سيفان ونخلة: أيقونة الوطن الجامعة بمعرض لهيئة المتاحف في قصر المصمك

الرخاء والنماء يتحققان بالمنعة والقوة، هذا باختصار ما يجسده الشعار الوطني للمملكة العربية السعودية، الذي يضم عنصرين أساسيين؛ هما: السيفان ويرمزان للشجاعة والتضحية والقوة، والنخلة وترمز للكرم والعطاء والخير.
هذا الشعار الذي تم اعتماده رسمياً منذ عام 1950م، مرّ بتحولات بصرية وثقافية عبر التاريخ حتى قبل اعتماده بشكل رسمي، وتم استخدامه في وثائق الدولة والعملات والطوابع البريدية والأختام والبطاقات الوطنية بأشكال وأنماط مختلفة، هذه التحولات والاختلافات بين استخداماته الحديثة والقديمة عبر العصور، رصدها معرض “سيفين ونخلة: أرشيف الشعار السعودي” لهيئة المتاحف السعودية، والذي اختارت الهيئة متحف “قصر المصمك” موقعاً له؛ لما يحمله من رمزية استثنائية في التاريخ السعودي.
أكثر من 200 قطعة نادرة من المخطوطات والوثائق الأصلية والقطع الأرشيفية النادرة، إلى جانب أعمال فنية وتصميمية، وعروض بصرية، وأفلام تُظهر التحولات التي مرّ بها الشعار عبر العقود، ودقة عملية الأرشفة التي استند فيها المعرض إلى بحوث دقيقة، بالتعاون مع خبراء ومختصين في مجالات التاريخ والتصميم، للاحتفاء بالرمز كأيقونة جامعة تمثل قيم المملكة ووحدتها.
تغطية وتصوير: عبير بو حمدان
رمزية عميقة

عبدالله الكناني، القيّم الفني على المعرض، قال في حديث خاص لـ “سيدتي”: “الشعار موجود معنا منذ ولادتنا في شهادة الميلاد وجواز السفر والرخص، وكل تفاصيل حياتنا اليومية، وهناك حب عميق وانتماء له كمواطنين سعوديين وكمقيمين أيضاً”.
وأضاف: “السيفان والنخلة بالنسبة لنا رمز من رموز المملكة منذ توحيدها وحتى اليوم، ونحن فرحون برصد أكثر من 200 قطعة وعرضها للزوار في قصر المصمك، الذي يمثل بالنسبة لنا رمزية عميقة جداً”.
وأردف: “توحيد المملكة وربطها بالسيفين والنخلة والعلم، كلها رموز وطنية، ومن الجميل إقامة معرض من هذا النوع في المصمك لمدى ارتباطه به”.
وذكر الكناني بعض أبرز المقتنيات والقطع المعروضة في المعرض، منها “جواز سفر من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، في سنوات ما قبل توحيد المملكة، وأيضاً أول جواز سفر سعودي يحمل شعار السيفين والنخلة، بالإضافة إلى طبق ملكي لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز”.
وتحدث عن عملية الأرشفة، قائلاً: “عملية الأرشفة رصدناها في صالة العرض الثالثة؛ من خلال مقطعي فيديو مصوريْن؛ يُظهران استمراريتنا بالأرشفة على مدى سنوات طويلة، وأيضاً استعرضنا أكثر من 3000 قطعة في فيديو آخر يتحدث عن المجموعة كاملة”.
الأرشفة والحفاظ على الهوية


“من خلال هذه المعارض، نريد أن نقول للناس إن الأرشفة مهمة جداً في المحافظة على الهوية”، هذا ما أكده لنا محمد الرويس، القيّم الفني لمعرض “سيفين ونخلة”، مضيفاً: “في الوقت نفسه نحن نشهد من خلال هذا المعرض على التطور الذي مرّ به الشعار، وتطوره في الهوية السعودية”.
ووصف المعرض بأنه “عبارة عن أرشيف للشعار، شعار “السيفين والنخلة”، وتاريخه منذ بداية توحيد المملكة إلى وقتنا الحالي”.
أما بالنسبة لأبرز القطع والمقتنيات التي يعرضها المعرض، فقال: “المعرض يضم ما يزيد على 200 قطعة، غير اللوحات والشاشات والفيديو، هناك قطع رسمية، وقطع كالصحون والفناجين من قصور ملكية، كلها يجمعها الشعار واختلافه وتطوره في التاريخ”.
وعبّر الرويس عن سعادته بالتفاعل الكبير الذي شهده المعرض مع افتتاحه، قائلاً: “التفاعل جميل وكبير جداً، والكثير من الناس لديهم ارتباط كبير بالشعار، ومهتمون باستكشاف تطوره واختلافاته في مختلف المراحل”.
وأشار إلى أهمية اختيار قصر المصمك لهذا المعرض “لرمزيته في توحيد المملكة”، معتبراً أن ارتباط شعار “السيفين والنخلة” مع قصر المصمك؛ يعزز الثقافة والهوية الوطنية.
وبالحديث عن قصر المصمك اقرؤوا أيضاً: متحف المصمك.. يوثق مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية
التشبث بالأصل


