مقالات

بمناسبة 2026: قصة قصيرة للأطفال تحفزهم على حسن الخلق

الاحتفال بقدوم العام الجديد عادة جميلة تمتلئ بالفرحة والحلم بالخير والنجاح والانتقال من مكان إلى أفضل لدى الصغار والكبار معاً، وفي وسط المراسم المعتادة من تجمعات عائلية وولائم شهية وبيوت مزينة، ما أجمل قص حكاية قصيرة تعلم طفلك أهمية حسن الخلق من حب للأسرة وتوضيح لمعنى الرضا والقناعة وحب العلم والمعرفة، تُحكى بأسلوب بسيط وكلمات واضحة وصوت دافئ حانٍ، كصوت الجدة. وفي النهاية نلتقي بأستاذة التربية الدكتورة حسناء السيد برياض الأطفال لتوضيح التوجيه التربوي لقصة : ” عمر يسجل أحلامه بالعام الجديد”.
كتبت خيرية هنداوي

“عمر يسجل أحلامه بالعام الجديد”

قرية تتراص فيها البيوت الصغيرة

تبدأ مشاهد القصة في مساءٍ شتويّ هادئ بإحدي المدن الصغيرة، حيث تجلس الجيران تحت سماء مستنيرة بضوء القمر وضي أنوار البيوت الصغيرة المتراصة أشبه بنجوم قريبة من الأرض، وعمر وهو طفل في التاسعة من عمره يجلس في أحد هذه البيوت على الأرض بجوار النافذة، وأمامه دفتر قديم، صفحاته صفراء وبيده قلم رصاص قصير.
الزمن يقترب من نهاية العام، والغريب أن عمر لم يكن يفكر في هدايا الألعاب أو في اللعب بالمفرقعات، ولا ينتظر شراء الجديد من الملابس، أو هدايا العام الجديد، بل يفكر في شيء أكبر من عمره الصغير! فكرة نطق بها معلم الصف في المدرسة، أراد تنفيذها وأخذت تتردد في نفسه، وهي: إن بداية السنة الجديدة فرصة لنطلب من الله ما نريد. فماذا أريد؟

لمزيد من المعرفة: أجمل ما قرأت للأطفال..7 قصص عن الصدق

المشهد الثاني:

عمر يسجل أحلامه للعام الجديد

يفتح عمر الدفتر، يضغط بالقلم على الورقة وكأنه يخاف أن تُمحى كلماته، ويبدأ في الكتابة ببطء حتى لا تهرب أحلامه لو أسرع! ويبدو أنها كانت أمنيات طفل يعرف أكثر مما يجب. سرح عمر بخياله بعيداً ليوقظ أحلامه، ولكنه توقف عندما وجد أمه تقف هناك، تُحضّر العشاء بالمطبخ، رغم التعب الواضح على وجهها؛ فمنذ أن سافر والدي للعمل في الخارج، أصبحت هي كل شيء: أمّاً وأباً وسنداً لي ولأخوتي الصغار، فسارع بتسجيل أول أحلامه: يا رب اعطي أمي الصحة والعافية واجعلها دائماً بخير، ويبتسم عمر ويكمل، وأن يرجع أبي لنا بالسلامة ويأتي بما وعدنا به أنا وأخوتي.
الغريب أن عمر :
لم يطلب هاتفاً جديداً، أو ملابس للمناسبة، أو حتى ألعاباً كالتي يقف أمامها طويلاً في محال الألعاب، أو حتى كتلك التي يلعب بها مع أصدقائه عند زياراته لهم – الحقيقة أن عمر يكتب ما يتناسب وأفكاره، ما يوائم معيشته وما يشعر به، عمر كان يسجل أحلامه الصغيرة البسيطة وستكون فرحته الكبرى في تحقيقها، لأن قلبه يبدو أكبر!
أما الحلم الثاني فتمثل في الدعاء بدوام العافية لأخوته الصغار، وأن يزرع الله في قلوبهم حب العلم والمعرفة، وأن يستمروا في دراستهم، وعندها تذكر صورتهم وهم يتشاركون الغطاء في الليل، وكيف يفضلهم عن نفسه، ويعطيهم الأكبر والأفضل من دون أن يشعروا.
الأمنية الثالثة:

الجد يحفز الحفيد على المعرفة

وعند تسجيل الأمنية الثالثة فكر عمر في جده وجدته اللذين يجاورانه في السكن؛ جده الذي يتذكر كلماته ونصائحه وهو صغير، جده الذي حفزه على المعرفة ، والذي كان يجلس كل عصر على الكرسي الخشبي أمام البيت مستمتعاً بدفء الشمس ومستدفأً بمشاعره الطيبة، وكذلك جدته التي لا تنام قبل أن تطمئن بالسؤال على صحة الجميع.
فيكتب في دفتره: يا رب أدم عليهما طول العمر والبقاء وسطنا، ولا تحرمنا من حكاية قبل النوم، التي يتبادلان حكايتها كل يوم لنا؛ فهما يؤلفانها كل مساء من اجلنا – نحن الأحفاد-، والمضحك أننا كنا وبشكل دائم أبطال الحكاية، كانا يستمدانها من أحداثٍ يشاهدونها عنا أو كلمات يسمعونها منا، وربما يأتي منبع الحكايات من شكوى أمي لهما!
وفي لحظة تمر على عمر خاطرة حلم وأمنية جديدة؛ حيث يفكر في أولاد عمومته وخالاته؛ فبعضهم يحب المدرسة، ومنهم من تركها، بعضهم يتكلم بهدوء، وآخرون صوتهم عالٍ وكلامهم قاسٍ. يكتب عمر ببعض التردد: يا رب ادخل حب التعليم في قلوبهم، وابعد عنهم عدم الأدب أثناء حديثهم، هم أهلي وأنا أحبهم. ولا يدري عمر أنه يكتب درساً للكبار، لا مجرد أمنيات طفل.

