في عالم يتسارع فيه كلّ شيء، أصبح السفر ليس مجرد استراحة من الروتين اليومي؛ بل هو رحلة واعية نحو الذات، وفرصة لإشباع شغفنا واهتماماتنا العميقة. لم يعُد اختيار الوجهة مجرّد تصفُّحٍ للصور الخلابة على الإنترنت؛ بل أصبح قراراً شخصياً بامتياز، يعكس هويتنا وما نحب. وفي هذا السياق، كشف تقرير “اتجاهات السفر لعام 2026” الصادر عن منصة السفر العالمية الرائدة “سكاي سكانر”، عن تحوُّل جذري في عادات المسافرين من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ مؤكداً أن عام 2026 سيكون عام السفر “الشخصي” بامتياز.
استناداً إلى بيانات المنصة العالمية وأبحاث المستهلكين المعمّقة، يتجه المسافرون في المنطقة بوعي كامل نحو تصميم رحلاتهم لتكون هادفة ومتمحورة حول شغفهم. من البحث عن أفضل منتجات العناية بالبشرة في عواصم الجمال العالمية، إلى الهروب نحو هدوء المرتفعات الجبلية، أو حتى اختيار فندق يصبح هو الوجهة بحدّ ذاتها، تتشكل خريطة السفر الجديدة لتلبّي رغباتنا الدفينة.
تجارِب غنية
وفي تعليقه على هذه النتائج، يقول أيوب المأمون، خبير السفر في سكاي سكانر: “مع اقتراب نهاية عام 2025، بدأ الناس بالفعل في استكشاف وجهاتهم المقبلة. ويظهر تقريرنا السنوي أن المسافرين من الإمارات والسعودية يبحثون عن تجارِب غنيّة ومتنوّعة تعكس اهتماماتهم وهواياتهم الشخصية. هناك طُرق مختلفة يستمتع بها المسافرون بالعطلات؛ بدءاً من التسوُّق لشراء منتجات التجميل، إلى قراءة كتاب، أو قضاء وقت ممتع مع العائلة. لذلك يمكنهم الآن التخطيط لرحلاتهم بهدف ومعنًى أكبر”.
في هذا التقرير الشامل، تأخذكِ «سيدتي» في رحلة لاستكشاف الاتجاهات السبعة الأبرز التي ستحدد ملامح السفر في عام 2026، وتكشف كيف ستؤثّر اهتماماتك على اختيار وجهتكِ القادمة.
الإقامة كوجهة بحدّ ذاتها: حين يصبح الفندق هو الحكاية
وداعاً لفكرة أن الفندق هو مجرّد مكان للنوم. في عام 2026، ستصبح الإقامة الفندقية هي المحرّك الرئيسي لاختيار الوجهة. لقد أصبحت الفنادق والمنتجعات تتنافس لتقديم تجارِب فريدة تتجاوز مجرّد توفير سرير مريح؛ بل أصبحت عالماً متكاملاً من المغامرات والرفاهية والاسترخاء، لدرجة أنها أصبحت الوجهة بحدّ ذاتها.
تؤكّد الأرقام على هذا التحوُّل؛ حيث كشف التقرير أن نسبةً هائلة بلغت 76% من المسافرين من الإمارات، اختاروا وجهتهم بناءً على الفندق أو مكان الإقامة فقط. وينطبق الأمر بشكل مشابه على المسافرين من السعودية؛ حيث ذكر 68% منهم أنهم اختاروا وجهة سفرهم بناءً على الإقامة المتاحة فيها. هذا يعني أن البحث عن “فندق مميز في إيطاليا” قد تحوّل إلى “السفر لتجرِبة ذلك الفندق تحديداً”، سواء أكان منتجعاً صحياً في جبال الألب، أو فندقاً بتصميم فريد في قلب مدينة تاريخية.
تابعي المزيد: أفضل 10 فنادق تجمع بين الراحة والهدوء لتجرِبةٍ لا تُنسى
“عشّاق التوهُّج”: السفر من أجل الجمال والعناية بالبشرة
أصبح السفر والجمال حليفين لا ينفصلان. يكشف التقرير عن اتجاهٍ متصاعد يُعرف بـ”عشاق التوهُّج”، أو “السياحة التجميلية”؛ حيث يخطط المسافرون لرحلاتهم حول هدف الحصول على علاجات تجميلية أو شراء منتجات حصرية للعناية بالبشرة.
- في الإمارات: 55% من المسافرين اشترَوا بالفعل منتجات تجميل أو عناية بالبشرة خلال رحلاتهم السابقة، بينما يخطط 45% للحصول على علاجات تجميلية، أو زيارة متاجر متخصصة في عطلاتهم لعام 2026.
- في السعودية: أكثر من نصف البالغين (51%) اشترَوا منتجات تجميل خلال رحلاتهم الدولية، ويخطط 41% منهم لزيارة متاجر التجميل أو الحصول على علاجات في العام القادم.
أحد الدوافع الرئيسية وراء هذا الاتجاه هو العامل الاقتصادي؛ حيث يرى 37% من المسافرين الإماراتيين و40% من السعوديين، أن هذه الأنشطة والمنتجات تكون أقل تكلفة في الخارج مقارنةً ببلدانهم.
التسوُّق الأصيل: استكشاف الثقافات عبْر أروِقة المتاجر المحلية
بعيداً عن المتاجر الفاخرة المعتادة، يتجه المسافرون الآن إلى استكشاف قلب الثقافات المحلية، عبْر زيارة المتاجر والأسواق الشعبية والسوبرماركت. لقد أصبحت هذه الأماكن نافذة حقيقية للتعرُّف إلى أسلوب حياة السكان المحليين وتذوُّق نكهاتهم الأصيلة.
