مقالات

فيروز في يوم ميلادها… احتفال يغمره الحزن والحنين بعد فراق زياد الرحباني

بهدوء يشبه حضورها الأبدي، تحتفل جارة القمر السيدة فيروز بعيد ميلادها هذا العام الذي يتزامن مع اليوم الجمعة 21 نوفمبر، محملاً بقدر كبير من الشجن، فهو أول عيد ميلاد تمر به بعد رحيل ابنها الموسيقار زياد الرحباني، الشريك الفني والإنساني الذي شكّل جانباً كبيراً من تجربتها وذاكرتها، والذي رحل عن عالمنا يوم 26 يوليو الماضي في يوم خيم فيه الحزن على العائلة ولبنان بأكملها.

غياب زياد… ظلٌّ ثقيلٌ على المناسبة

لم يكن عيد ميلاد فيروز مجرد تاريخ يحتفَى به، بل محطة تعيد إلى الأذهان حضور زياد في حياة والدته، ذلك الحضور الذي كان يتجدد مع كل مناسبة تخصها، ورغم أن فيروز عُرفت بخصوصيتها وابتعادها عن الأضواء، فإن غياب زياد هذا العام بدا كظل ثقيل يخيم على المناسبة، فالعلاقة الممتدة بينهما إنسانياً وفنياً خلفت فراغاً لا يمكن تجاهله.

قد تحبين قراءة.. فيروز وابنها زياد الرحباني: من “سألوني الناس” إلى “كيفك إنت”… دايماً بالآخر في وقت فراق
على مدار عقود، شكلت العلاقة بين فيروز وابنها زياد الرحباني تجربة فريدة في عالم الموسيقى، فقد كان زياد العقل الموسيقِي وراء العديد من الأغاني التي أحبها الجمهور، وكتب لها ألحاناً وكلمات تجاوزت حدود الفن لتصبح جزءاً من الذاكرة الجماعية للبنان والعالم العربي، من أغنية “كان عنا طاحونة” إلى “زهرة المدائن” و”نسم علينا الهوى”، كان تعاون الأم والابن انعكاساً لتفاهم فني نادر، يجمع بين صوت فيروز الرقيق ورؤية زياد الموسيقية.

الموسيقى جسر بين الحزن والحنين

حتى في اللحظات التي حملت الحزن بعد فقدان زياد، نجد في أعمالهما المشتركة مصدراً للراحة والحنين، الأغاني التي كتبها ولحنها زياد لفيروز لم تكن مجرد قطع فنية، بل كانت محادثة بين قلب الأم وابنها، مليئة بالمشاعر الصادقة والتعبيرات الإنسانية العميقة، وهذا ما جعل صوت فيروز خالداً، فهو صوت يحمل معه ذكريات التعاون العائلي وروح لبنان نفسها.

بداية فيروز مع التراتيل والغناء في المناسبات المدرسية

ولدت نهاد رزق وديع حداد في 21 نوفمبر 1935 في إحدى القرى اللبنانية، ثم انتقلت فيروز مع أسرتها إلى بيروت وهي طفلة، وهناك بدأت مشوارها الفني من خلال أداء التراتيل والغناء في المناسبات المدرسية، متأثرة بصوت المطربات المصريات مثل ليلى مراد وأسمهان، قبل أن تكتشف موهبتها يدُ الفنان محمد فليفل، مؤسس معهد الكونسرفاتوار اللبناني، الذي دربها على المقامات الشرقية وفن التجويد، وأعدها لتكون واحدة من أبرز الأصوات.

مرحلة عاصي ومنصور الرحباني

في أواخر الأربعينات، لاحظ حليم الرومي، مدير الإذاعة اللبنانية ووالد المطربة ماجدة الرومي، صوتها المميز، فلّحن لها بعض الأغاني واقترح إطلاق اسم “فيروز” عليها. قدمها بعد ذلك لعاصي ومنصور الرحباني، اللذين قدماها في أغنية “عتاب” التي لاقت نجاحاً كبيراً في لبنان، لتبدأ مرحلة جديدة من التعاون الفني الذي سيستمر عقوداً طويلة.

اقرئي أيضاً.. فيروز والمسرح.. مسيرة استثنائية جعلتها أسطورة المسرح الغنائي
في أوائل الخمسينات، شاركت فيروز في مهرجانات بعلبك الفنية، حيث جمعت بين الغناء والمسرح، لتصبح هذه المهرجانات منصة لإطلاق مشاريع موسيقية جديدة تمزج بين الفولكلور اللبناني والإيقاعات الغربية، ومن خلال هذه المرحلة، بدأت مسيرة فيروز في الإذاعات العربية، وصولاً إلى القاهرة عام 1955، حيث قدمت أغانيها للجمهور العربي الأوسع، ممهّدة الطريق لشهرتها على مستوى العالم العربي.

أعمال خالدة وقصص موسيقية

قدمت فيروز آلاف الأغاني التي تنوعت بين الأغنية اللبنانية الشعبية والرومانسية، والأوبريتات مثل “جسر القمر”، “الناطور المفاتيح”، و”بياع الخواتم”، فضلاً عن أعمال سينمائية مثل فيلم “بياع الخواتم”. لم تقتصر شهرتها على الأداء الصوتي، بل ساهمت في صياغة هوية فنية كاملة من خلال المسرح الغنائي الرحباني، حيث كان صوتها دائماً في المقدمة، مميزاً ومتفرداً.

زياد الرحباني والتجديد

في السبعينات، بدأ ابنها الموسيقار زياد الرحباني بإضافة لمسته الإبداعية، حيث قدم ألحاناً جديدة مزجت بين الميلودية الشرقية والغربية، مثل أغنية “سألوني الناس”، ما أكسب فيروز بعداً حديثاً في عالم الموسيقى، وأظهر قدرتها على التكيف والتجديد دون أن تفقد هويتها الصوتية اللبنانية الأصيلة.

تابعي المزيد.. فيروز في يوم ميلادها الـ 90… لا زالت جارة القمر

حتى في التسعينات والألفية الجديدة، حافظت فيروز على حضورها القوي، من خلال حفلاتها في بعلبك وبيت الدين ومدن عربية وعالمية، وتسجيل ألبومات ناجحة مثل “كيفك إنت” و”فيروز في بيت الدين 2000″. صوتها، الذي تجاوز الزمان والمكان، لا يزال يملأ البيوت والمقاهي، ويعتبر رمزاً للهوية الفنية اللبنانية والعربية.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».