مقالات

الفرق بين الاكتئاب والحزن العابر بحسب اختصاصية

كثيراً ما نسمع في محيطنا عبارات مثل: “أنا مكتئب”، أو “أعيش حالة اكتئاب”، وغيرها الكثير من هذه العبارات التي تكون مرفقة بكلمة اكتئاب، وخاصة بين الشباب، دون إدراك للمعنى الحقيقي لهذه الكلمة. وهذا خطأ شائع ومنتشر لأن قائلها عادةً مايقصد بها تلك الحالة الطبيعية من الحزن التي قد تصيبنا جميعاً كبشر بعد تعرّضنا لحادثة محزنة معيّنة، أو قد يقصد صاحبها وصف حالة الملل والرتابة التي تظهر على شكل فقدان الشغف، ومن الطبيعي أن يطرأ علينا بعد مُضي فترة من تكرار نفس الروتين أو عيش نفس الأحداث دون تجديد أو تغيير.

الحزن والاكتئاب

تقول علا أحمد الشعبي، اختصاصية  نفسية ومُعالجة سلوكية معتمدة من الجمعية الأسترالية النفسية متخصصة بعلاج حالات الاكتئاب والقلق والمشاكل السلوكية والنفسية للأطفال والبالغين، في حديث لـ”سيدتي”: “غالباً ما يُستخدم مصطلح الاكتئاب لوصف مشاعر الحزن العابر أو الملل الناتج عن الروتين اليومي، ولكن الاكتئاب مرض نفسي خطير يختلف تماماً عن هذه المشاعر المؤقتة”.
وتضيف: “في المقابل، هناك أشخاص يعانون بصمت من الاكتئاب الحقيقي لفترات طويلة دون وعي منهم أو من المحيطين بهم، مما يجعلهم عرضة لمضاعفات خطيرة، قد تصل أحياناً إلى إنهاء حياتهم”. لذا، يُعد توضيح الفرق بين الاكتئاب والحزن الطبيعي، والتعرف إلى المؤشرات الأولية له، أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة النفسية.

 الاختصاصية النفسية والمعالجة السلوكية علا أحمد الشعبي

ما هو الحزن الطبيعي؟

الحزن (Sadness) هو شعور طبيعي يمر به الجميع كرد فعل على مواقف معينة مثل فقدان شخص عزيز، الفشل في تحقيق هدف، أو التعرض لأزمة صحية. يعد الحزن مؤشراً صحياً على تفاعل الإنسان مع مشاعره، وهو جزء من الطبيعة البشرية التي تميزنا عن غيرنا من الكائنات. حسب تعريف “الشعبي”، مضيفة: “الحزن مثله مثل جميع المشاعر الأُخرى التي فُطرنا عليها، والتي تميّزنا بها عن غيرنا من المخلوقات والتي تُساعدنا أيضاً على التفاعل والتواصل الصحّي مع أنفسنا ومع المحيط من حولنا بشرط أن تكون هذه المشاعر في مكانها وسياقها الطبيعي ونتيجة للمواقف التي تستدعيها”.
على سبيل المثال: الحزن الناتج عن خسارة مادية أو إصابة بمرض يكون منطقياً ومتوقعاً، ويميل إلى التلاشي تدريجياً مع مرور الوقت أو بعد الحصول على الدعم من الأصدقاء والعائلة. هذا النوع من الحزن مؤقت ولا يعوق الشخص عن مواصلة حياته اليومية أو أداء واجباته.

ما هو الاكتئاب؟

على عكس الحزن الطبيعي، تُعرف الاختصاصية النفسية الاكتئاب (Depression) بأنه حالة تتميز بوجود مشاعر حزن عميقة ومستمرة، دون سبب واضح أو مبرر منطقي. تدوم هذه الحالة لفترات طويلة (لا تقل عن أسبوعين)، وتؤثر بشكل كبير على حياة الشخص اليومية.
أحد أبرز الفروق بين الاكتئاب والحزن هو أن الشخص المكتئب يعاني من فقدان الاهتمام بأي شيء حوله، ويجد صعوبة في أداء حتى أبسط الأنشطة، مثل النهوض من السرير أو العناية بالنظافة الشخصية، وقد يعاني الشخص من نوبات بكاء من دون سبب.

شابة تشعر بالخمول أثناء الدوام – المصدر freepik

العلامات الفارقة بين الحزن والاكتئاب

هناك مجموعة من العلامات التي يمكن من خلالها التفرقة بين الحزن والاكتئاب، حصرتها الاختصاصية في الآتي:

السبب

الحزن الطبيعي مرتبط بمواقف محددة مثل وفاة قريب أو فشل معين، أما الاكتئاب فيحدث من دون مبرر واضح وقد يظهر فجأة.

المدة

الحزن مؤقت ويختفي تدريجياً مع مرور الوقت. الاكتئاب يستمر لمدة أسبوعين أو أكثر بشكل يومي.

التأثير على الحياة اليومية

الشخص الحزين يستمر في أداء مهامه رغم شعوره بالثقل العاطفي. بينما المكتئب يجد صعوبة كبيرة في إنجاز المهام اليومية.

أعراض الاكتئاب الرئيسية

الاكتئاب يؤثر على الحالة النفسية والجسدية بشكل واضح. من أبرز أعراضه:

  • التغير في الشهية أو الوزن: زيادة أو نقصان كبير دون سبب.
  • اضطرابات النوم: أرق مستمر أو نوم مفرط.
  • الخمول أو فرط النشاط: بطء في الحركة أو توتر ملحوظ.
  • فقدان الطاقة: شعور دائم بالإرهاق.
  • الشعور بالذنب أو انعدام القيمة: شعور مفرط وغير مبرر بالذنب.
  • صعوبة التركيز: ضعف في التفكير أو اتخاذ القرارات.
  • التفكير في الانتحار: سواء بالكلام أو التخطيط الفعلي.

كيف يمكن التعامل مع الاكتئاب؟

إذا استمر الحزن لمدة تزيد عن أسبوعين وأصبح معيقاً للحياة اليومية، فمن الضروري استشارة طبيب نفسي مختص. يعتمد الأطباء على أدوات تشخيصية لتحديد الحالة وتقديم العلاج المناسب، والذي قد يشمل العلاج النفسي أو الأدوية أو كليهما.
واختتمت الاختصاصية النفسية علا أحمد الشعبي حديثها بالقول “الحزن الطبيعي هو جزء من الحياة، لكنه إذا تحول إلى اكتئاب، فقد يصبح تهديداً حقيقياً للصحة النفسية والجسدية. لذلك لا تترددوا في طلب المساعدة إذا شعرتم أن حياتكم أصبحت محاصرة بمشاعر الحزن أو الأسى المستمرة”. الأهم هو أن تتذكر أن الاكتئاب مرض يمكن علاجه، وأن طلب المساعدة هو أول خطوة نحو التعافي.
قد يعجبكم أيضاً كيف يتخلص الشباب من الخجل؟