فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية

الشيماء أحمد فاروق
نشر في:
الأحد 16 نوفمبر 2025 – 3:50 ص
| آخر تحديث:
الأحد 16 نوفمبر 2025 – 3:53 ص
تفتح القصص الإنسانية الذاتية باباً من التواصل مع الجمهور، وتجذب مشاعره للتفاعل معها، وذلك ما حدث في عرض فيلم شكوى 713317، للمخرج ياسر شفيعي، والذي يعد تجربته الإخراجية الروائية الطويلة الأولى، وقد خرجت للنوع بدعم من شركتي: أفلام مصر العالمية، وريد ستار موفيز.
يقدم شفيعي في الفيلم رؤية درامية لحياة بسيطة، زوج وزوجة في سن المعاش، يقطنان حي المعادي الهادئ بمفردهما، حيث الابن في حالة انشغال دائم، ولكن يقع حدث بسيط، وهو عطل في ثلاجة المنزل، يتسبب في تصاعد الأحداث، ووقوع بعض الصدامات بين الزوجين، ويستكشف العمل العلاقات الإنسانية بأسلوب سردي بسيط يبتعد عن التعقيد ولا يخلو من العمق الدرامي.
وشارك في بطولة الفيلم: محمود حميدة، شيرين، محمد رضوان، هنا شيحة، تامر نبيل، جهاد حسام الدين، وظهور خاص للنجمة القديرة إنعام سالوسة.
يستكشف العمل العلاقات الإنسانية التي تبدو بسيطة وجميلة من الخارج، ولكن تحت هذه الطبقة كثير من المشاكل والتعقيدات التي تراكمت ربما لسنوات وأدت إلى كتلة من العطب يصعب إصلاحها، ويقع ذلك من خلال بناء درامي هاديء، يبتعد عن الإفتعال، خاصة في الأسلوب الكوميدي، لم يكن للحظة خارج سياق الحدث أو مقحم عليه، بل يتسم بالانسيابية والهدوء.
وهذا الهدوء يمكن رؤيته أيضا على مستوى الصورة، حيث الديكور والملابس تعبر عن حياة الشخصيات وطبيعة طبقتهم الاجتماعية ونمط حياتهم الذي يبتعد عن البزغ أو الميل إلى الألوان الصاخبة، الأثاث بسيط، وكأنه جزء من حياتهم وعمر زواجهم، ثلاجة موديل قديم، وتلفزيون أيضاً، كافة التفاصيل البصرية كانت لصالح السرد في العمل.
ويمتد هذا الاتساق البصري ليشمل حركة الكاميرا وتوزيع الإضاءة، إذ يتعامل ياسر شفيعي مع المشاهد الداخلية كمساحة حميمة مشحونة بالصمت أكثر من الكلام، يعتمد على لقطات متوسطة وقريبة تُبرز ملامح الشخصيات، مثلما شاهدنا في مشهد وجه محمود حميدة من داخل “فريزر” الثلاجة في بداية الفيلم ونهايته، وتسمح للجمهور بقراءة الانفعالات الدقيقة التي لا تُقال، ومن جوانب الجودة في الفيلم أنه لا يسعى إلى خلق توتر مفتعل عبر زوايا تصوير حادة أو حركة كاميرا زائدة، بل يترك التوتر يتسلل من تفاصيل الحياة اليومية، من الأشياء التي تتآكل وتُصاب بالخلل دون أن ينتبه أصحابها، تماماً كما تتآكل العلاقات.
استطاع العمل أيضا توظيف الإيقاع البطيء في خدمة المعنى، فالمشاهد الطويلة التي قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة أو عابرة، تتحول إلى مساحات للتأمل في حياة الأفراد، التي ربما تتقاطع مع المٌشاهد، ويعزز الأداء التمثيلي هذا الإحساس، فمحمود حميدة وشيرين يقدمان ثنائياً ناضجاً يلمع حضورهما ليس بالصوت العالي بل بتلك اللمسات الصغيرة: نظرة حادة، تنهيدة متعبة، أو محاولة لتمرير لحظة توتر دون انفجار.
ومن خلال سرد يبدو هادئاً في مظهره لكنه ممتلئ بالقلق في باطنه، ينجح شكوى 713317 في الغوص داخل فكرة “العطل” — ليس فقط عطل الثلاجة — بل ذلك العطل الذي يصيب العلاقات، حين تصبح التفاصيل الصغيرة قادرة على كشف سنوات من الصمت والتجاهل، الفيلم هنا لا رسالة جاهزة ومباشرة، بل يضع مرآة أمام المُشاهد لكي يرى هشاشة الاستقرار الذي نظن أنه ثابت، وكيف يمكن لحدث بسيط أن يكشف كل ما كان مختبئاً تحت السطح.
ربما ما ينقص الفيلم أنه يكون أكثر تكثيفاً، لأن المدة التي استغرقتها الأحداث شملت بعض المشاهد التي يمكن الاستغناء عنها مقابل خلق فيلم أكثر تركيزاً لصالح الخط الدرامي الرئيسي.
