تعرفوا إلى تاريخ الشطرنج أشهر رياضة تحدٍّ فكري عشقها الملوك والعظماء
ربما تكون لعبة الشطرنج، التي يعود تاريخها إلى 1500 عام، أشهر رياضة فكرية تمثل تحدياً غير تقليدي للعقول المتميزة؛ فهي تكرس للتفكير في متغيرات متعددة وحركات محتملة قبل اتخاذ القرار، ما يسمح بالتفكير في مفاهيم تتجاوز الأفكار التقليدية الملموسة، وهو ما جعل هذه اللعبة المدهشة لعبة الملوك وعلية القوم من الأذكياء النبهاء الوجهاء بامتياز، الذين انجذبوا إلى لعبة تمثل الحروب والمعارك؛ فقد كان الملوك في إنجلترا، ومنهم إدوارد الثالث والملكة إليزابيث الأولى، وبفرنسا يوحنا الثاني ولويس الحادي عشر ولويس الثالث عشر، وفي روسيا بطرس الأكبر وإيفان الرابع المعروف باسم إيفان الرهيب أمير موسكو العظيم وقيصر عموم روسيا الأول؛ من المعجبين الكبار بهذه اللعبة الفكرية المذهلة، حتى إن إيفان الرهيب من عشقه للشطرنج سقط ميتاً على لوحة اللعب في أثناء لعبه مع مفضله بوريس جودونوف. واجتذبت لعبة الشطرنج أيضاً سياسيين مثل جون النمساوي، والباباوات مثل غريغوري الثاني عشر والمفكرين مثل روسو، وفولتير، ولايبنيز، وإيراسموس روتردام ، الذين ناقشوا الفلسفة في أثناء اللعب.
بالسياق التالي “سيدتي” تحدثك عن التاريخ المدهش للعبة الشطرنج هذه اللعبة المذهلة التي تمثل أشهر رياضة تحدٍّ فكري عالمي وعشق للملوك والعظماء.
الشطرنج منصة عالمية مذهلة تشجع الحوار والتضامن منذ قديم الزمن
من المعروف أن للشطرنج مقدرة فائقة في تحسين الاندماج بين الشعوب؛ كونه المؤسس لمنصة عالمية مذهلة تشجع الحوار والتضامن وقيم السلام بين الشعوب منذ قديم الزمن، من خلال المسابقات الكبرى التي يلتقي فيها الجميع في حوار فكري وتلاقح ذهني وعقلي لا مثيل له، حيث الذكاء وروح التحدي والمنافسة لها السيادة؛ فالشطرنج أحد الألعاب ذات الصيت الغني التي تمزج ما بين الرياضة والفكر العلمي، ولها دور لا مثيل له في تحسين الذاكرة والتركيز والتفكير الناقد. ولها أهمية فائقة في المجالات المتعلقة بالتعليم وتلك التي تكرس لتحقيق المساواة وتعزز قيم التسامح والتفاهم والاحترام على كل الصُّعد، ومن ثَمَّ فقد استطاعت لعبة الشطرنج أن تحفظ مكانتها لآلاف السنين منذ الإرهاصات الأولى التي كرست لبدايتها مروراً بمراحل تطورها وما شهدته من تغيرات بطول الزمان وعرضه؛ لتتسق مع مختلف البيئات ولتناسب مختلف الطبقات وتتماهى مع مختلف الثقافات، فتجوب الأرض من شمالها لجنوبها، وما من أرض وطأتها إلا سادت وانتشرت بين عظمائها وحكامها يلعبون بقطع ذهبية أو حتى ماسية، وتواضعت لتصل حتى لبسطائها يلعبون بقطع تكون خشبية أو حجرية تتناسب مع مكانتهم الإجتماعية ومقدرتهم المادية؛ فالكل يلعب ويستمتع ويحرك عقله ليفوز على خصمه، وهي غريزة إنسانية يشترك فيها عظماء القوم وبسطاؤهم، ملوكهم ورعيتهم، كبارهم وصغارهم.
