المصممة ليندا أوغستسون لـ«سيدتي»: تصاميمي تحتفي بالقوة الناعمة

التقينا بالمصممة ليندا أوغستسون، المؤسسة والمديرة الإبداعية لعلامة Scarlett Poppies، التي نجحت في بناء عالم فريد يجمع بين البساطة الإسكندنافية وروح الحِرفية الهندية، برؤية عالمية تنبض بالأنوثة والوعي والجمال الخالد.
من بداياتها الجريئة في الهند في سن مبكرة، وصولاً إلى استقرارها الإبداعي في دبي، تشاركنا ليندا رحلتها الشخصية والمهنية، وفلسفتها في التصميم، ورؤيتها لمستقبل الموضة، إلى جانب تفاصيل مجموعتها الجديدة Resort 2026 Love & Let Live، التي تحتفي بالقوة والنعومة، والحرية والرقي، في آنٍ واحد.
– بدأتِ رحلتكِ في الهند فكيف شكّلت تلك السنوات هويتكِ الإبداعية وفلسفتكِ في العمل؟
زرتُ الهند لأول مرة عام 1999، وكان هناك شيء ما في هذا البلد لامسني على مستوى عميق منذ اللحظة الأولى. قادمة من السويد، حيث تسود البساطة والهدوء والنظام، بدت لي الهند بمثابة اكتشاف حقيقي. الألوان، الحيوية، الدفء الإنساني ما يراه البعض فوضى، رأيته أنا طاقة وإلهاماً.
بعد عام واحد، انتقلتُ إلى نيودلهي لتأسيس مكتب شراء لصالح إحدى شركات التجزئة السويدية. كنت في الخامسة والعشرين من عمري، مفعمة بالفضول، ومفتونة بكل مرحلة من مراحل التصنيع؛ من التصميم، إلى القماش، وصولاً إلى آخر غرزة. ما بدأ كفرصة مهنية تحوّل سريعاً إلى علاقة عمر. الهند لم تُشكّل هويتي الإبداعية فحسب، بل أثّرت أيضاً في نظرتي للحياة. إنها وطني الثاني بعد دبي.
تلك السنوات المبكرة علّمتني أهمية الإيمان بالنفس والنزاهة. كثيراً ما كنت المرأة الوحيدة في غرفة يهيمن عليها الرجال، في صناعة ذكورية إلى حدٍ كبير، وهذا ما عزّز لديّ الإحساس بالاتجاه والاستقلالية. كما شكّل فلسفتي في العمل القائم على الهدف، حيث تقود الأخلاقيات والفضول والشغف كل قرار أتخذه.
قد يهمك أيضاً: كيف بدأت المصممة أوهاليا خان رحلتها من الكوتور إلى الأزياء الجاهزة؟
الرؤية والتطوّر لدى العلامة
وُلدت علامتك من رغبتكِ في ابتكار شيء شخصي. كيف أثّرت خبرتكِ مع الحِرفيين على هوية العلامة؟
نشأت Scarlett Poppies فعلياً من شركتي الأولى Continuum Buying Agency، التي أسستها في الهند قبل أكثر من عشرين عاماً. من خلال Continuum، طوّرنا مجموعات جميلة وموجهة للتصميم لصالح علامات عالمية، لكننا غالباً ما كنا نضطر للتبسيط أو التنازل لتحقيق أهداف سعرية معينة. بعد سنوات من العمل بهذه الطريقة، أدركت أنني أريد أن أخلق شيئاً خاصاً بي، شيئاً لا يخضع لأي تنازل.
وهكذا وُلدت Scarlett Poppies عام 2019، حرفياً من غرفة المعيشة في منزلي بنيودلهي. أصبحت العلامة وسيلتي لجمع العالمين اللذيْن شكّلاني: البساطة الإسكندنافية والحِرفية الهندية.
سنوات عملي الوثيق مع الحرفيين أثّرت بعمق في هوية العلامة. لديّ احترام هائل للعمل اليدوي للصبر والدقة واللمسة الإنسانية التي تجعل كل قطعة فريدة. في Scarlett Poppies نركز على الحِرفية، والأصالة، والتصميم الخالد. قطعنا مصممة لتدوم، وتمزج بين الأنوثة السلسة والإحساس العالمي الراقي لنساء يقدّرن الجودة والابتكار والروح فيما يرتدينه.

