شهدت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، التي استضافتها الرياض مؤخراً تواجد نخبة من قادة وخبراء تقنيات الذكاء الاصطناعي من أكثر من 100 دولة من أنحاء العالم، وتجاوز عدد الحضور أكثر من 32 ألفاً، ولم تكن المرأة السعودية غائبة عن هذا المحفل العالمي الذي أظهرت من خلاله السعودية للعالم مواكبتها لتقنيات الذكاء الاصطناعي وبناء القدرات المحلية؛ إذ كان للمرأة حضورها الفاعل بين أروقة القمة ضمن فريق تنظيم القمة للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” وأيضاً كمحاورة ومتحدثة ضمن أكثر من 400 متحدث في جلسات القمة التي بلغت 150 جلسة، كما مثلت المرأة السعودية الكثير من الجهات والأجنحة المشاركة في المعرض الخاص للقمة؛ لتشرح بكل مهارة وإتقان ما تتمتع به تلك الجهات من خبرات وابتكارات في مجالات الذكاء الاصطناعي.
سيدتي وخلال تغطيتها للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي التقت بنماذج مشرفة للمرأة السعودية في مجال التقنية والذكاء الاصطناعي ، استطعن وبشكل مبهر تمثيل وعكس الجهود الجبارة لقطاعات حكومية مختلفة ، تتنافس في السباق العالمي في هذا المجال وهن: الدكتورة سارة العتيبي من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي والدكتورة منى المهيد ساعد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للذكاء الاصطناعي لقطاع الصحة والدكتورة سلوى الهزاع الرئيس والمؤسس لشركة سدم ، والدكتورة لولوة الضبيعي مديرة مركز الخدمات المتقدمة في الذكاء الاصطناعي بجامعة الملك سعود.
الدكتورة سارة العتيبي
تزخر الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الجهة المنظمة للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي بكوادر من العالمات السعوديات والباحثات في مجال الذكاء الاصطناعي، اللواتي لفتن الأنظار خلال فعاليات القمة، ومنهن الدكتورة سارة العتيبي عالمة أبحاث في هذا المحفل الرائع الذي نشهد فيه القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بنسخته الثالثة بعد نجاحات في نسخه السابقة، والعنوان في هذه القمة تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي من أجل خير البشرية، نستهدف فيها تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يخدم البشرية ضمن إطار حوكمة رائعة جداً، وضمن النطاقات التي أطلقت اليوم برعاية اليونسكو والمركز الدولي لأخلاقيات وسياسات الذكاء الاصطناعي، هذه الأخلاقيات سوف تحكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومنها هذه التطبيقات الجميلة جداً التي ساهمت في تشكيل معرض مصاحب للقمة بمشاركة جهات عدة.
وتطرقت الدكتورة سارة العتيبي للحديث بشكل خاص عن بعض المشاريع المختارة بعناية، والتي تم تطويرها بأيادٍ سعودية وكفاءات عالمية ومحلية في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي منها مشاريع تخدم نطاق الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومشاريع في إدارة الحشود منها مشروع “بسيط”، ومشروع علام، ومشاريع أخرى تم تطبيقها في التعليم كمشروع المساعد التعليمي “كليم”وهو مساند افتراضي للمعلم والطالب يتمكن من خلاله الطالب من توجيه أي سؤال أو استفسار للمعلم الافتراضي، وهنا لم يتم استبدال المعلم، ولكن توفير مساعد له في منظومة التعليم.
في سؤال لـ”سيدتي” عن الهاجس الذي راود الكثيرين هو استبدال تقنيات الذكاء الاصطناعي بالبشر ترى الدكتورة سارة العتيبي أن هذا الحديث سابق لأوانه، والتطبيقات التي يتم محاولة حوكمتها وتقنينها بطريقة وآلية معينة يكون فيها الإسهام البشري بدرجة 90%، هذا الإسهام البشري يضع السياسات والأنظمة في خطة أولية وأساسية جداً، بمعنى تمكننا فيما بعد من تحقيق نظام نموذج متكامل يستطيع فيه من أتمتة النظام بشكل كلي.
