مقالات

ما أسباب التعرّق عند الأطفال والأغذية التي يجب أخذها بعين الاعتبار؟ طبيب يجيب

يلاحظ الأهل في كثيرٍ من الأحيان أنه في سن التاسعة أو العاشرة، يبدأ أطفالهم—الذين كانوا في السابق يملكون رائحة عطرة، بالعودة من المدرسة أو التمارين الرياضية برائحة مميزة أكثر من المعتاد. وقد يكون ذلك مفاجئاً للبعض، خاصةً إذا كانوا لا يزالون يرون أطفالهم “صغاراً”. لكن لا داعي للقلق، فهذا التغيّر طبيعي تماماً، ويُعتبر من أوائل علامات نمو جسم الطفل ونضجه.

يوضح هذا التغير البدني عند الأطفال، ويفسره الدكتور داني السلوم من قسم طب الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى ميد كير للنساء والأطفال.

الدكتور داني السلوم

 

لماذا يتعرق الأطفال في هذه السن؟

لماذا يتعرق الأطفال في هذه السن؟

يكشف لنا الدكتور داني السلوم الجواب على هذا السؤال، ويكمن في التغيرات التي تحدث مع بداية المراحل المبكرة من سن البلوغ وحتى قبل ملاحظة علامات واضحة مثل تسارع النمو أو تغيّر شكل الجسم، تبدأ الهرمونات المسؤولة عن البلوغ، تأخذ الهرمونات الكظرية والهرمونات الجنسية، في الازدياد داخل الجسم.
ولا تقتصر تأثيرات هذه الهرمونات على النمو فحسب، بل إنها تنشّط نوعاً خاصاً من الغدد العرقية يُعرف باسم الغدد المفترزة (Apocrine glands)، وهي المسؤولة عن ظهور رائحة العرق المميزة.

ويضيف الدكتور داني قائلاً: “تختلف الغدد المفترزة عن الغدد العرقية العادية المعروفة باسم الغدد الإكرينية (Eccrine glands)، والتي تساعد على تبريد الجسم. فالغدد الإكرينية تُنتج في الغالب مزيجاً من الماء والملح، ويتبخّر هذا العرق بسهولة ولا يحمل رائحة قوية. أما الغدد المفترزة، فتتركّز بشكل رئيسي في منطقتَي الإبط والفخذ، وتُفرز نوعاً أكثر كثافة من العرق يحتوي على البروتينات والدهون. وبالرغم من أن هذا النوع من العرق لا يحمل رائحة قوية في حد ذاته، إلا أن البكتيريا الطبيعية الموجودة على سطح الجلد تتفاعل معه وتبدأ في تكسير مكوناته، مما يؤدي إلى ظهور رائحة الجسم المألوفة”.
تُعد هذه المرحلة جزءاً طبيعياً تماماً من مراحل النمو عند الطفل، وتبدأ عادةً بين سن الثامنة والثالثة عشرة للفتيات، ومن التاسعة إلى الرابعة عشرة للفتيان. وهي إحدى الطرق التي يُعبّر بها الجسم عن بدء التغيرات الهرمونية المرتبطة بمرحلة البلوغ. ورغم أن هذه التغيرات قد تكون مُربكة أو مُحرجة قليلاً في البداية، إلا أنها لا تدل على أي مشكلة صحية أو سوء نظافة شخصية —بل هي ببساطة عملية بيولوجية طبيعية.
أعراض البلوغ المبكر عند البنات وأسبابه وما هو الطبيعي؟

كيف يمكن للأطفال أن يحافظوا على انتعاشهم

والآن بعد أن فهمنا سبب حدوث هذه التغيرات، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للأطفال أن يحافظوا على انتعاشهم وثقتهم بأنفسهم من دون ظهور رائحة جسدية غير محببة. السر يكمن في مساعدتهم على تبنّي عادات ونصائح لغرس حب النظافة، تُصبح جزءاً طبيعياً من روتين حياتهم على المدى الطويل. ففي هذا العمر، يبدأ الكثير من الأطفال في اكتساب الاستقلالية وتحمل المسؤولية، ما يجعلها الفرصة المثالية لتعليمهم طرق العناية بأجسامهم بطريقة تناسب المرحلة الجديدة التي يمرّون بها، لكن على كل أم الانتباه للخطوات الآتية:

  • ادفعي طفلك للاستحمام اليومي، خاصة بعد ممارسة أي نشاط بدني. فاستخدام الماء الدافئ مع صابون لطيف يساعد على إزالة العرق والزيوت والبكتيريا المسببة للرائحة.
  • من الضروري تشجيع الطفل على التركيز بشكل خاص على مناطق مثل تحت الإبطين، والمنطقة الحساسة، والقدمين. أما إذا كان الطفل يُفضل الاستحمام في حوض الاستحمام، فيجب تذكيره بضرورة الشطف جيداً بالماء الجاري، لأن الجلوس في ماء يحتوي على الصابون لا يُزيل البكتيريا بنفس كفاءة الشطف بالماء المتدفق.
  • علمي طفلك استخدام مزيل العرق أو مضاد التعرّق. فعندما يبدأ الطفل في ملاحظة رائحة جسدية، لا بأس إطلاقاً من تعليمه استخدام مزيل عرق لطيف ومناسب للمرحلة العمرية المبكرة. تعمل مزيلات العرق على الحد من البكتيريا المسببة للرائحة، بينما تساهم مضادات التعرّق في تقليل كمية العرق التي يفرزها الجسم. ويُفضّل بعض الأهالي البدء باستخدام منتجات طبيعية أو خالية من الألمنيوم، وهذا خيار جيد أيضاً فالأهم هو اختيار منتج يُشعر الطفل بالراحة عند استخدامه بانتظام ويصبح جزءاً من روتينه اليومي.
  • ركزي على اختيارات الملابس التي تلعب دوراً مهماً أيضاً. فالعرق والبكتيريا يمكن أن تلتصق بالأقمشة، لذا من الضروري ارتداء ملابس نظيفة يومياً وخاصة الجوارب والقمصان. وتُعد الأقمشة الطبيعية مثل القطن خياراً أفضل، لأنها تسمح لبشرة الطفل بالتنفس أكثر من الأقمشة الصناعية التي قد تحتجز الحرارة والرطوبة. ويُستحسن تذكير الطفل بضرورة تغيير ملابس الرياضة المبللة بالعرق فور الانتهاء من التمرين، لأن تركها على الجسم لساعات يمنح البكتيريا وقتاً للتكاثر وظهور رائحة غير محببة.

هل تعرفين أسباب التعرق الزائد عند الأطفال؟

ما هي الأشياء التي يغفل الأطفال عنها فيما يخص النظافة؟

تُطلق الخضروات الصلبة، مثل البروكلي حمض الكبريتيك

نظافة القدمين: فأقدام الأطفال تكون في حركة مستمرة طوال اليوم، والأحذية تحتجز الرطوبة، مما يهيئ بيئة مثالية لتكاثر البكتيريا المسببة للرائحة. لذا، من المهم تعليم الطفل غسل قدميه جيداً وتجفيفهما بعناية، مع ترك الأحذية في مكان جيد التهوية طوال الليل. كما يمكن أن يساعد ارتداء جوارب تمتص الرطوبة، أو استخدام كمية بسيطة من بودرة القدم، في الحفاظ على الانتعاش ومنع الروائح غير المرغوب فيها.
النظام الغذائي: قد يكون للنظام الغذائي أيضاً تأثير بسيط على رائحة الجسم. فالأطعمة القوية مثل الثوم، والبصل، والتوابل الحارة يمكن أن تؤثر على رائحة العرق، رغم أن هذا التأثير يكون عادةً طفيفاً لدى الأطفال. لكن تشجيع الطفل على شرب كميات كافية من الماء وتناول نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات يساهم في تعزيز صحة الجلد وتنظيم عملية التعرّق بشكل طبيعي، وتشمل الأطعمة التي تسبب رائحة العرق لدى الأطفال:

التوابل

للتوابل كالكاري والكمون والحلبة تأثير قوي عند لصقها باللسان والأسنان. لا تقتصر رائحتها على أنفاس الطفل لساعات فحسب، بل قد تلتصق أيضاً بالشعر والبشرة والملابس. تحتوي هذه التوابل أيضاً على مركبات متطايرة يمكن امتصاصها في مجرى الدم وإطلاقها عبر الغدد العرقية، مما يُنتج رائحة مميزة.

