رئيسة المرصد الوطني للقيادات النسائية في الرباط رفيعة المنصوري: أعمل على نشر عقلية الثراء بين السيدات
رفيعة المنصوري اسم على مسمى، امرأة طموحة بهمة عالية لتحقيق أهدافها في السياسة والحياة، تقول إنها تتنفس السياسة منذ طفولتها، وتكره الظلم وإقصاء النساء والناس بصفة عامة، امرأة قد لا تشبه كثيراً من السياسيات، فهي معتزة بأنوثتها، تحب الأناقة والرشاقة والرقة من دون التخلي عن الانضباط والصرامة في كل ما يتعلق بتنظيم الوقت والاشتغال على الذات والاهتمام بقضايا الناس الذين وضعوا ثقتهم فيها. تنتمي إلى أحد أعرق الأحزاب السياسية المغربية، هي برلمانية سابقة، انتخبت أخيراً رئيسة للحزب في إحدى محافظات مدينة طنجة شمالي المغرب، كما انتخبت في الرباط رئيسة للمرصد الوطني للقيادات النسائية، وتشغل منصباً إدارياً سياسياً، نائب لرئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة شمالي المغرب لولايتين متتابعتين.. فتحت لـ «سيدتي» بيتها وقلبها لتحدثنا عن حياتها ومسارها بكثير من الشفافية.
سينتصر المستقبل للمساواة بمعناها الشامل الذي يعزز مكانة الكفاءة وروح المسؤولية
كلمة «سيدتي»، قد تعكس الكثير من المعاني، ويفسرها كل شخص بحسب رؤاه، ماذا تعني لك أنت؟
سؤال جميل لم أفكر فيه من قبل، لكن فعلاً كلمة سيدتي جميلة وراقية، فيها معانٍ لتكريم رقيق لكل امرأة بعيداً عن مسارها المهني أو مكانتها الاجتماعية أو العائلية. سيدتي كلمة موجهة إلى كل امرأة؛ لأنها امرأة لا غير، تحمل معاني التقدير الذي يليق بالنساء وبمكانتهن، كما كرمهن رب العالمين. ومن خلالها أحيي سيدتي، المجلة العربية العريقة التي واكبت كل النساء في العالم العربي والإسلامي منذ الثمانينيات، وما زالت تقوم بدورها الإعلامي الرائد، فشكراً لك «سيدتي».
كيف تفضلين تقديم نفسك لقراء «سيدتي»: سياسية أم حقوقية؟
أنا قبل كل شيء مواطنة مغربية أمازيغية عربية مسلمة، أحب بلدي جداً، لذا اخترت السياسة. ربما أحب أن أقدم نفسي بصفتي سياسية وحقوقية في الوقت نفسه؛ لأني من الناس الذين يدافعون عن حقوق الإنسان ودحض كل أشكال الظلم والعنف.
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع سيدة الأعمال نوف مسعود: ابتكرت «الضيافة الدبلوماسية» لكي أنقل صورة وطني المشرقة
السياسة اختارتني
كيف اخترت السياسة مع أنك حاصلة على دكتوراه في الاقتصاد؟
لعل السياسة اختارتني مع أنني اخترت دراسة الاقتصاد والتسيير المالي. قد أجزم اليوم وأقول إنني سياسية بالفطرة؛ حيث انخرطت بكل عفوية في المرافعة عن الظلم والمشاركة في بعض الاحتجاجات التي تطورت أيام الجامعة. كنت دائماً في الصفوف الأمامية للمطالبة ببعض الحقوق والدفاع عن عدد من المطالب الأساسية لحياتنا بوصفنا طلبة باندفاع عاطفي تلقائي دونما تأطير مسبق أو انتماء سياسي. السياسة تجري في دمي، وهي روحي من دون مبالغة. لكني انخرطت في حزب الاستقلال منذ نحو 15 عاماً، وتقلدت مناصب قيادية فيه انطلاقاً أولاً من قريتي «تاركيست»؛ حيث عشت وترعرعت.
انتخبت رئيسة لحزب الاستقلال في محافظة مهمة في طنجة، كما انتخبت رئيسة للمرصد الوطني للقيادات النسائية، ما الهدف، وعلى ماذا ستشتغلين؟
أنا سعيدة بثقة الحزب وأعضائه، وهي مسؤولية كبرى على عاتقي، أسال الله التوفيق، ولدي والحمد لله كل الحماسة والتحفيز لهذه المهمة القيادية، كما أن المرصد إطار مهم – بالنسبة إلي – لتمكين النساء من اتخاذ المبادرات، وتحفيزهن على العطاء أكثر، وتشجيع المشاريع الاقتصادية باسم النساء لجعلهن أكثر استقلالية. كما أن المرصد واجهة سياسية أيضاً للدفاع عن قضايا كبرى تهم المغرب، خاصة القضية السيادية للمغرب. أنوه هنا بدور النساء ومنحهن فرص الاشتغال والإبداع أكثر من خلال تطوير المهارات والقدرات الذاتية أيضاً.