قد ترغبين في التعرف إلى قصة: طفلة تتوَّج بجائزة أفضل لاعبة في بطولة الشطرنج الأوروبية.. لقبوها بـ”الظاهرة”
تاريخ مشوِّق للعبة رائعة
- لا يُعرف بالتحديد وبدقة مخترع لعبة الشطرنج، ولكنه وبحسب theguardian.com فللعثور على الشكل الأكثر تشابهاً مع لعبة الشطرنج الحالية تتم الإشارة إلى لعبة أسطورية ظهرت في شمال الهند منذ 1500 عام على الأقل، ويُعتقد أنها أقدم لعبة شطرنج، تُعرف بالاسم السنسكريتي chaturanga، “هو اسم أحد تشكيلات المعارك المذكورة في الملحمة الهندية الشهيرة ماهابهاراتا،، ويعتبرها معظم المتخصصين هي البداية الأكثر احتمالاً لقواعد الشطرنج”.
يتم لعب لعبة Chaturanga بين أربعة أشخاص على لوحة مكونة من 64 مربعاً، كلها من اللون نفسه، بحيث يكون الجانبان الشمالي والغربي متحالفين ويقاتلان ضد الجانبين الجنوبي والشرقي. كانت قطع شاتورانجا هي الراجا “تتحرك بحركة مشابهة لحركة الملك الحالي”، والمستشار “أي ما يعادل الملكة أو الوزير”، والفيل، والحصان “يتحركان بحركة مماثلة لحركتنا”، والعربة أو القلعة، والجنود “الذين يتقدمون خطوة للأمام خطوة بخطوة، كما تفعل البيادق اليوم”. هذه القطع الأربع الأخيرة لها ما يعادلها في الجيش الهندي في ذلك الوقت، ومن ثَمَّ فليس عبثاً أن مصطلح تشاتورانجا “تعني أربعة أقسام” يشير إلى تشكيل عسكري. - يحدثنا موقع “houseofstaunton.com” عن التاريخ المدهش لهذه اللعبة الرائعة التي بدأت تُعرف وتنتشر بين الكثيرين عندما جاء سفير ملك الهند إلى بلاط كسرى الفارسي، وبعد تبادل المجاملات، أخرج هدايا ثمينة من ملكه، وكان من بينها لوح مصنوع من قطع منحوتة بشكل غريب من خشب الأبنوس والعاج. ثم أصدر تحدياً: أيها الملك العظيم، اتصل بحكمائك واطلب منهم أن يحلوا ألغاز هذه اللعبة. فإن نجحوا فإن سيدي ملك الهند سيدفع لك الجزية بوصفه سيداً أعلى، وإذا فشلوا فسيكون ذلك دليلاً على أن الفرس أقل عقلاً وسنطلب منكم الجزية، “حسب القصيدة الملحمية الفارسية الشاهنامة”، أول وثيقة تحدثت عن الشطرنج، وفقاً لمؤلفها الشاعر فدروسي.
- بحسب وثائق أخرى فقد نشأت اللعبة في القرن السادس نتيجة نزاع على عرش الهند بين الأخوين جاف وتالهند، وعندما مات الأخ الثاني في المعركة شعرت الأم بالحزن وانتابها الاكتئاب، وقد حاول جاف رد التهم عنه فنفي قيامه بذلك، ولإثبات براءته، أعاد إنشاء المعركة باستخدام قطع عاجية تمثل الوحدات القتالية الأربع للجيش: المشاة وسلاح الفرسان والفيلة والعربات ليحكي كيف كانت المعركة وكيف تحركت القوات وكيف مات أخوه وأنه لم يكن المسئول عن هذا الأمر.