اقرأ المزيد: سدايا تدشن منصة ديم الذكية في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض
الدكتورة منى المهيد
ومن الكفاءات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي تبرز الدكتورة منى فاير المهيد مساعد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للذكاء الاصطناعي لقطاع الصحة “سدايا”، والتي أكدت في تصريحها لـ”سيدتي” على أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي والحاجة الماسة إلى الكم الهائل من البيانات وعلى تمكن هذه القمة العالمية من جمع قيادات في السياسة والاستدامة والتقنية في مكان واحد؛ لتؤكد السعودية سيادتها في المجال ورغبتها في خدمة مواطنيها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتطرقت الدكتورة منى المهيد لأبرز المشاريع السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي وهو مشروع “عيناي” كأحد حلول الذكاء الاصطناعي الرائدة في صحة العين واكتشاف مرض اعتلال مرض الشبكية السكري، والذي طُور محليّاً على أيدي مهندسين وخبراء سعوديين متخصصين في الذكاء الاصطناعي. ليشكل هذا ثورةً في مجال التشخيص الطبي على المستوى الإقليمي، والذي نتج عن تحالف يضم الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، وشركة لين، والشركة السعودية للذكاء الاصطناعي (سكاي).
وأشارت الدكتورة منى المهيد إلى الإنجازات التي حققها مشروع عيناي بقولها: بتوفيق من الله تمكنا من اكتشاف أكثر من 800 حالة بحاجة إلى تحويلها إلى المستشفيات، والتي نتجت من التطبيب عن بُعد مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث يتم اكتشاف المرض من أماكن إقامة المرضى دون الحاجة لتكلفة توجههم لمراكز متخصصة أو أطباء مختصصين، ومن هذا المنطلق تم التقليل من التكلفة ووقت وجهد المريض، ومساعدتنا من جهة أخرى في الحصول على المسح والكشف المبكر عن مرض اعتلال مرض الشبكية السكري.
الدكتورة سلوى الهزاع
وكما سجلت المرأة السعودية حضورها في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي كمتحدثة من ضمن 456 متحدثاً يمثلون 20 دولة حول العالم؛ إذ شاركت الأستاذة الدكتورة سلوى الهزاع الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة سدم، مع 7 متحدثين آخرين في جلسة بعنوان “القوة التنبؤية للذكاء الاصطناعي وتسخير الذكاء الاصطناعي للوقاية المتقدمة من الرعاية الصحية والتشخيص والعلاج”، ووصفت الدكتورة الهزاع المتحدثين المشاركين بأن لهم مكانتهم وقوتهم في الذكاء الاصطناعي، وتابعت القمة قربتنا كثير مع دول العالم ويدل على اهتمام السعودية بالذكاء الاصطناعي بدليل تصدرنا دول العشرين.
وعن شركة سدم أوضحت الدكتورة سلوى الهزاع أنها أول شركة ناشئة تهتم بالتقاط صور الشبكية لأمراض العين المزمنة، وحققت الشركة تقدماً ملموساً في المجال خلال السنوات الأخيرة بالتعاون مع عدد من الجهات منها مدينة الملك عبد العزيز وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، بدأنا بموظفين ووصلنا إلى 15 موظفاً.
وأشارت الهزاع إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في سدم ساعد المرضى المقيمين في أطراف السعودية الذين يصعب عليهم الوصول للمستشفيات المتخصصة، بحيث يتم مراجعة المريض لمراكز معينة متخصصة في السكري تقدم الفحص باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي ودون الحاجة لتواجد طبيب عيون في الموقع والحصول على نتيجة الفحص خلال دقائق معدودة، وفي ذلك تقليل التكلفة على الدولة وعلى المريض، وهذه التقنية تم تدريبها على الخوارزميات وأستطيع أن أقول وبكل فخر إنها فعلاً أدق من أكبر طبيب استشاري متخصص لديه أكبر الشهادات من البورد الأمريكي أو الكندي أو الزمالة البريطانية.
