اخبار المغرب

المعلم مصطفى باقبو .. رائد فن “كناوة” عانق العالمية ورفض الاستسهال

صورة: أرشيف

هسبريس – وائل بورشاشنالخميس 11 شتنبر 2025 – 00:00

ودّع “الكمبري” علما من أبرز من دقّ أوتاره بالمغرب كانَه مصطفى باقبو، رائد فن “كناوة” الذي ارتبطت باسمه صفة “المعلّم”، التي تُضفى على محترفي هذا اللون الفني الذي يجمع غنى التاريخ والجغرافيا والتشعّب في التقاليد الإبداعية والروحية.

المعلم باقبو، الذي رحل في سنة عيشه السبعين، رغم شيوع خطأ قانوني زاد مسيرته على دنيا الناس عامين آخرين، ظلّ حتى آخر أيام حياته حاضرا عزفا وصوتا، واسما طبع الساحة “الكناوية” لعقود، ورمزا ارتبط بعالمية هذا اللون الفني، و”مزجه” مع ألوان مختلفة من تقاليد إبداعية متعددة، وترك بصمته في “الظاهرة الغيوانية” أيضا، إذ ارتبط اسمه بمجموعات من سبعينيات القرن الماضي أبرزها “جيل جيلالة”.

ابن مراكش ودفينها الذي احترف “كناوة” بمدارس متعدّدة ترعرع في قلب منزل كناوي يستقبل محبّي كناوة، ولد لأم “مقدّمة” وأب “معلّم”، فحمل، مثل والده وأخيه الأكبر، “الهجهوج” أو “الكمبري” أو “السنتير”، الآلة الوترية التي تتعدّد تسميات هواتها لها، ويتوحّد عمق أثرها الروحي، وكان أيضا ابن جيل “الهيبي”، بأسلوب سماعه وهندامه وحتى قصّة شعره.

وعُرف باقبو بانفتاحه الموسيقي دون تفريط في الدفاع عن قواعد تعلّم “كناوة” واستمرارها، وبلّغ صوته الخاص من إفريقيا إلى قارات العالم الأخرى في آسيا وأمريكا وأوروبا؛ ومنذ فترة مبكّرة من حياته الفنية مزج صوت “السنتير”، أو تصغيره “السنيترة”، مع آلات أخرى لم يكن تجاور صوتها معه مألوفا مثل “الماندولين” مع “جيل جيلالة”، ثم مع أنواع القيثارة، وألوان أبرزها “البلوز”، وأجيال متعدّدة، من داخل المغرب وخارجه، ومن الأشهر عالميا والأقل شهرة محليا.

ولم يكن الانفتاح الموسيقي للمعلّم باقبو دعوة إلى استسهال “الفن الكناوي” الذي شهد تسجيله باسم المغرب تراثا عالميا للإنسانية في اللائحة التي تشرف عليها “منظمة اليونسكو”، فانتقد مرارا “عدم وجود الانضباط” رغم الصدى الكبير الوطني والعالمي لهذا الفن، محذّرا من أن هذا قد يضيّعه مستقبلا.

مصطفى باقبو، الذي روى أنه أغرم جنينا في بطن أمّه بـ”كناوة”، وفتح عينه في قلب “ليالي” التغنّي بها التي كان بيت والديه بمراكش قبلة من قبلات تنظيمها، نبّه إلى جانب سلبي في كثرة المنصّات التي تتغنّى بفن “كناوة”، حيث تشجّع الابتسار والاستسهال، وتقليد الهواة أسلوب الفنانين بدل التعلّم المستمرّ والمتدرّج الذي يؤدي إلى اكتشاف الصوت الخاص، وتزكّي الجانب الموسيقي يسير الاستهلاك بدل “الليالي” التي تقتضي استيعابا للتدرج الموسيقي، والتقاليد، والكلمات، وانضباط “الكناويين”.

وكان “المعلّم” الراحل مصطفى باقبو من منتقدي ربط تقاليد “كناوة” بالشعوذة أو استغلالها لذلك، وسبق أن أعلن رفضه العمل لمن يريدون الشعوذة، وتشبّثه بالجانب “الرباني” في هذا اللون المرتبط بالفن والترفيه و”الرياضة الروحية” أيضا.

المعلم باقبو كناوة وفاة