تُظهر البيانات أن 83% من المسافرين في كلٍّ من الإمارات والسعودية، يزورون المتاجر المحلية أو السوبرماركت خلال رحلاتهم. وبينما يرى 57% من المسافرين الإماراتيين أن الأطعمة تكشف الكثير عن ثقافة الوجهة، يرغب 43% من المسافرين السعوديين في اكتشاف مأكولات ووجبات خفيفة لا يمكنهم العثور عليها في بلدهم. إنها تجرِبة غامرة تحوّل رحلة التسوُّق البسيطة إلى مغامرة ثقافية.
الهروب إلى المرتفعات: عشق الجبال يزداد شعبية
في مواجهة صيف المنطقة الحار، يَبرز اتجاه متزايد نحو “الإقبال على المرتفعات”؛ حيث أصبحت الوجهات الجبلية ملاذاً مفضّلاً للباحثين عن الهواء النقي والأجواء المعتدلة والهدوء.
- من الإمارات: يخطط 92% من المسافرين لرحلة إلى المرتفعات خلال الصيف أو الخريف المقبل؛ معتبرين أن الهواء النقي والطقس المعتدل، هما أبرز عوامل الجذب بنسبة 59%.
- من السعودية: بدأ 89% من المسافرين في استكشاف فكرة السفر إلى الجبال، ويفكرون في رحلة صيفية أو خريفية. ويجد 56% منهم أن الهواء النقي والطقس البارد، يجعلان هذه الرحلات أكثر جاذبية. بينما يخطط 35% منهم لرحلات مشي طويلة في الطبيعة.
تابعي المزيد: 5 وجهات سياحية منعشة بعيداً عن حرارة الصيف القاسية
وجهات من وحي الكتب: السفر بين صفحات الروايات
للأدب سحرٌ خاص، وفي عام 2026، سيقود هذا السحر المسافرين إلى وجهات جديدة مستوحاة من رواياتهم وكتبهم المفضّلة. سواء أكان ذلك لاستعادة التوازن، أو الابتعاد عن الواقع، أو إعادة التواصل مع الذات. يسعى القراء إلى كتابة فصول جديدة من حياتهم عبْر السفر المرتبط بالأدب.
تؤكّد الأرقام هذا الشغف؛ حيث فكّر 78% من المسافرين الإماراتيين في حجز رحلة مستوحاة من محتوًى أدبي، بينما يعتبر 70% منهم أن القراءة جزءٌ أساسي من تجرِبة السفر. وفي السعودية، فكّر 73% في القيام برحلة مماثلة، ويرى 66% أن تخصيص وقت للقراءة، أمرٌ مهم خلال السفر.
سافر وتواصَل: البحث عن علاقات إنسانية حقيقية
في عصر طغت عليه العلاقات الرقمية، هناك تعطُّش متزايد للتواصُل الإنساني الحقيقي، وهو ما يدفع الكثيرين للسفر بهدف مقابلة أشخاص جُدد، وتكوين صداقات وعلاقات أثناء رحلاتهم.
- في الإمارات: فكّر 82% من السكان في السفر خصيصاً لمقابلة أشخاص جُدد. وأبدى 32% رغبتهم في التعرُّف إلى ثقافات أخرى أثناء السفر.
- في السعودية: أكثر من ثلثي المشاركين (69%) مستعدون للسفر إلى الخارج للتعرُّف إلى أشخاص جدد. والأمر المثير للاهتمام، هو أن 38% منهم يشعرون بحرية أكبر عند التفاعل مع أشخاص لم يسبق لهم مقابلتهم؛ مما يجعل السفر فرصة مثالية للانفتاح على الآخر.
السفر العائلي متعدد الأجيال: خلق ذكريات مشتركة
أخيراً، يعود السفر العائلي بقوة، ولكن بمفهوم أوسع يشمل الأجيال المختلفة. تزداد شعبية الرحلات التي تجمع الأبناء والآباء والأجداد؛ حيث يفضّل المسافرون قضاء وقت ممتع مع عائلاتهم وخلق ذكريات تدوم.
يخطط 41% من المسافرين في الإمارات للسفر مع عائلاتهم، وقد سافر 31% منهم بالفعل مع آبائهم أو أجدادهم خلال العامين الماضيين.
وفي السعودية، يخطط 38% للسفر مع عائلاتهم؛ استناداً إلى توجُّه متنامٍ حيث ذكر 26% أنهم سافروا مع آبائهم وأجدادهم مؤخراً.
تابعي المزيد: العُلا تستعد لموسم شتوي حافل بالفعاليات
ختاماً
إن اتجاهات السفر لعام 2026 ترسم صورة واضحة لمستقبل يعتمد على التخصيص والعمق والمعنى. لم يعُد السفر مجرد هروب؛ بل أصبح امتداداً لشخصياتنا وشغفنا. سواء أكنتِ من “عشاق التوهُّج” الذين يبحثون عن أحدث صيحات الجمال، أو من محبي الطبيعة الذين يتوقون لهدوء الجبال، أو من القراء الذين يحلمون بالسير في خطا أبطال رواياتهم؛ فإن وجهتك القادمة ستكون انعكاساً فريداً لما أنتِ عليه.
تابعي المزيد من أخبار السفر: الهوية والجنسية الإماراتية تفوز بجائزة 2025 GOVMEDIA عن مشروع السفر الذكي
