الوسطية في التعامل معها. ينبغي ألّا نكون ضد التحديث في نمط الحياة بكل جوانبها، ولكن بحذر ووعي حتى لا نكون فريسة سهلة للغزو الثقافي الذي نشهده هذه الأيام في مجتمعاتنا».

التغيّرات

وأوضح الحداد أن «العادات تنشأ نتيجة التأقلم مع البيئة الطبيعية التي يعيش فيها المجتمع، فعادات المناطق الحارة تختلف عن الباردة والمعتدلة، أما عن سبب اختفاء بعض العادات والتقاليد أو تغيّرها فإنه قد يكون نتيجة تغيرات اجتماعية مثل الهجرة والنزوح السكاني والاختلاط بين الجماعات الاجتماعية والتغيرات الديموغرافية مثل الزيادة السكانية، وتبدل في نمط الحياة التي يعيشها الأفراد مثل زيادة التحضر، والانفتاح على الثقافات الأخرى».

4 عادات اختفت

عدد الحداد 4 عادات كويتية مختفية:

1 – ما يتعلق بطقوس الزواج التقليدي مثل الزفة في الأعراس التي كانت تقام على الأقدام في الأحياء مع أغانٍ تقليدية، لكنها تراجعت مع تطور نمط الاحتفالات وظهور الصالات الحديثة في الفنادق والصالات الاجتماعية كما اختفت عادات مصاحبة مثل الدزة وغيرها.

2 – «ليلة السهر»، وهي تجمع أسري ليلة 15 شعبان حيث يقضي الناس ليلها بسهر تهجد وصلوات ودعوات خلال فتراتها حتى اليوم التالي، وكانت مناسبة سعيدة للأطفال لأنها تتيح لهم السهر طوال الليل وسط تجمعات أسرية نسائية وأخرى رجالية حتى صلاة فجر اليوم التالي.

3 – «كاسيرو دلة أربع أنات مله» وهي أنشودة للأولاد حيث يطوفون البيوت قبل يوم العيد يجمعون النقود من ميسوري الحال في الأحياء أو الفرجان.

4 – ألعاب شعبية اختفت مثل (المكصى) و(شط بطط) و(الدوامة) و(صيده مصيده) و(حي الميد)، وعند البنات لعبة (الخبصة) و(اللكصة) و(البروي) و(الحيلة) و(أحدية بدية) و(الصميمكة)، وجميعها تقريباً أفلت.

… وأخرى تغيّرت

رصد الحداد بعض العادات التي تغيّرت مثل:

1 – القريش، الذي يبدأ من الأساس في آخر أيام شهر شعبان، وهو من أهم وأبرز ملامح استقبال الكويتيين لشهر رمضان الكريم، والآن ظاهرة القريش انتقلت من البيوت إلى المؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة.

2 – القرقيعان… (قرقيعان وقرقيعان بيت قصير ورميضان) و(سلم ولدهم يالله خله لامه يالله) كلمات يرددها أطفال الكويت أثناء احتفالهم بـ (القرقيعان) خلال شهر رمضان المبارك، واختلفت ثقافة الاحتفال في وقتنا الحالي عن الماضي، إذ إن عادة تجوّل الأطفال في الأحياء السكنية وعادة طرق الأبواب للحصول على القرقيعان تغيرت صورتها مع وجود عاملة المنزل التي أصبحت عضواً مشاركاً ومرافقاً للأطفال في التجوال بين منازل الحي، كما أن كثيراً من الأسر باتت تقيم حفلات خاصة بالمناسبة داخل المنازل حرصاً على سلامة الأطفال.

طلال العلي: الكويتيون احترموا العمل والكثير من الأسر تنتسب للمهن




طلال العلي

أكد أستاذ علم النفس الاجتماعي الدكتور طلال العلي أن «الكويت كانت متميزة قبل النفط وبعده، بسبب العادات والتقاليد التي كان المجتمع الكويتي يتمتع بها»، لافتاً إلى أن «اسم الكويت ارتبط بالتجارة واللؤلؤ والحريات ومجلة العربي وعالم الفكر وجامعة الكويت، ونشر الفكر والثقافة والفن في الوطن العربي».

وبيّن أن «من أهم القيم التي جعلت الكويت متميزة في محيطها هي قيم التسامح والانفتاح على الآخر، فالشعب الكويتي كان من أكثر الشعوب تقبلاً للآخر. ولذلك نرى أناساً من مختلف الدول والحضارات والمعتقدات استوطنت الكويت وعاشوا فيها».

ولفت إلى أن «احترام العمل كان من أهم قيم المجتمع الكويتي، حتى أن الكثير من الأسر تنتسب للمهن والحرف التي تقوم بها»، مشيراً إلى أن «احترام العمل وتقدير العامل هو ما جعل البلد الصغير قليل الموارد يزدهر قبل النفط، بل وجعل الناس تهاجر من بلدان بها أنهار وثروات طبيعية إلى الكويت».

وأكد أن التسامح والانفتاح والعدالة وتقبّل الآخر هو ما خلق الصورة الجميلة عن المجتمع الكويتي وهذه القيم يجب أن يتم تشجيعها وتنميتها.

نوال المهيني: الجار قديماً كان يشارك في تربية أبناء جاره




نوال المهيني

أوضحت الاستشارية الاجتماعية نوال المهيني أن «ثمة فرقاً بين العادات والتقاليد، فالعادات هي السلوك اليومي وهو متغير حسب طبيعة الوضع وظروف البلد. أما التقاليد فهي الموروثات التي نتوارثها وتصبح أكثر رسوخاً».

وبيّنت أن «من العادات التي تغيرت العلاقات المعمقة مع الجيران ومعرفة أبنائهم، فالجار سابقاً كان له الحق في جزء من تربية أبناء جاره والمحافظة على حرمة البيت، وهذا لم يعد قائماً الآن بسبب الخصوصية وانشغال الناس».

ولفتت إلى أن «البيوت القديمة كانت تضم الأسرة الكبيرة الممتدة بما فيها الجد والأعمام، ما يجعلهم مشاركين في تنشئة الأطفال، وهذا أمر لم يعد موجوداً».

وتحدثت عن التقاليد، قائلة «المجتمع الكويتي معروف بتقاليده المحمودة، ومن بينها حالة التضامن في حالات الوفاة والمرض، وكذلك حب السفر وتلقف سماع الأخبار والقصص»، لافتة إلى أن «التطور والسفر ساهما في تغيير نسق الحياة، فقديما لم يكن الكويتيون يشربون قهوة تركية والآن دخلت على المجتمع، كما أن غسيل الملابس قديماً كان على البحر ومع تطور الحياة تغيّر هذا الأمر».