مشاريع خاصة
هل دخلت عالم الأعمال من خلال السياسة؟
أنا حاصلة على دكتوراه في علم الاقتصاد، ولدي أفكار وعلاقات جعلتني أطور نفسي باستمرار وأخلق مشاريعي الخاصة. دخلت السياسة بشغف منذ نحو عشر سنوات، ومكنني عملي الجاد وكفاءتي من أن أحظى بالتقدير والاعتراف؛ حيث تقدمت للانتخابات في 2015، وكنت برلمانية ضمن فريق الحزب، وهي تجربة مميزة منحتني كثيراً من الفخر.
هل شجعك الرجال على اقتحام السياسة؟
بالمناسبة، أترحم هنا على والدي الذي كان عاملاً بسيطاً في قرية بعيدة عن التمدن، لكنه شجعنا نحن سبع بنات على العلم والدراسة، ووضع فينا ثقته الكاملة. والدي هو داعمي الأساسي، ثم لن أنكر أن رجالاً كثراً دعموني في مساري السياسي، وللأسف أقول إن بعض النساء لم يساندنني. على كل حال أعدّ نفسي مقاتلة أعشق التحديات ولا شيء يمكن أن يقف في طريقي من أجل النجاح والتطور.
يمكن لأي امرأة أن تكون قيادية؟
طبعاً ممكن، إن رغبت هي في ذلك، المسألة في تقديري تعود إلى الشخص، سواء أكان رجلاً أم امرأة. حتى الرجل ينطبق عليه الشيء نفسه، ولعل المرأة اليوم تحررت كثيراً من التمثلات التقليدية المحافظة، ويمكنها أن تحقق كل ما تصبو إليه بالمثابرة والعمل.
الصدق والعمل بجدية
ما سقف طموحاتك؟
لا سقف لطموحاتي ولا حدود لها، وشعاري الصدق والعمل بجدية وتنظيم الوقت. لا أحب الركود والبطء. أنا من عشاق السرعة التي تمرست عليها طيلة سنوات، السرعة المطبوعة بالتمارين اليومية على ضبط إيقاع حياة جيدة وغنية بالعطاء. أحب جودة الحياة وأن أعيش برقي بعيداً عن حياة التباكي والبؤس. كافحت منذ صغري على حياة أفضل، وما زلت أتطلع إلى الأفضل والأجمل. حياتي لم تكن مفروشة بالورد، فقد اشتغلت كثيراً على نفسي وما زلت.
تزوجت أخيراً برجل الأعمال المعروف يوسف أمنضور، ترى ماذا أضاف إليك الزواج الذي لعله تأخر؟
لم يكن الزواج مطمحي في يوم من الأيام؛ لأن طموحاتي كانت كثيرة وكبيرة. ولعلني كنت متخوفة من الزواج الذي شئنا أم أبينا ما زال يقيد للمرأة وحتى الرجل أحياناً. لكنني بفضل الله، عثرت على الرجل المناسب ولم أضيع الوقت. زوجي رجل مقتدر ومنفتح، يحمل الجنسية الأميركية، لكنه متيم ببلده المغرب، قرر الاستقرار والاستثمار فيه. يحترمني، كما أنه فخور بكل ما أقوم به. وهو أيضاً رجل شغوف بعمله وطموح، نعمل بالوتيرة نفسها تقريباً. لقد أضاف إلي الزواج شيئاً أساسياً، وهو الشعور بالأمان، لم يعد ينتابني الخوف، اعترف أنني على الرغم من القوة، كنت أشعر بنوع من الخوف الذي لم أعرف له سبباً محدداً، لكنه مع الزواج اختفى، وشعرت بأمان جميل. كان لقاؤنا مصادفة في القطار، وهو برفقة أناس آخرين، حصل الحب من أول نظرة. في اليوم التالي، التقينا في اجتماع عمل دام أربع ساعات وحينما انتهى جاء مباشرة إلي، وطلبني للزواج، فوافقت على الفور.
ماذا تعني لك الأنوثة؟
كل المتناقضات المتأرجحة بين القوة والضعف، لكني أفضل أن أعدّها رقة وإحساساً عالياً بالمسؤولية وحسن تدبير.
الرجولة؟
الرجولة مسؤولية وواحة أمان للمرأة.
ما سر رشاقتك؟
أكل قليل، وعمل كثير، ورياضة منتظمة، من حسن حظي أنني مارست الكاراتيه منذ طفولتي، وحاصلة على الحزام الأسود.
تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع أول عربية تؤسّس منهجاً إلكترونياً في تعليم أساسيات الثراء مريم الدخيل: الثراء يعني أن تملك ما يكفي حاجتك
الاستقلال المالي للنساء
بصفتك محللة اقتصادية، إلى أي حد يسهم الاستقلال المالي للنساء في سعادتهن الأسرية؟
الاستقلال المادي للنساء مهم جداً، ويسهم في سعادتهن. المال زينة الحياة، وعلى كل إنسان أن يسعى إلى الحصول عليه للعيش بكرامة، سواء أكنا نساء أم رجالاً. الاستقلال المادي ضروري بالنسبة إلى المرأة لتشعر بكينونتها أكثر، وتسهم في جودة حياة أسرتها ومحيطها، كما يمكنها أن تكون صمام أمان لعائلتها في حالات تقلب الزمان، بل تكون هي المنقذ من الهلاك، ونشهد على ذلك باستمرار على أرض الواقع.
