واقع الفرق والمذاهب في فكر المفكر على الشرفاء (1-2)

بأقلامهم

في الجزء الثانى من سلسلة مقالات “منهجية أطروحات الشرفاء الحمادي “، التي لا نزال نتحدث فيها عن منهج كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”، والتي استطاع فيها الشرفاء الحمادي أن يضع إطارًا منهجيًا محكمًا لاختلاف الخطابين بكل ما في ذلك من تفاصيل دقيقة، إذ اعتبر الشرفاء أن القرآن منهج واضح صالح لكل زمان ومكان، فيه مجمل الأحكام والأخلاق والعبر والعظات، وكل آيات القرآن الكريم ترسم منهج وصورة الإسلام الصحيح الذي يجب علينا أن نتبعه وحده دون غيره، لأنه قول فصل لا يعتريه الباطل ولا يعرف سوى الرحمة بمعناها ومفهومها الشامل والعدل الذي يحقق الأمن والسلام والحرية التي تحقق للإنسان الاطمئنان النفسي.
لقد ركز المفكر على محمد الشرفاء الحمادي في المقارنة بين الخطابين على أن الخطاب الإلهي سلك طريقًا، والخطاب الديني قد سلك طريقًا آخر مختلفًا، فالخطاب الإلهي له منهجية محكمة أصلية واضحة التوجه، وهو ما جاء في (القرآن الكريم)، الكتاب المحكم المحفوظ من حكيم عليم، والثاني خطاب اعتمد في معظم نصوصه على الروايات التي دخلت عليها الأكاذيب والإسرائيليات لتشوه الدين وتنحرف به انحرافًا نال من سماحة الإسلام، من خلال تلفيق عدد كبير من الروايات والأحاديث ونسبها للرسول صلى الله عليه وسلم زورًا وبهتانًا بهدف التفرقة بين المسلمين، وهذا ما نجحوا فيه منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
لقد استطاع المفكر على محمد الشرفاء الحمادي ان يوضح أحد أهم وأبرز الأسباب التي أوصلت المسلمين إلى ما هم فيه الآن من وضعية صعبة في كل المجالات، حين قال إن أحد أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من فرقة وتطرف وإرهاب الروايات الباطلة المغلوطة التي أصبحت هي المصدر الأساسي للتشريع بعد أن هجر المسلمون كتاب الله، وهذا هو الواقع الأليم الذي تسببت فيه الفرق والمذاهب والروايات.
إن التفاصيل الدقيقة التي سردها الشرفاء في كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”، تجعلنا نتدبر بشكل دقيق الأسباب التي حولتنا من مسلمين متحدين أقوياء وفق منهج الله، إلى متفرقين بين سنة وشيعة ومرجئة وخوارج وباطنية وجهمية وحشاشين وقاعدة ودواعش وإخوان وسلفيين وصوفيين وتكفيريين، ومذاهب فقهية مختلفة بين مالكية وحنابلة وشافعية وأحناف، وغيرها من الفرق والمذاهب التي فرقت المسلمين وأذهبت بقوتهم التي أمرهم بها الله عز وجل، ولكن المخالف وأصحاب الأهواء والمصالح أوصلوا الأمة الى ما نحن فيه من مشاهد دموية بدأت باغتيال أمير المؤمنين سيدنا عمر رضي الله عنه، ولم تنتهِ حتى اليوم.
إن ما طرحه الشرفاء الحمادي طرح جاد وغير مسبوق في وضع التفاصيل الحقيقية والأسباب المنطقية وراء انحراف الخطاب الديني الذي وصل إلى ذروته بوصول جماعات التطرف والتكفير والإرهاب وإنكار حق الآخر في الحياة للناس، حتى إنهم أسسوا دينًا جديدًا يخالف دين الإسلام، فدينهم يدعو إلى العنف والتطرف والقتل وإرهاب الآمنين، حتى وصل الأمر إلى قتل المسلمين وتكفيرهم استنادًا إلى روايات وأكاذيب تخالف القرآن بشكل واضح وصريح.
في المقال المقبل، يتجدد اللقاء في تناول المنهجية البحثية لأطروحات الشرفاء الحمادي.. دمتم بخير.
الكاتب نائب أول رئيس مركز (العرب للأبحاث والدراسات)