وعن الإنجازات التي حققتها شركة سدم في عمرها القصير اختيارها في التقرير السنوي للاستدامة في السعودية كأبرز قصص نجاح الاستدامة في خدمة الإنسان؛ إذ تمكنت سدم من خلال الشراكة مع القطاع الثالث لتقديم فحوصات مجانية لجميع مرضى السكري في السعودية تحقيقاً لأحد أهداف التنمية المستدامة 2030. وإحدى أولوياتنا الاستدامة في قطاع الصحة الرقمية. وكذلك من الإنجازات قبول ورقتين بحثيتين من بين أكثر من 2500 متقدم حول العالم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي في مؤتمر IEEE Globecom الدولي 2024، بحضور أكثر من 2000 باحث من 70 دولة.
وأضافت الهزاع ومن ابتكاراتنا واهتماماتنا تطوير نماذج لغوية كبيرة (LLMs) و (LMMs) لتقديم حلول مبتكرة وفعالة في مجالات الرعاية الصحية، والذي سيساهم في تحسين رعاية المرضى بشكل كبير. وكما أنها من جانب آخر ستساهم في تحقيق هدفي في جعل السعودية في مصاف الدول حول العالم في الابتكارات الصحية والتقنية.
الجدير بالذكر أن الدكتورة سلوى الهزاع تملك سجلاً حافلاً من المناصب والألقاب والإنجازات في طب العيون، فهي أول بروفيسور في طب العيون. و”طبيبة القارات الخمس” ورئيسة قسم العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي وعضو مجلس شورى سابق، أعلنت مؤخراً عن انضمامها للجمعية الدولية للتوازن الرقمي، كعضو مؤسس مع كبار أعضاء الجمعية.
الدكتورة لولوة الضبيعي
في جناح جامعة الملك سعود في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تقف الدكتورة لولوة الضبيعي _مستشارة نائب الرئيس للدارسات العليا والبحث العلمي ومديرة مركز الخدمات المتقدمة في الذكاء الاصطناعي_ وبكل فخر لتعريف زوار الجناح بالمراكز التابع لوكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، والذي يقدم خدماته لأعضاء هيئة التدريس في جميع الكليات ولجميع طلاب الجامعة، وهو مركز متخصص في بحث وتطوير وابتكار حلول الذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات البشرية والخدمات الاستشارية اعتماداً على أفضل الممارسات والمعايير وأحدث التقنيات.
تشير الدكتورة لولوة في حديثها لـ”سيدتي” إلى مشاركة جناح جامعة الملك سعود في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من خلال 7 جهات ممثلة للجامعة وهي كلياتها ومعاهدها ومراكزها البحثية وكلياتها، منها كلية الطب والصيدلة، وكلية العلوم الطبية التطبيقية وكلية علوم الحاسب والمعلومات وكلية الهندسة ومعهد ريادة الأعمال.
وتابعت الدكتورة لولوة: نجح الجناح في استعراض 21 حالة لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتي يمكن تصنيفها أنها ضمن الأولويات الوطنية مثل الصحة والاستدامة والطاقة واقتصاديات المستقبل والصناعة/ كما استعرض الجناح آخر الأبحاث التي تم العمل عليها في المركز أو الكليات ومن المنتجات التي تفخر الجامعة بعرضها: روبوت إطفاء الحريق، من تصميم مركز الروبوتات الذكية في كلية علوم الحاسب والمعلومات وجارٍ حصول الروبوت على براءة اختراع من مكتب البراءات الأمريكي، وكما حظي روبوت آخر للمركز في القيام بمهمة تقديم القهوة العربية لزوار الجناح، والذي حظي بإعجاب واهتمام لافت من قبل زوار الجناح والقمة العالمية للذكاء الاصطناعي بشكل عام.
وعن المشاريع المستقبلية لجامعة الملك سعود في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي أوضحت الضبيعي عن قيام مركز الدراسات حالياً بتطوير تطبيق يسمى “البصمة اللغوية للشاعر العربي” ويمكن من خلال التطبيق كتابة الشعر بأسلوب شاعر معين.
ختاماً يذكر أن الدكتورة لولوة الضبيعي حاصلة على بكالوريوس في علوم الحاسوب من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وماجستير في الذكاء الاصطناعي، من جامعة ليدز في المملكة المتحدة الدكتوراة في معالجة اللغة الطبيعية، من الجامعة نفسها، وعضو مؤسس في سنتلين كود.
اقرأ المزيد: القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض تستعرض أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي في العالم.
صور التقرير من تصوير المحررة
