معطيات رسمية تكشف استمرار ضغط الهجرة غير النظامية على المغرب

كشفت معطيات تقرير “منجزات وزارة الداخلية برسم السنة المالية 2025” عن إحباط 42.437 محاولة لتهريب المهاجرين، وتفكيك 188 شبكة إجرامية متخصصة في هذا النوع من الجرائم حتى نهاية غشت الماضي.
وحسب المصدر ذاته أنقذت مصالح البحرية الملكية “9.518 شخصا من الغرق، من جنسيات مختلفة، أثناء محاولتهم العبور نحو الفردوس الأوروبي”.
في المقابل، وإلى غاية متم شهر شتنبر 2024، “تم إفشال 48.963 محاولة لتهريب المهاجرين، وتفكيك 210 شبكات إجرامية تنشط في هذا النوع من التهريب”.
وتعليقا على هذا التباين قال عبد الحميد جمور، الباحث المتخصص في الهجرة والتنمية جنوب-جنوب: “تم تسجيل أكثر من 42 ألف محاولة خلال ثمانية أشهر فقط من سنة 2025، ما يعني أن وتيرة هذه الأنشطة مازالت مرتفعة وثابتة تقريبا مقارنة بالسنة الماضية، وقد تتجاوزها مع نهاية السنة الحالية إذا استمرت بالنسق نفسه”.
وأضاف جمور لهسبريس أن “هذا يظهر أن الجهود الأمنية مستمرة وبكثافة، لكن الضغط على المغرب كبلد عبور مازال قائما بفعل استمرار العوامل الدافعة للهجرة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وبسبب تحول طرق العبور نحو المسالك الجنوبية والشرقية للمملكة”، وتابع: “هناك مؤشرات واضحة على أن نشاط شبكات التهريب يعرف تصاعدا نوعيا، ويتجلى ذلك في تكيّف الشبكات مع الضربات الأمنية عبر تغيير مساراتها نحو مناطق أقل مراقبة (كالأقاليم الجنوبية أو الأطلس الصغير)”.
“وقد تزايد الطلب على خدمات هذه الشبكات نتيجة تفاقم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في دول المصدر، ثم استعمال وسائل متطورة (قوارب مطاطية حديثة، تنسيق عبر تطبيقات الاخبار السعودية، تورط شبكات عابرة للحدود)”، يردف المصرح ذاته، وختم بقوله: “الأرقام المسجلة إلى غشت 2025 تعكس نجاعة الجهود الأمنية من جهة لكنها في الوقت ذاته تكشف أن دينامية الهجرة غير النظامية لم تنحسر بعد، بل تتجه نحو أنماط أكثر تعقيداً وتنظيما، ما يجعل خطر تصاعد شبكات التهريب حقيقيا ومتناميا رغم الضربات الوقائية”.
من جهته أورد خالد مونا، المختص في مجال الهجرة، أن “الحالة الأولى (إلى شتنبر 2024) تُظهر أرقاما أكبر في عدد محاولات التهريب المُحبطة وفي عدد الشبكات التي تم تفكيكها، مقارنة بالحالة الثانية (إلى غشت 2025) التي تُظهر انخفاضا نسبيا في الأرقام رغم أنها تشمل فترة زمنية لاحقة وتكاد تكون أطول قليلا”.
وأوضح مونا لهسبريس أن “هذه المقارنة تبرز تغيّرا في ديناميات الهجرة وطرق التهريب، مع تطور أساليب الشبكات الإجرامية، ما يقلل من نسبة الإحباط”.
وتابع المتحدث ذاته: “مثل هذا التباين الإحصائي لا تنبغي مقاربته من منظور كميّ صرف، بل يستوجب قراءة سوسيولوجية تستحضر السياق البنيوي والاجتماعي الذي تحدث فيه الهجرة غير النظامية”.
كما يشير انخفاض المؤشرات المعلنة، وفق المختص ذاته، إلى “علاقة جدلية بين أجهزة الضبط والشبكات النشطة؛ فالتشديد الأمني لا يؤدي بالضرورة إلى القضاء على الظاهرة، بل يحفّز على تكيّف تكتيكات التهريب”.
