تكنولوجيا

الرئيس الصيني يهدي رئيس كوريا الجنوبية هواتف شاومي ويمزح حول التجسس

  • الرئيس الصيني شي جين بينغ يهدي هواتف شاومي ويمازح نظيره الكوري حول التجسس.
  • المزحة حملت دلالات سياسية عن التنافس التكنولوجي بين الصين وكوريا الجنوبية.
  • الهدية عكست طموحات الصين في التكنولوجيا مقابل تفوق سامسونج الكوري.
  • اللقاء أظهر توازنًا دبلوماسيًا بين الدعابة والمصالح الاستراتيجية المشتركة.

شهد اللقاء الأخير بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ موقفًا طريفًا يحمل في طياته دلالات سياسية عميقة. فبعد انتهاء قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، قدم الرئيس الصيني هدية غير متوقعة لنظيره الكوري الجنوبي، تمثلت في هاتفين ذكيين من إنتاج شركة شاومي الصينية.

وما إن تسلم الرئيس الكوري الهدية حتى سأل بابتسامة عن مدى أمان الاتصال، ليجيبه شي ضاحكًا داعيًا إياه إلى التحقق ما إذا كان هناك باب خلفي في الهاتف.

أثار الموقف ضحك الحضور، إذ بدت المزحة في ظاهرها خفيفة، غير أنها حملت في مضمونها تلميحًا إلى التوتر الدائم بين القوى التكنولوجية الكبرى في آسيا، خصوصًا في ظل سباق النفوذ بين شركات الصين العملاقة وشركات كوريا الجنوبية التي تتقدمها سامسونج.

الرئيس الصيني ورمزية الهدايا

جاءت هدية الرئيس الصيني في بلد تُعد فيه سامسونج رمزًا وطنيًا للتفوق الصناعي، ما جعل اختيار هاتف من شركة شاومي الصينية يحمل رمزية لافتة. فالهاتف كان إشارة واضحة إلى طموحات الصين المتزايدة في قطاع التكنولوجيا، والتي شكلت محورًا رئيسيًا في خططها التنموية للسنوات الخمس المقبلة.

وبينما اختار الرئيس الكوري أن يقدم لضيفه لوحة خشبية فاخرة للعبة الـ «غو» التقليدية، في إشارة إلى الحكمة والاستراتيجية، جاءت الهدية الصينية لتعكس الجانب الصناعي العصري، جامعًا بين المنافسة والاحترام المتبادل. وقد لاحظ أحد الحاضرين أن شاشات الهواتف المصنوعة في كوريا الجنوبية أضافت بُعدًا رمزيًا آخر يجسد الترابط الاقتصادي بين البلدين رغم التنافس التقني القوي بينهما.

ضحك متبادل وسخرية مبطنة

بعد أن نظر الرئيس الكوري الجنوبي إلى الهاتف داخل العلبة السوداء الأنيقة، سأل مازحًا عن أمان الاتصالات في هذه الأجهزة، فاندلع الضحك في القاعة. وجاء رد الرئيس الصيني مبتسمًا مشيرًا إلى الهاتف بقوله إن بإمكانه التأكد بنفسه من وجود باب خلفي أم لا.

كانت هذه الجملة القصيرة كافية لتتحول إلى محور اهتمام وسائل الإعلام الدولية، التي رأت في المزحة انعكاسًا للتجاذبات العالمية حول قضايا الأمن السيبراني واتهامات التجسس المتبادلة بين الدول.

يشير مصطلح الباب الخلفي إلى طرق سرية تسمح بالوصول إلى النظام أو البيانات دون المرور بالإجراءات الأمنية المعتادة، وهي قضية حساسة أثارت نقاشات واسعة في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد الجدل حول الشركات الصينية في الأسواق الغربية.

الرئيس الصيني يهدي رئيس كوريا الجنوبية هواتف شاومي ويمزح حول التجسس

تلميحات إلى معركة الرقائق العالمية

أعاد تعليق الرئيس الصيني إلى الأذهان النقاشات التي شهدتها الساحة الدولية حول مشروع أمريكي اقترح إدراج وظائف تتبع ورصد في الشرائح الإلكترونية المصدرة إلى الخارج.

وقد واجهت شركات كبرى مثل إنفيديا ضغوطًا لتأكيد خلو منتجاتها من أي أبواب خلفية. فيما بدا أن الرئيس الصيني استخدم الدعابة ليعبر بطريقته الخاصة عن رفض الصين للقيود التقنية المفروضة عليها من الغرب، مستغلًا المناسبة لتوجيه رسالة ضمنية بأن بكين ماضية في تعزيز استقلالها التكنولوجي مهما كانت الظروف.

ترافق ذلك مع رغبة كوريا الجنوبية في الحفاظ على توازن دقيق بين حليفها الأمريكي وشريكها التجاري الأكبر في آسيا، أي الصين. لذلك بدت لغة المزاح أداة لتلطيف الأجواء دون المساس بجوهر المصالح السياسية والاقتصادية المتشابكة بين الجانبين.

الرئيس الصيني ومواقف تكشف الكثير

لم تكن هذه المرة الأولى التي يظهر فيها الرئيس الصيني بتصريحات طريفة أو مرتجلة. ففي مناسبة سابقة التقطت الكاميرات حديثًا جانبيًا بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال عرض عسكري في بكين، تحدثا فيه عن زراعة الأعضاء وإمكانية أن يعيش الإنسان حتى مئة وخمسين عامًا.

هذه المواقف العفوية أصبحت سمة مميزة لأسلوب الرئيس الصيني في إضفاء طابع إنساني على اللقاءات الرسمية، وإن حملت أحيانًا إشارات سياسية غير مباشرة.

يبدو أن المزحة الأخيرة مع الرئيس الكوري ستبقى طويلًا؛ إذ جمعت بين المرح والدلالة العميقة، وفتحت بابًا جديدًا للنقاش حول دور التكنولوجيا في العلاقات الدولية، خاصة مع تحول الهاتف الذكي إلى أداة دبلوماسية لا تقل أهمية عن البيان الختامي لأي قمة كبرى.

?xml>