الكاتبة الصحفية سهوب بغدادي، التي يُعرف عنها اهتمامها بالمحافل والفعاليات الثقافية والتاريخية والوطنية، حرصت على زيارة المعرض في يومه الافتتاحي، واصفة إياه، في حديث خاص لـ “سيدتي”، بأنه “يمثل شيئاً جميلاً بالنسبة لكل مواطن سعودي؛ ألا وهو الاعتزاز والفخر بالقيم الإسلامية أولاً، والقيم الثقافية والتي نستقيها من بيئتنا العربية ثانياً”.
وفي بداية حديثها، توجهت الكاتبة بشكر خاص لمجلة “سيدتي”، قائلة: “سيدتي دائماً حاضرة في كل مكان وزمان في جميع المحافل المهمة، ورمز لقوة المرأة وحضورها في الإعلام وغيره من المجالات، فأنا أثمّن دور هذه المجلة، خاصة أن لها مقداراً عزيزاً على قلبي؛ لأني دائماً أطلّ من خلالها”.
وعن رمزية الشعار الذي يدور حوله المعرض، قالت: “لكل شعار رمزية محددة، وشعار السيفين والنخلة يضم عنصرين؛ هما: أولاً النخلة؛ رمز الكرم والعطاء، فنحن كسعوديين عندنا القهوة السعودية والتمر، ونحن مضيافون ونحب الضيافة، وكذلك جميع الدول العربية والإسلامية، والعنصر الآخر شعار السيفين؛ وهو رمز للشجاعة والإقدام والعزيمة”.

وأشارت بغدادي إلى ما يعنيه اختيار قصر المصمك لإقامة المعرض فيه، معتبرة أن “اجتماع الرمز مع المكان من أجمل التجسيدات التي يمكن أن تتواجد في معرض”.
وعددت بعض القطع التي لفتت انتباهها في المعرض، قائلة: “من القطع التي لفتتني، تذكرة للخطوط السعودية؛ لأنه باعتبار أنني في مجال الإعلام؛ لفتني كيف أن التسويق بدأ ومرّ بمراحل، ثم عاد للبداية؛ لأن هناك موروثاً، والإنسان بطبعه يحب أن يتشبث بالأصل، فجميلة جداً هذه الحملات الدعائية المليئة بالإبداع، وهناك مثل عندنا يقول “اللي ما له أول ما له ثانٍ”، وأيضاً لفتتني مراسلات وكتيب من وزارة الإعلام، وكل الخطوط الموجودة على المستندات، خط اليد كان بارزاً جداً بالقلم الرصاص أو الحبر، وما إلى ذلك هذه الأشياء التي لم نعد نراها اليوم في العصر الرقمي وثورة الإنترنت، وحلّ مكانها الكيبورد”.
وختمت سهوب بغدادي حديثها بالتأكيد على أهمية الأرشفة، مشيرة إلى أن “الأرشفة مهمة جداً، لذلك لدينا مركز وطني للمحفوظات في المملكة، وعندنا عناية خاصة في أكثر من مكان بالمملكة، وكل مكان له اختصاص؛ محفوظات من مجال وإطار معين، وهذا مهم جداً، فهي جزء من التاريخ، ولا بد من الحفاظ عليه”.
عن المعرض

افتتحت هيئة المتاحف مساء السبت، 23 أغسطس 2025، معرض «سيفين ونخلة: أرشيف الشعار السعودي»، في متحف قصر المصمك بالرياض، بحضور عدد من المثقفين والباحثين والمهتمين بتاريخ المملكة وفنونها البصرية. ويستمر المعرض حتى 21 نوفمبر 2025، مقدّماً للزوار رحلة شاملة تتتبّع مسيرة الشعار الوطني منذ عام 1932، وحتى صيغته الحالية، في إطار يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وأكدت هيئة المتاحف أن تنظيم المعرض يأتي ضمن جهودها لحفظ الإرث الثقافي، وتعزيز الوعي العام بأهمية الهوية الوطنية، مشيرة إلى أن الشعار الوطني، بما يحمله من رمزية السيفين والنخلة، لا يمثل شكلاً بصرياً ثابتاً فحسب، بل هو سجل حي؛ يعكس مسيرة الدولة وتطلعاتها عبر الأجيال.

ويواكب المعرض مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى إبراز الموروث الوطني، وتعزيز دوره في الحاضر والمستقبل؛ عبر تحويل المواقع التاريخية الكبرى مثل قصر المصمك إلى فضاءات ثقافية نابضة؛ تستقطب الزوار وتثري تجربتهم المعرفية، كما يتضمن برنامج المعرض ورشاً وفعاليات موجهة لمختلف الفئات العمرية، تسعى إلى ربط الأجيال بتاريخ بلادهم، وتعريفهم بقيمة الرمز الوطني ومكانته في الذاكرة السعودية.
لقطات من المعرض




















اقرؤوا أيضاً: فن المملكة يحطّ رحاله في بكين: الفن السعودي المعاصر يتألّق في المتحف الوطني الصيني