500 جيجابايت: أضخم تسريب بمنظومة الرقابة الصينية “جدار الحماية العظيم”

منذ 4 أيام، وتحديدًا في 11 سبتمبر، شهدت الصين أكبر خرق أمني في تاريخ منظومة الرقابة الإلكترونية لديها، وذلك بعدما أكد باحثون تسريب أكثر من 500 جيجابايت من الوثائق الداخلية، وأكواد المصدر، وسجلات العمل، والمراسلات الداخلية، وغيرهم من البيانات الحساسة بمشروع “جدار الحماية العظيم China’s Great Firewall”.
لمن لم يسمع عن هذا المشروع من قبل، فـ “جدار الحماية العظيم” هذا هو الاسم الشائع لمجموعة القوانين والتقنيات التي تستخدمها الحكومة الصينية للسيطرة على الإنترنت وفلترة المحتوى داخل حدودها.
التسريب الأضخم، والأخطر أيضًا!
البيانات المُسربة تعود إلى شركة تُدعى Geedge Networks، وهي مرتبطة منذ سنوات بالمسؤول الصيني الشهير “فانغ بينغشينغ”، الذي يُلقب بـ “أب جدار الحماية العظيم”، حيث كان من أوائل المهندسين والمسؤولين الصينيين الذين صمموا المشروع وأشرفوا على تطوير بنيته التحتية المعروفة باسم “مشروع الدرع الذهبي Golden Shield Project”.

التسريبات كشفت أن الحكومة الصينية تستخدم منصةً تُدعى “Tiangou”؛ تستخدم تقنيات تحلل وتسجل وتحظر الأنشطة غير المرغوب فيها على الإنترنت. والمثير للاهتمام أن الصين تُصدر هذه التقنية إلى دولٍ أخرى، حيث كشفت واحدة من الوثائق أن النظام نُشر في 26 مركز بيانات في ميانمار، حيث كانت لوحات المراقبة الحية تراقب ما يصل إلى 81 مليون اتصال متزامن في نفس الوقت!
والأمر لم يتوقف عند ميانمار، إذ كشفت تقارير صادرة عن موقع WIRED ومنظمة العفو الدولية أن المنصة وصلت باكستان وإثيوبيا وكازاخستان، ومن يدري إلى أين أيضًا.
في باكستان تحديدًا، اكتُشِفَ أن نظام المراقبة هناك يعمل ضمن نظام أكبر يحمل اسم “WMS 2.0″، وهذا النظام لا يراقب شبكات الإنترنت فحسب، بل يراقب شبكات الهاتف نفسها، في الوقت اللحظي، ما يعني أن الحكومة تتابع وتعرف ما الذي يفعله كل مواطن على هاتفه “لايڤ”!

جدير بالذكر أن منصة الرقابة استُخدمت في البداية على خوادم شركات أمريكية أساسًا، وتحديدًا HP وDell، غير أن الصين نقلتها لاحقًا إلى أنظمة محلية لدواعٍ أمنية وبسبب العقوبات التي تفرضها واشنطن عليها.
وأخيرًا، لتدرك مدى قوة نظام الحماية الصيني، يكفي أن تعرف أنه قادر على اعتراض جلسات الـ HTTP غير المشفرة أيضًا، أي أنه يتتبع ويُسجل حتى الاتصالات التي لا تعتمد على بروتوكولات حماية قوية.. لا يترك شاردةً ولا واردة تفوته بكل بساطة!
الخلاصة أن تسريبًا كهذا يمكن اعتباره زلزالًا رقميًا بالنسبة للصين، ليس فقط لأنه يكشف أسرار واحدة من أكثر أنظمة الرقابة تطورًا، بل لأنه يفضح أيضًا الطريقة التي تُصدّر بها بكين أدواتها إلى الخارج لتُستخدم في مراقبة شعوب أخرى. لكن السؤال: كيف يمكن أن يُستغل هذا التسريب؟
?xml>