- عرف العرب الشطرنج من لعبة شاتورانجا Chaturanga عندما دخل الإسلام الهند، وقد قاموا بتطويرها وتكييفها، وأطلقوا عليها اسم الشطرنج، وهي بالقواعد ذاتها المعروفة للشطرنج الحالي، والشطرنج كان اللعبة الأثيرة لدى نخبة المجتمع العربي والإسلامي، في العصور القديمة؛ فقد لعبها، إلى جانب الأمراء والخلفاء، نحويون ولغويون وشعراء وأطباء، ومن أشهر هواتها الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، ومن الخلفاء المعتضد والمأمون وهارون الرشيد.
- نقل المسلمون اللعبة إلى المغرب الإسلامي لتنتقل لأوروبا خلال فترة العصور الوسطى من خلال الحروب الصليبية، وعن طريق مراكز التواصل الحضاري في كل من صقلية وشبه الجزيرة الإيبيرية، وفي أواخر القرن الرابع عشر الميلادي تم تطوير لعبة الشطرنج مرة أخرى ليُطلق عليها “شطرنج تيمورلنك” نسبة إلى الملك العظيم أحد أعظم القادة العسكريين والتكتيكيين في التاريخ، الذي قيل إنه أشرف على تطويرها بنفسه.
- حسب الموقع السابق “houseofstaunton.com” ومن الوثائق التي تحدثت عن أصل لعبة الشطرنج أن بدايتها الأولى قبل التاريخ كانت عند الفراعنة حيث كانت تُسمى لعبة السِنِت عند المصريين القدماء وقد مارسها الملوك والعامة، وصُورت على جدران مقابرهم مثل مقبرة الملكة نفرتاري، وقد عُثر على العديد من قطعها ضمن المتاع الجنائزي للملوك، مثل الذي وُجد بمقبرة الملك توت عنخ آمون.
- ظل الشطرنج يتطور منذ عصور ما قبل التاريخ حتى ظهور الذكاء الاصطناعي، وقد كان أول برنامج شطرنج قادر على تشغيل لعبة شطرنج هو MacHack VI، الذي تم تطويره في عام 1967 من قبل طالب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ رغم أن نتائج اللعبة الأولى كانت سيئة إلى حدٍّ ما وصولاً لعام 1997، عندما فاز برنامج الكمبيوتر، ديب بلو، ببطولة الشطرنج ضد بطل العالم المعروف غاري كاسباروف.
وإذا تابعت السياق التالي ستتعرفين إجابة هذا السؤال: هل يرفع لعب الشطرنج من معدلات ذكائك؟
200 نوع من قطع الشطرنج
بالنهاية فلعبة الشطرنج ليست سوى العضو الأكثر عالمية في عائلة واسعة من ألعاب الطاولة المشابهة؛ فهناك أكثر من 200 نوع من قطع الشطرنج، وتفسر شعبيتها التنوع الكبير في القطع والقواعد، وقد جمع المؤرخ ديفيد بارليت -المتخصص في تاريخ الألعاب- في كتابه تاريخ أكسفورد لألعاب الطاولة، “Oxford History of Board Games”، وفي النسخة الدولية من اللعبة، ستة فقط تُعتبر قياسية، وهي تلك التي تحتوي على القطع الأساسية: البيدق “العسكري”، الرخ “القلعة”، الأسقف “الفيل”، الفرس “الحصان”، الملكة “الوزير” والملك. الألعاب ذات الصلة لها قطعها الخاصة التي تعكس التقاليد العسكرية لكل مكان: على سبيل المثال، شيانغتشي الصيني لديه مدافع ، وشوغي الياباني لديه رماح، والمكروك التايلاندي، ولكي تُعتبر لعبة ما جزءاً من “عائلة الشطرنج” يجب أن تستوفي شرطين:
- وجود النرد.
- أن يعتمد النصر على الاستيلاء على قطعة واحدة “الملك”.
ويمكنك من السياق التالي التعرف إلى فوائد الشطرنج فهو يعالج الخرف وفرط الحركة والعديد من الفوائد المذهلة