– تجمع العلامة بين المينيمالية الإسكندنافية والحِرفية الهندية. كيف تحققين هذا التوازن بين عالمين مختلفين؟
بالنسبة لي، هذان العالمان لا يتنافسان، بل يُكمل أحدهما الآخر. البساطة الإسكندنافية أو المينيمالية تمنح الوضوح والبنية والتصميم الخالد، بينما تضيف الحِرفية الهندية الروح والملمس والفن. هذا التباين هو ما يجعل Scarlett Poppies فريدة.
تبدأ كل قطعة بأساس نقي؛ أقمشة طبيعية، قصّات متعددة الاستخدامات، ونِسَب مدروسة بعناية. ومن ثَمَّ نضيف تفاصيل يدوية، تطريزات ناعمة، أو لمسات حرفية؛ تمنح كل تصميم شخصيته الخاصة. الهدف دائماً هو التوازن: لا إفراط في الزخرفة ولا مبالغة في البساطة، بل أناقة طبيعية بلا تكلّف.
كما أن التصميم للمرأة في الشرق الأوسط عزّز هذا التوازن. نحن نراعي المناخ والثقافة، فنركّز على الخامات الخفيفة، والأنسجة القابلة للتنفس، والأطوال الأنيقة التي تناسب المرأة المحتشمة والعصرية في آنٍ واحد. تصاميمنا تتردد عالمياً لأنها أنثوية، منعشة، وواثقة بهدوء، وتحمل جوهر الحِرفية ضمن قالب عصري خالد.
الحياة في دبي
كيف أثّر العيش في دبي على نهجكِ التصميمي وطريقة تواصلك مع جمهورها المتنوع الثقافات؟
تتمتع دبي بطاقة فريدة؛ مدينة عالمية، متقدمة، ومتنوعة بشكل مذهل. العيش هنا وسّع منظوري لمعنى الأنوثة المعاصرة. نرى نساء من مختلف أنحاء العالم يعبّرن عن فرديتهن بطرق متباينة، وهذا مصدر إلهام حقيقي.
كما جعلني ذلك أكثر وعياً بمفهوم التعددية والمرونة الموسمية. دبي تربطنا بأسواق دافئة وانتقالية في آنٍ واحد، لذلك أصمّم قطعاً تسافر بسهولة من المدينة إلى المنتجع، ومن مناخ إلى آخر، من دون أن تفقد إحساسها بالراحة أو الرقي.
من الناحية الإبداعية، تعزّز دبي إيماني بأن الموضة يمكن أن تكون جميلة وشاملة في الوقت ذاته، وتربط النساء حول العالم من خلال الحِرفية والتصميم. إنها مدينة تذكّرك باستمرار بأن الأناقة لا تعرف حدوداً.
– عشتِ في السويد، والهند، وكازاخستان، والآن دبي، كيف تنعكس هذه التجارب في مجموعاتك؟
أقول دائماً إن حياتي كانت أعظم مدرسة تصميم بالنسبة لي. كل مكان عشت فيه أضاف طبقة جديدة لرؤيتي الإبداعية وأسلوب قيادتي. من السويد حملت حب البساطة، والبنية، والقوة الهادئة؛ فن الاختزال. الهند منحتني الروح، واللون، والتقدير العميق للحِرفية والروابط الإنسانية. كازاخستان علّمتني التكيّف والمرونة في بيئات جديدة. أما دبي، موطني اليوم، فقد منحتني منظوراً عالمياً؛ نقطة التقاء للثقافات والطاقة والطموح.
كل ذلك ينعكس ليس فقط في تصاميمي، بل أيضاً في قيادتي. مجموعاتي تعكس انسجام التناقضات؛ بساطة إسكندنافية ممزوجة بتعقيد فني هندي، ومترجمة من خلال أناقة وثقة الشرق الأوسط. وكقائدة، أحمل هذا المزيج ذاته؛ وضوح الرؤية، التعاطف مع الناس، والشجاعة لتجاوز الحدود إبداعياً وثقافياً.

مجموعة Resort 2026: “Love & Let Live”
– كيف ترجمتِ هذه التناقضات العاطفية إلى لغة تصميمية من حيث الأقمشة والقصّات؟
“Love & Let Live” تدور حول الازدواجية العاطفية، القوة الهادئة، والنعومة الرقيقة التي تتعايش داخل كل امرأة. أردتُ تجسيد هذا التوازن من خلال الخامات وأجواء المجموعة. ستلاحظين انسيابية الأقمشة مقابل الأشكال الأكثر بنية؛ القطن الخفيف وأقمشة الفوال، إلى جانب نُسج أكثر نحتية وملمسية.
ويمتد هذا التباين إلى التفاصيل؛ تطريزات ناعمة بتدرجات لونية متناغمة، تتقاطع مع خرز زخرفي وبريق خفيف. هذا الحوار بين النعومة والقوة، وبين المطفأ واللامع؛ هو ما يخلق العمق والأبعاد. كل نسيج وكل غرزة تحمل نية واضحة؛ وهي التذكير بأن الحرية والرقي يمكن أن يجتمعا في لحظة واحدة.
– تركزين على الحِرفية اليدوية. كيف تعمّقت بها في مجموعة ريزورت الجديدة؟

