مقالات

كريستيان ديور ورحلة البحث عن الأنوثة.. حقائق مهمة نكشفها في يوم ميلاده

يحتفل عالم الموضة بتاريخ ميلاد المصمم الراحل كريستيان ديورChristian Dior الذي ولد في 21 يناير عام 1905، وبأكثر من سبعين عاماً من الدار، وقد اخترنا لك لهذا السبب حقائق ربما تجهلينها عن شخصية المصمم الذي أسس دار ديور في العام 1936 وتوفي إثر نوبة قلبية تعرض لها خلال سفره إلى إيطاليا عن عمر يناهز 52 عاماً تاركاً الدار في بداية ازدهارها وبأمانة مساعده إيف سان لورانYves Saint Laurent، الذي استلم الدار وأبدع بمهمته. ولكنه تركها بعد فترة بسبب التحاقه بخدمة التجنيد الإجباري، وتوالت الأسماء من “مارك بوهان”، و”جيانفرانكو فيري”، و”جون غاليانو”، و”راف سيمونز” و”ماريا غراتسيا كيوري”، التي أكملت مسيرة المصمم ونهلت من أرشيف الدار الذي ترك المصمم إبداعاتها ومنها طابع نيولوكNew Look  الذي ابتكره المصمم في بداية الخمسينيات، وسترة بار Bar Jacket والكورسيهات الأنثوية، التي غالباً ما أثارت سخط الجمعيات النسائية في الفترة التي كن يكافحن في النضال والمساواة. إليك 5 حقائق مثيرة للاهتمام عن مسيو ديور.

عارضات لدى ديور في الستينيات (مصدر الصورة Jack Robinson/Hulton Archive/Getty Images

1- كريستيان ديور المهندس المعماري وهاوي التحف

المثير للدهشة أن المصمم الشاب كريستيان ديور كان يطمح أولاً إلى أن يصبح مهندساً معمارياً. منذ صغره، كانت لدى كريستيان رغبة عميقة في تصميم المباني الجميلة أثناء إقامته مع عائلته في عقار كبير في الريف الفرنسي الشمالي. ولكنه سرعان ما أنشأ صالة فنية ولكنه أقفلها بعد تعرّض والده لأزمة مالية. كانت علاقة مسيو ديور بفنون الديكور وثيقة، حيث كان جامعاً مميزاً لقطع الأثاث وقام في العام 1955 بإعارة عدد من القطع لمعرض مهم نظمه متحف الأثاث لصانعي الأثاث الباريسيين في القرن الثامن عشر، وعرض في نفس الوقت عدداً من الفساتين في المتحف، فنظم أول عرض للأزياء الراقية في متحف وقُدِّم كجزء من معرض مؤقت، ومن هنا يمكننا فهم الرابط القوي الذي يجمع بين المتحف وداره على امتداد مسيرته القصيرة وحتى رغم وفاته.

2- كريستيان ديور ورحلة البحث عن الأنوثة

سترة بار جاكيت من ديور التي تم تنفيذها في العام 1947 (مصدر الصورة Helen H. Richardson/The Denver Post via Getty Images)