قصص قصيرة للأطفال تعلِّم القيم الأخلاقية هل تودين مطالعتها؟

عمر يشرك أصحابه أحلامه:

صديقا عمر: سيف وكريم

يغلق عمر الدفتر برضا وارتياح، لكنه لا يشعر بالاكتفاء، وهنا سأل نفسه: لماذا أكون وحدي؟ وفكر في مشاركة أصدقائه المقربين فكرة تسجيل أحلام العام الجديد، ثم مقارنتها بالعام القادم، ولأن غداً هو آخر يوم في السنة، يقرر عمر أن يخبر صديقيه الوحيدين في الحي بالفكرة قبل فوات الوقت.
في اليوم التالي، يجلس عمر في الحديقة القريبة من البيت، الأشجار ساكنة والمقاعد قديمة بالية لكنها تمتلئ بهمس وضحكات الأصدقاء، يصل سيف أولاً وهو صديق عمر الهادئ، بعده يأتي كريم الصديق الذي يحب دائماً أن يكون لديه أكثر من الآخرين، وكان يمسك كيساً من الحلوى لم يعتد عرضه على أحد.
يخرج عمر دفتـره ويقول بحماس: أنا كتبت أمنياتي للسنة الجديدة، ما رأيكما؟ هل تحبان الكتابة مثلي؟ وبعدها نقرأها معاً! هنا سيف يبتسم فوراً، فكرة حلوة. بينما اكتفى كريم يهز كتفيه: لا مانع!
أصوات وقلوب مختلفة:
يبدأ سيف بالقراءة بصوت هادئ، وعينان تلمعان: أتمنى النجاح، والصحة والراحة لأمي، وأن أصبح مهندساً.
ثم يأتي دور كريم الذي يقرأ بسرعة: أريد ألعاباً ونقوداً أكتر وجوالاً أكبر، وملابس تمثل أحدث الصيحات، قرأها وأخذ ينظر حوله بفخر، كأنه فاز بشيء.
عمر وسيف لا يعلقان فقط يسمعان، وعندما جاء الدور على عمر قرأ دعواته، وعندما انتهى لم يطل الصمت.
قال سيف بهدوء: دعواتك حلوة وقنوعة، ربي يحققها لك.
بينما ضحك كريم قليلاً وقال: أنت تطلب طلبات قليلة جداً، لم يغضب عمر ونظر إلى الأرض يفكر.
الأم والجدة فخورتان بعمر:
وعند المساء، يرجع عمر إلى البيت، يجد أمه وجدته تجلسان معاً، فيجلس بينهما ويحكي ما حدث، الأم – فخورة بولدها- تضع يدها على رأسه وتقول: من يَقنع بحاله يعطيه ربه الكثير. الجدة تبتسم وتضيف: الناس ليسوا سواسية، لقد خلقنا الله درجات، عمر ينظر إليهما، وكأن الصورة تكتمل في عقله.
وعند ليلة رأس السنة في منتصف الليل، لم تكن هناك بالحي الذي يسكن فيه عمر ألعاب نارية كبيرة، ولا احتفال صاخب، لكنه شعر بالبيت دافئاً.
يجلس عمر وحده قليلاً، يفتح دفتره مرة أخرى، ويكتب آخر سطر: لقد فهمت من كتابة أحلامي وقراءة أمنيات أصدقائي وكلام أمي وجدتي إن الناس مختلفة؛ واحد غني وآخر فقير، واحد صوته عالٍ وواحد كلامه طيب، وليس المطلوب مني أن أغير منهم، أو أغضب من أحد.
كل طفل ينطق ويتصرف وفقاً لحياته وأسلوب تربيته، أنا أعمل ما أقدر عليه، وأرضى بما لدي، وأدعي لغيري بالخير، وأنا سعيد، وتسجيل أحلامي وكشفها أمام نظري حفزني لمزيد من الجدّ والعمل على رفعة شأني بالعلم والاجتهاد، يسبقهما مراعاة بر والدي، بعدها يبتسم عمر ويغلق الدفتر.

العبرة من القصة

  • الأمل نور، وهو العاطفة التي تزداد قوة في الأوقات الصعبة، وهو الإيمان بأن الأشياء الجيدة لا تموت أبداً.
  • اليأس والقنوط يعطلان الطاقات ويقعدان عن السعي، بينما الأمل يدفع نحو الإنجاز والتميز.
  • النهوض بعد السقوط الفخر الحقيقي ليس في عدم السقوط، بل في النهوض كلما سقطنا، وهذا جوهر الأمل والتفاؤل.
  • كن كالنخلة: تعطي أطيب الثمار، حتى لو رميت بالحجارة، لقوة العطاء والأمل الداخلي.
  • السعادة تكمن في القناعة والاكتفاء بما قسمه الله، ومن رضي استغنى ومن مدَّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيراً.
  • الرضا هو الاطمئنان للقدر، والقناعة هي الاكتفاء بالحد الأدنى، وكلاهما يولد الامتنان والسعادة والسلام الداخلي.