النيابة الليبية تفكّك شبكة لتصنيع قوارب تستخدم في تهريب المهاجرين

مسؤول فرنسي يدعو إلى «فصل السياسة عن المصلحة» بالعلاقة مع الجزائر
بينما حذّر مسؤول بارز في تكتل المؤسسات الفرنسية النشطة في الجزائر من فقدان هذه المؤسسات لمصالحها في البلاد نتيجة المنافسة الأجنبية القوية، تترقب السلطات الجزائرية تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة للتأكد من عدم عودة وزير الداخلية السابق برونو ريتايو، الذي يُحمّله كثيرون مسؤولية تدهور العلاقات مع باريس.
في افتتاحية نشرتها مجلة «غرف التجارة والصناعة الفرنسية في الخارج»، في عددها الشهري الجديد، أطلق ممثل الشركات الفرنسية في الجزائر ميشال بيساك، نداءً للتهدئة بين البلدين، ودعا إلى «إبقاء الاقتصاد بعيداً عن التوترات السياسية»، التي اندلعت في يوليو (تموز) 2024 نتيجة إعلان «الإليزيه» دعمه لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.
وقال بيساك في مقاله إنه «على غرف التجارة الفرنسية الدولية، أيضاً، أن ترفع صوت التهدئة والبراغماتية الاقتصادية التي تتيح، مهما كانت الاضطرابات، الحفاظ على مصالحنا»، مشيراً في السياق إلى تأثير الأزمة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة، على الاستثمارات الفرنسية بالجزائر.
وأكد ميشال بيساك أن «غرفة التجارة والصناعة الجزائرية – الفرنسية» التي يرأسها حالياً، «تُعبر بانتظام عن مخاوف الفاعلين الاقتصاديين في البلدين، وعن رغبتهم في أن يسود التعقل الدبلوماسي ويُحدث الفرق». وأضاف: «الجغرافيا، والروابط المجتمعية والثقافية، تجعلان من الضروري إيجاد حل، عاجلاً أم آجلاً»، مشيراً إلى أن غرفة التجارة الجزائرية – الفرنسية «تعمل بهدوء على حشد الدعم ومساندة الفاعلين ذوي النوايا الطيبة من الجانبين، الجزائري والفرنسي».
وفي تقدير الصحيفة الإلكترونية «كل شيء عن الجزائر»، فإن رئيس الغرفة الجزائرية – الفرنسية، يقترح من خلال هذا المقال، إقامة تحالف بين الشركات في البلدين بهدف بناء قوة اقتصادية جزائرية – فرنسية بين أوروبا وأفريقيا، «في وقت لا تتوقف فيه الجهات المعادية للجزائر في فرنسا، عن الدعوة والعمل من أجل القطيعة».
وبحسب ميشال بيساك، فإن مصير الشركات الفرنسية والجزائرية «مترابط بشكل وثيق»، وإن هذه العلاقة «يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل، وعلى مصالح اقتصادية متوازنة ورؤية استراتيجية للمستقبل»، وهي علاقة «قادرة على توحيد طاقة ريادية استثنائية، وتعزيز عدد كبير من الفرص، وإحداث قوة اقتصادية مؤثرة بين أوروبا وأفريقيا»، مشيراً إلى أن «التحديات العالمية والنشاط الأميركي والصيني، يفرضان على الشركات الفرنسية عدم تجاهل هذه الفرصة».
«الزحف الصيني»
وفي حين أن الشركات الأميركية تظل محصورة في قطاع المحروقات في الجزائر مع حضور ضعيف في القطاعات الأخرى، فإن الوضع يختلف بالنسبة للشركات الصينية التي لم تعد تكتفي بالتجارة.
وكثّفت الشركات الصينية خلال الأشهر الأخيرة، من إعلاناتها عن استثمارات في العديد من المجالات مثل صناعة الحديد والصلب، والدواء، والسيارات.
ويثير هذا الزحف الصيني قلقاً في فرنسا، ويأتي في سياق يتسم بتصاعد الأزمة بين الجزائر وباريس. وهي وضعية قد تستفيد منها الشركات الصينية لتعزيز وجودها في الجزائر.
ومع ذلك، يُطمئن ميشال بيساك بقوله: «الشركات الفرنسية الحاضرة في الجزائر تواصل الاستثمار. لا يوجد أي تعطيل بسبب الأزمة السياسية. هذه الشركات تعرف السوق جيداً وتحاول التكيّف، شأنها شأن باقي الشركات، مع القواعد الجديدة التي حددتها الحكومة فيما يخص الاستيراد»، في إشارة إلى إجراءات اتخذتها الجزائر منذ عامين، تتمثل في فرض قيود على استيراد بعض السلع الأوروبية، خصوصاً الزراعية والمنتجات نصف المصنعة.
ورأت المفوضية الأوروبية أن هذه القيود «تخالف تعهدات الجزائر المنصوص عليها في اتفاق الشراكة المبرم في 2002، بخصوص حركة البضائع والخدمات بين الجانبين»، وأعلنت في 16 يوليو الماضي عن اللجوء إلى التحكيم لإلغاء هذه القيود.
وفي أغسطس (آب) الماضي، عبّر بيساك عن قلقه «من توجه الجزائر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع إيطاليا، في مقابل تراجع لافت في هذا المجال مع باريس»، مؤكداً في تصريحات للصحافة أنه من «المؤسف أن نرى إيطاليا تتقدم بينما نحن نضيّع الوقت»، عاداً ذلك «أمراً طبيعياً، فالجزائر تبحث عن مصالحها، مثلما تفعل إيطاليا».
وزار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إيطاليا في 23 يوليو الماضي، على رأس وفد من الوزراء ورجال الأعمال، حيث تم توقيع 40 اتفاقية تجارية، زيادة على تفاهمات في مجالي محاربة الإرهاب والهجرة السرّية.
وعدّت وسائل الإعلام في فرنسا أن التقارب اللافت بين الجزائر وروما في السنوات الأخيرة، «جاء على حساب النفوذ الفرنسي التقليدي في شمال أفريقيا، لا سيما في المجالات الاقتصادية والأمنية، علماً بأن الجزائر تلبي الجزء الأكبر من احتياجات إيطاليا من الغاز الطبيعي».
ويسود حالياً في الجزائر ترقّب حذر لتشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة، في ظل اهتمام خاص بعدم عودة وزير الداخلية السابق برونو ريتايو، الذي تُحمّله الجزائر مسؤولية تأجيج التوترات بين البلدين. وترى أن استبعاده قد يمهّد الطريق لاستئناف الحوار مع باريس، وإعادة بناء الثقة بين الجانبين.
وفي آخر إجراء له قبيل سقوط الحكومة الفرنسية في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، أصدر ريتايو أوامر لشرطة الحدود بمنع أعضاء البعثة الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية من دخول مناطق تسلم الحقائب الدبلوماسية داخل المطارات الفرنسية. وهذا القرار غير المسبوق، جاء ضمن ما وصفه ريتايو بـ«الرد التدريجي على الجزائر»، عقب رفض السلطات الجزائرية، مطلع العام، استقبال عدد من رعاياها المقيمين في فرنسا بطريقة غير نظامية والصادرة بحقهم قرارات ترحيل.
وردّت الجزائر بإجراءات مماثلة، حرمت بموجبها الدبلوماسيين الفرنسيين من تسهيلات كانت تُمنح لهم لدى دخولهم المطارات والموانئ الجزائرية، فيما عرف إعلامياً بـ«أزمة الحقيبة الدبلوماسية». كما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية مرتين، في 24 و26 يوليو الماضي، احتجاجاً على تلك التدابير التصعيدية.