تعرضت إبداعات ديور لانتقادات من قبل العديد من النساء. جادل النسويون بأن مجموعتهNew Look كانت قمعية لتحرر المرأة، بسبب إيلائه اهتماماً خاصاً بعناصر الموضة المقيدة مثل الكورسيهات، وقماش الكرينولين، والطبقات السفلية المنفوخة للأزياء التي تؤكد على الصورة النمطية للمرأة. ربما كان المنافس الوحيد لكريستيان ديور هي كوكو شانيل، التي قدمت تصميماتها التي تراعي الراحة والأناقة والتحرر للنساء، ووصفت إبداعات ديور بأنها “رعب يعذب أجساد النساء”. كما تُعتبر سترة بار من إبداعات السيد ديور في عالم الأزياء النسائية الراقية، وهي أيقونة في تاريخ البدلات عموماً، واعتبرت ثورة غيرت خطوط الموضة التقليدية ضمن قالب”نيو لوك” الثوري، الذي أصدره كريستيان ديور في عام 1947 وأراد من خلالها العودة إلى مفهوم الأناقة والأنوثة التي فُقدت في زمن الحرب العالمية الثانية.
تابعي معنا معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام ينطلق ضمن موسم الرياض ..تعرفوا إلى تفاصيله
ففي تلك الفترة التي أغلقت فيها عدة دور أزياء وانتقلت عاصمة الموضة من باريس إلى برلين، تغيرت الملابس النسائية كثيراً فكانت تحمل قصات مربعة ومستطيلة وزوايا حادة وذات طابع ذكوري وعسكري. وقام ديور بالتجديد والتمرد، من خلال إعادة المنحنيات والخطوط المتموجة وطيات القماش التي تمثل المرأة الشابة الرومانسية بطبعات الزهور، المستوحاة من غرانفيلGranville ملاذه الريفي. لقد كان عالم ديور وأسلوبه خلاقاً وساحراً أنثوياً وثائراً لامس ما احتاجت إليه المرأة لاستعادة الأناقة المفقودة بعد سنوات الحرب، لذا لاقت أزياؤه استحساناً كبيراً.
عشق ديور تصميم الأزياء لأنه كان عاشقاً للفن التشكيلي، ولطالما استهواه تاريخ الأقمشة، وكان يحب زيارة المتاحف ولكن لا تعود عبقريته لأنها مستوحاة من أعمال فنية، فالفساتين الراقية هي عمل فني قائم بحدّ ذاته، ولا تقل أهمية عن أي تحفة وكلاهما ملهم للآخر.
في عام 1948 أصبح كريستيان ديور علامةً تجاريةً معروفة وكانت مجموعة الربيع لعام 1953 مميزةً بكثرة النقشات المزهرة، وسجّل ربيع عام 1955 انطلاق موضة A line من تنانير وفساتين مع خصرٍ غير محدد ومظهرٍ ناعم يتسع أكثر عند الوركين والساقين بشكل يشبه الحرف الكبير A، فشكلت تصاميمه صيحة جديدة في عالم الموضة. ولكنه خلال الفترة الأخيرة من مسيرته المهنية، أخذ بالالتفاف عن نهجه المعتاد في التصميم بفعل تطور أسلوب الحياة. وركز من خلال أسلوبه المزخرف والمتألق على إبراز المظهر الرشيق في خطوطه، كما بدأ بتصميم القمصان الفضفاضة والسترات الضيقة.

المصمم كريستيان ديور مع الأميرة البريطانية مارغريت في زيارة إلى الدار الفرنسية- (مصدر الصورة Getty Images)

3- ديور وإيمانه بالخرافات

لعب علم التنجيم دوراً مهماً في عملية عمل المصمم: لم يبدأ ديور أبداً عرض أزياء دون استشارة قارئ “التارو” Tarot الخاص به. علاوة على ذلك، في كل عرض أدرج مسيو ديور تقليداً يقضي بأن تزين عارضة أزياء المنصة وهي تحمل باقة من الزنابق البيضاء.
وبالنسبة لعطوره الخاصة التي أطلقها، فمن حديقته في “غرانفيل” مروراً بالمنطقة الإدارية الثامنة في باريس، وصولاً إلى أماكن بعيدة في أصقاع الأرض، ابتكرت الدار عطورها الخاصة ومن بعد رحيله أطلقت مجوهرات راقية من وحي حديقته التي كان يعتني بها بنفسه، إذ تجسّد مجموعة “وردة الرياح” Rose Des Vents من مجوهرات ديور Dior Joaillerie، التي صمّمتها “فيكتوار دو كاستيلان”، رحلةً عبر تاريخ الدار ومسيرة مؤسّسها، وهي تضمّ نجمة كريستيان ديور الجالبة للحظّ المرتبطة بالكواكب، والوردة زهرته المفضّلة.

عارضة أزياء في العام 1955 تختار من مجوهرات ديور للعرض الذي أُقيم في فندق غلاسغو في اسكتلنده- (مصدر الصورة Thurston Hopkins/Picture Post/Hulton Archive/Getty Images)

لقد عاش المصمم الراحل مُتأثّراً بحديقة طفولته في “غرانفيل” في النورماندي، وحديقة الورود التي اعتنت بها والدته بحبّ، وأضحى كريستيان ديور عاشق الطبيعة والورود مصدر إلهام لكل المصممين الذين تعاقبوا على الدار. وقد نفذت المصممة “فيكتوار دو كاستيلان” عقداً من الذهب الزهريّ يحمل أوراقأً من الذهب الأصفر، تتألّف من وردةً مرصّعة بالألماس يمكن فكّها لتصبح دبّوسأً للزينة، في حين يتحوّل عقد “ريفيير” rivière الماسيّ المُزدان بزهرة من الياقوت إلى سوار مزيّن بحبوب متناثرة من الألماس والصفير الزهريّ، تُتوِّج الوردة عقداً قابلاً للتعديل يتحوّل من قلادة إلى عقد على شكل طوق في لحظة.

عقد “ريفيير” rivière الماسيّ المُزدان بزهرة – الصورة من أرشيف الدار

4- ديور خبير العطور وعاشق حلوى الفانيلا

عطر ديوراما Diorama وحلوى الفانيلا المفضلة لدى المصمم كريستيان ديور استعادها صانع الحلويات العظيم Julien Dugourd – الصورة من أرشيف الدار

في العام 1942، أسس ديور مختبراً خاصاً له لتصميم العطور. كان يعتقد أن العطور هي اللمسة النهائية التي تتوج جمال الثوب، وهي إضافة ضرورية لشخصية المرأة. حتى يومنا هذا، تحظى عطور ديور بشعبية كبيرة وتستمر في جذب المستهلكين حول العالم.
منذ سنة 2006، حظي François Demachy، العطّار-المبتكر لدى ديور Dior، بحرّية إبداعيّة مطلقة لابتكار عطور Dior. فالفانيليا النبيلة عبارة عن ذهب أسود نادر، نادراً ما تتم رؤية جماله الطبيعي في العطور. اليوم، يدعو François Demachy هذه الملكة المرغوبة، التي تتشرّف قلة من الروائح بدخول بلاطها، إلى قلب مجموعة عطور La Collection Privée Christian Dior، لابتكار عطر جديد تحت اسم Vanilla Diorama. يشكل Diorama اسماً مناسباً لهذه الحلوى التي عشقها Christian Dior، لكن لم يتم يوماً الكشف عن وصفة هذا الطعام الشهي الغامض.

غير أنه، في كتاب نشره مطعم Maxim’s الشهير، الذي يتضمّن مجموعة من الوصفات من Tout-Paris للاحتفال بذكرى المطعم الستين، يظهر وصفاً مقتضباً: مثلجات بالفانيليا، بعض البرتقال الكثير العصارة ونفحة من الشوكولاتة المرّة. وكان ذلك كافياً بالنسبة إلى الدار لتطلب من صانع الحلويات العظيم Julien Dugourd إحياء هذه الأسطورة اللذيذة، من خلال ابتكار تحلية Diorama عصرية، حلوى شهية مترفة مستوحاة من شهية المصمم- العطار. الأمر الذي أسفر عن ابتكار لذيذ ومذهل، غني بالتفاصيل والرقّة، فائض بالرهافة والفطنة. هذه القصيدة الشهية المخصصة للفانيليا والحمضيات، تعبّر أيضاً عن روح Dior، في تناغم مثالي مع عطر Vanilla Diorama من ابتكار François Demachy.
تابعي المزيد عن معرض كريستيان ديور ينطلق في منطقة المربع ضمن موسم الرياض نوفمبر المقبل

5-مستحضرات التجميل المستوحاة من الفيلا الخاصة به

فيلا ليرومب Villa Les Rumbs في النورماندي منزل طفولة كريستيان ديور – مصدر الصورة (MYCHELE DANIAU / AFP)

منذ العام 1953، أدرك مسيو ديور أهمية أحمر الشفاه، وخاصة اللون الأحمر بتدرجاته لأنه رمز القوة والأنوثة. لقد تمّ تقديم الخط الأول من أحمر الشفاه ديور في عام 1955. وهو متوافر بقوام غير لامع وظلال من اللون الوردي والبرتقالي، وسرعان ما اكتسب أحمر الشفاه هذا شعبية. قامت شركة ديور بعد رحيله بتطوير أكثر من 600 لون فريد من منتجات الشفاه، لكل منها سحرها وجاذبيتها الخاصة المستوحاة من ألوان الزهور في حديقة منزله الريفي.