من بين انشغالاتي في المرصد العمل على نشر عقلية الثراء بين النساء، فلا يمكن اليوم انتظار رجل يحقق كل الأحلام كما في الأفلام. من حق المرأة أن تعمل وتستثمر وتراكم الأموال وتساهم في اقتصاد الأسرة والبلد.
هل تختلف المساواة في مفهومها من مجتمع إلى آخر؟
نحن اليوم نعيش قيماً جديدة تتجاوز مفهوم المساواة الضيق لمفاهيم التشارك والتقاسم. لا أنطلق أبداً من كون المرأة كائناً أقل من الرجل، نحن معاً يجب أن نشترك في الرؤية نفسها، ونعمل على حفر طريق النجاح والسعادة.
قطعنا في المغرب أشواطاً كثيرة في المساواة، وحتى العالم العربي برمته ينخرط اليوم في فسح المجال أكثر أمام النساء، وكل الإحصاءات تنتصر لتفوق الفتيات في التحصيل العلمي. يجب إنهاء خطاب المفاضلة، وتعويضه بالشراكة الحقيقية. كلناً معا في الطريق نفسه، هناك بعض التجاوزات التي نعيشها، وغياب تحفيز من بعض الجهات للنساء، لكن المستقبل سينتصر للمساواة بمعناها الشامل، الذي يعزز مكانة الكفاءة وروح المسؤولية، خاصة فيما يخص المناصب العليا والمهمات السياسية الكبرى.
أتفكرين في أن تصبحي وزيرة أو رئيسة حكومة؟
لم لا؟ أحلم وأعمل بجد. وكما قلت: طموحاتي لا حدود لها على الرغم من كل العراقيل الممكنة.
كل إزعاج هو تحدٍ
ما الذي يزعجك بصفتك امرأة في السياسة؟
لا شيء تقريباً. كل إزعاج هو تحدٍ أخوضه بحسي العاشق للتحديات والمغامرة. لكني آسف أحياناً من بعض الأحقاد المجانية، وبعض الإشاعات، التي يطلقها أعداء النجاح.
من هن النساء اللواتي ألهمنك في مسارك السياسي؟
بكل تواضع، أسعى إلى إرساء تصور جديد للقيادة النسائية، ثمة أسماء كثيرة مرت عبر التاريخ لعدد من النساء المميزات اللواتي قلن كلمتهن، لكني شخصياً أريد صناعة اسمي بشكل مختلف يشبهني أنا لا غير، شخصياً بصفتي ابنة الريف التي تربت في أحضان قرية تركيست شمالي المغرب، ألهمتني نساء قريتي البسيطات الفقيرات اللواتي كن يغزلن خيوط الأمل من اللاشيء، وتحملن حياة صعبة بجلد وثبات.
ما دور العائلة في حياتك؟
دورها مهم جداً. والدي على بساطته منحني كثيراً من الحب والثقة، وكذلك والدتي، مع أن طبيعة المجتمع المحافظ الذي عشت فيه، يكفي أنه كان دائماً يناديني بالقائدة. وزوجي وأبناؤه الذين هم أبنائي في الوقت نفسه، يمنحونني الكثير من التوازن بفضل محبتهم ودعمهم لي.
ما المهنة التي كنت تتمنين مزاولتها؟
السياسة وتدبير الشأن العام.. كنت دوماً زعيمة في مجالي الصغير وبين أفراد أسرتي. صدقوني، فالمهن التي كانت تلهمني، كانت مرتبطة دوماً بالسلطة. حلمت ذات شباب أن أكون شرطية أو مسؤولة في الأمن وتدبير شؤون إدارية عليا.
نصائح ورسالة حب
ما نصيحتك للشابات العربيات؟
أن يثقن في قدراتهن، ويستثمرن وقتهن جيداً في العلم والدراسة، ويطورن من أنفسهن باستمرار، ويتحلين بروح التحدي من دون أن يهملن أنوثتهن؛ لأن الأنوثة أسلوب حياة أيضاً.
ماذا تقولين لزوجك من خلال «سيدتي»؟
أحبك. وشكراً لأنك في حياتي، وشكراً للأمان النفسي الذي منحته لي، ولم أكن أشعر به لولا وجودك في حياتي.
ما المشروع الذي يشغلك؟
مرصد القيادات النسائية الذي أراهن فيه على الشابات لدفعهن للاستثمار وإنشاء مقاولتهن، والإسهام في تنمية مدينتي طنجة وبلدي المغرب.
ما البلد الذي تحبين العيش فيه غير المغرب؟
المغرب دائماً وأبداً.
تابعي معنا لقاء خاص مع مديرة إدارة الاتصال والإعلام في المجلس الأعلى للتعليم القطري الدكتورة عائشة جاسم الكواري: شبابنا اليوم لديهم فكر منير وطموح مميز