الحِرفية هي جوهر Scarlett Poppies، ليست توجهاً عابراً، بل أساسنا. في مجموعة Resort 2026، تعمّق هذا الالتزام أكثر. استكشفنا أبعاداً نسيجية جديدة؛ من خلال تطريزات متعددة الطبقات، حيث أُعيد تفسير تقنيات العمل اليدوي التقليدية بأسلوب معاصر وخفيف.
كما ظهر تطريز الدابكا الهندي التقليدي في إحدى القطع الرئيسية؛ كيمونو أنيق وسلس، بينما أضفت المكرمية الجلدية المعقّدة طابعاً ثلاثي الأبعاد، مكملةً تطريزاتنا الدقيقة بشكل متناغم وجميل.
– كيف ستشعر المرأة عند ارتداء هذه القطع؟ وما القصص التي تتخيلين أنها ستكتبها؟
أريد لكل امرأة ترتدي Scarlett Poppies أن تشعر بالحرية، والجرأة، والثقة مع أنوثة جميلة ومتزنة. أن تجرؤ على أن تكون ما تريد، من دون تردد أو اعتذار. هناك قوة هادئة في معرفة إيقاعكِ الخاص، وأتمنى أن تمنحها هذه القطع ذلك الإحساس بالراحة والثقة.
القصّات هوائية وانسيابية تتحرك معها لا ضدها، وتشجعها على التنفّس، والاستكشاف، والعيش الكامل للحظة. أتخيلها تمشي حافية على الشاطئ، أو تدخل عشاءً تحت النجوم، بالأناقة ذاتها من دون تكلّف.
في النهاية، “Love & Let Live” هي دعوة لاحتضان الأصالة، للعيش بخفة، والحب بعمق، وكتابة قصتها الخاصة بقوة ونعومة في آنٍ واحد.
بين الموضة والمستقبل

– تشهد دبي تطوراً متسارعاً في عالم الموضة، فكيف ترين موقعك ضمن هذا المشهد؟
دبي هي المكان الذي يلتقي فيه أسلوب حياة المنتجعات على مدار العام مع رؤية عالمية حقيقية، وهذا بالضبط هو عالم Scarlett Poppies. مزيجنا من الوضوح الإسكندنافي والحِرفية الهندية يجد صداه الطبيعي هنا؛ فخامة خفيفة، خيارات تناسب الاحتشام، وملمس جريء لكن أنيق. هذا يلقى قبولاً لدى نساء الشرق الأوسط، وكذلك لدى المجتمع الدولي؛ الذي يعتبر دبي وطناً له.
اليوم، تقف دبي كواحدة من أكثر نقاط الالتقاء إلهاماً في العالم، مدينة يجتمع فيها الطموح مع الإمكانات. الأنظار تتوجه إلى دبي، ليس فقط لقوتها التجارية، بل لأسلوب الحياة الذي تمثله؛ حديث، ديناميكي، وعالم الجمال. إنها مدينة تحتفي بالرؤية، والعمل الجاد، والأناقة في آنٍ واحد، وهي قيم تتماشى تماماً مع جوهر Scarlett Poppies. بالنسبة لي، دبي ليست مجرد موقع، بل عقلية. إنها تحتضن التنوع، والإبداع، والتفاؤل، وهي القيم التي تشكّل مستقبل موضة المنتجعات والرفاهية. هنا، تتلاشى الحدود بين العمل والاستجمام، وبين الثقافات والقارات، لتخلق منصة فريدة لا مثيل لها. أشعر بالامتنان لبناء وتطوير علامتي من هذا الجزء من العالم، والمساهمة بطريقتي الخاصة في تعريف جديد للفخامة الواعية والعالمية، ينطلق من دبي.
– هل هناك اتجاهات أو تعاونات أو مجالات إبداعية جديدة تتطلعين لاستكشافها؟
النمو مهم، لكنه بالنسبة لي يجب أن يكون ذا معنى لا مجرد توسّع. نركّز على تعزيز حضورنا العالمي بطريقة تحافظ على هويتنا الأصيلة كعلامة. وهذا يشمل افتتاح مساحات بيع تعكس عالمنا من الفخامة الواعية، والتوسع المدروس في فئات جديدة؛ مثل الأكسسوارات والأحذية، والاستمرار في ابتكار قطع شخصية، خالدة، ومصنوعة بعناية. أتطلع إلى مشهد موضة عالمي أكثر استقراراً. كان عام 2025 مليئاً بالتحديات للكثيرين، لكنني أؤمن بأن التحديات تجلب معها الوضوح. بالنسبة لنا، الأمر يتعلق بالتطور بوعي، بالنمو من دون التفريط بالمهارات الحِرفية التي تُعرّفنا، مع الوصول إلى المزيد من النساء حول العالم اللواتي يقدّرن جمال ما صُنع بعناية.
تابعي أيضاً: كيف نجحت مصممة دار “أنايا” في تمكين المرأة عبر الموضة؟