الثوم والبصل

تعتبر هذه النباتات، التي ترتبط بالفم، مصادر معروفة لرائحة الفم الكريهة عند الطفل. وبالنسبة لبعض الأشخاص، قد تُعزز هذه المواد أيضًا عملية الأيض، وحرارة الجسم، والتعرق قد يُؤدي إلى اختلاط البكتيريا الموجودة على الجلد بالعرق الذي تفرزه الغدد المفرزة، مما يؤدي إلى تراكم الروائح الكريهة.

اللحوم الحمراء

إذا كان طفلك من محبي وجبات شرائح اللحم، فهذا مصدر آخر لرائحة الجسم يجب أن تعرفه. عند تناول اللحوم الحمراء، تُفرز بروتينات عديمة الرائحة من خلال العرق. وعندما تختلط هذه البروتينات ببكتيريا الجلد، تزداد رائحتها.

الخضروات الصلبة

قد تُسبب خضرواتكِ الغذائية التي تقدمينها لطفلك، وأطباقك الجانبية رائحةً غير متوقعة. تُطلق الخضروات الصلبة، مثل البروكلي والملفوف والقرنبيط وبراعم بروكسل،  حمض الكبريتيك. وتزداد هذه الرائحة مع العرق أو التنفس أو الغازات.

الهليون

إذا كان الهليون جزءاً من نظام طفلك الغذائي المعتاد، فربما لاحظتِ تأثيره على بوله. عندما يهضم جسمه حمض الهليون الموجود فيه، يتحول إلى حمض الكبريتيك. هذا يُعطي بوله رائحة كبريتية نفاذة. ولكن بما أن كل شخص يمتص الطعام بطريقة مختلفة، فلن يعاني الجميع من هذه الرائحة. بالإضافة إلى ذلك، في بعض الحالات، قد تمنعه بعض الاختلافات الجينية من شم الرائحة.

السمك

بناءً على جينات طفلك، قد يكون السمك أحد العوامل التي تؤثر على رائحة جسمه، في حالات نادرة جداً، تُحوّل أجسامنا مادة الكولين، وهي ناتج ثانوي من المأكولات البحرية، إلى مركب ثلاثي ميثيل أمين ذي رائحة سمكية. ينتقل هذا المركب عبر جسمك ويُطلق من خلال أنفاسه وبشرته.
لكن المصابين بـ”بيلة ثلاثي ميثيل أمين البول” يشتكون من رائحة سمكية من أطعمة أخرى، بما في ذلك الفاصوليا والبروكلي والقرنبيط والفول السوداني ومنتجات الصويا. لكن هذه الحالة النادرة للغاية لا تصيب سوى بضع مئات من الأفراد، فتستطيعين تقديم السمك لطفلك دون قلق.

ما الطريقة التي نتحدث بها مع أطفالنا حول هذه التغيّرات؟

ما الطريقة التي نتحدث بها مع أطفالنا حول هذه التغيّرات؟

الأطفال قد يشعرون بالحساسية أو الإحراج من التغيرات الجسدية، لذا من الضروري:

  • تناولي الموضوع بلطف وبقليل من الدعابة.
  • اشرحي لهم أن هذه المرحلة يمرّ بها الجميع، وأنها ببساطة جزء طبيعي من مراحل النمو.
  • حوِّلي الحديث إلى فرصة إيجابية لتعليمهم أهمية العناية بالنفس، وبناء الثقة، والنضج، لتصبح هذه المرحلة سبباً في شعورهم بالفخر بدلاً من الشعور بالحرج أو التوتر.
  • عرفيهم أن السبب وراء بدء ظهور رائحة العرق عند الأطفال في سن التاسعة أو العاشرة يعود إلى التغيرات الهرمونية التي تُفعّل غدد عرقية جديدة مع بداية مرحلة البلوغ. إنها محطة طبيعية في مسار النمو ولا تستدعي القلق.
  • أكدي لهم أنه مع الاستحمام المنتظم، وارتداء الملابس النظيفة، واستخدام مزيل العرق المناسب، والقليل من التشجيع، يمكنهم أن يحافظ الطفل على انتعاشه وثقته بنفسه ويبدأ يومه بحيوية، برائحة عطرة كما عهدته دائماً، حتى وهو يخطو خطواته الأولى نحو عالم الكبار.

التعرق المفرط لدى الأطفال قد يكون علامة تحذيرية لهذه الأمراض
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص