كيف نتعامل مع الاختلافات فيما بيننا من وِجهة نظر مُختصة

الاختلاف بين البشر أمر طبيعي، بل هو يمنح الحياة طابعها الثري والمتنوع. سواءً كانت تلك الاختلافات في الفكر، الثقافة، أو الأسلوب الحياتي، فإن حسن التعامل معها هو ما يصنع مجتمعات متماسكة ومتقدمة. إليكِ بعض الطرق والأفكار التي تساعد على ذلك وفق ما تقوله فريال حلاوي، الأستاذة المحاضرة والمستشارة في تطوير الذات لـ”سيدتي”.
تقبّل الاختلاف لا يعني الموافقة
من المهم أن نفهم أن قبول الآخر لا يعني بالضرورة تبني أفكاره أو تغيير قناعاتنا.
الاحترام المتبادل أساس أي علاقة إنسانية ناجحة.
توسيع المدارك عبر الحوار
الحوار الهادئ يفتح آفاقاً للفهم، ويزيل كثيراً من الأحكام المُسبقة.
الاستماع النشط والطرح بأسلوب غير هجومي يُعزز من جودة النقاش.
التسامح وترك مساحة للاختلاف
لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة، وكل إنسان له تجربته الفريدة التي شكّلت رؤيته للعالم.
التسامح مع الآخر يعني الاعتراف بإنسانيته وبحقه في أن يكون مختلفاً.
التعاون رغم التباين
- يمكن لأشخاص من خلفيات مختلفة أن يعملوا معاً بنجاح إذا ما كانت الأهداف واضحةً ومشتركةً.
ما رأيك متابعة أهمية التسامح بين الزوجين
- النجاح الجماعي لا يتطلب التطابق، بل يحتاج تناغماً وتكاملاً. التعلم والنمو من خلال الاختلاف.
- الاختلافات تمنحنا فرصاً لتعلم وجهات نظر جديدة، وتطوير طريقة تفكيرنا.
- من خلال النقاش البنّاء، نكتشف مناطق عميقة داخل أنفسنا ونصبح أكثر نضجاً.
كيفية التعامل مع الاختلافات؟
أولاً، علينا العودة إلى مرحلة الطفولة. هل ربّانا أهلُنا على تقبّل الآخر واختلافه؟ أم نشأنا على فكرة أننا “نحن فقط على حق”، وأن “الآخر دائماً مخطئ وغريب عنا”؟ كل ذلك يعود إلى الطريقة التي تُشكِّل بها الأسرة شخصية الطفل، وتعلّمه من صغره كيف يتفاعل مع الآخر، كأن يُشجَّع على المشاركة، وعلى فهم أن العالم لا يدور حوله وحده.
النقطة الثانية المهمة، أن قبول الآخر ينبع من الثقة بالذات. فالشخص الواثق من نفسه وقدراته ومهاراته لا يشعر بالتهديد من اختلاف الآخرين عنه. أما مَن يعاني من ضعف في تقدير الذات، فيرى في الآخر المختلف تهديداً لمكانته، وقد يتساءل: “هل سيأخذ مكاني؟”
وفي العلاقات الاجتماعية وخصوصاً الزوجية، كثير من المشكلات تنشأ من توقّع أحد الطرفين أن يكون الآخر نسخةً مطابقةً له، يُفكّر ويشعر مثله.
الشريك ليس امتداداً لنا، بل هو كيان مستقل له شخصيته وأفكاره. علينا أن نتعامل مع الاختلاف لا كعقبة، بل كفرصة لبناء مساحة مشتركة تخدم العلاقة. على سبيل المثال، إذا كنتِ شخصاً اجتماعياً والطرف الآخر يميل إلى الانعزال، لا يكفي أن تتقبّلي اختلافه، بل يجب أن تبحثا عن مساحة وسط تجمعكما معاً.
باختصار، التعامل مع الاختلاف يبدأ من الوعي، ويكبر بالاحترام، وينضج حين نُوظّف هذا الاختلاف لصالح العلاقة، لا ضدّها
تبديل المواقع
من الأمور الأساسية أيضاً، وهي تقنية نتعلمها في البرمجة اللغوية العصبية، أن نضع أنفسنا في مكان الآخر. فنحن نقضي جزءاً كبيراً من حياتنا متمركزين حول ذواتنا، مقتنعين بأننا دائماً على صواب. أحياناً، حين تحدث مشكلة، نرفع صوتنا لا لشيء إلا لأننا لا نتقبل أن هناك شخصاً لديه وجهة نظر مغايرة.
إحدى أهم التقنيات التي ننصح بها هي “تبديل المواقع” أو النظر من منظور الآخر. لذلك، أنصح الأهل منذ الصغر أن يربّوا أبناءهم على التعاطف، وأن يطرحوا عليهم أسئلة مثل: “لو كنت مكانه، ماذا كنت ستفعل؟” حينها، يبدأ الطفل بتبرير سلوك الآخر والتعاطف معه، وهذا أمر في غاية الأهمية.
أؤكد أن في مراحل معيّنة من حياتنا، لا نقبل أن يُبدي الآخر رأياً مغايراً لرأينا. ولكن عندما نتعلّم مهارة فهم الآخر ووضع أنفسنا في مكانه، نبدأ برؤية الأمور من زوايا مختلفة.
نصائح مهمة لحل الخلافات
هناك بعض النصائح أو الأمور التي يجب أن نحرص عليها دائماً.
- أولاً، علينا أن ننتبه بشدة إلى أسلوب التواصل، لأن الحياة كلها قائمة على حسن التواصل.
- يتحدث كثيرون عن مفهوم “الامتنان العاطفي” أي أن أشعر مع الآخر وأتفهم مشاعره. هذا شيء أساسي، ولكن حتى أصل إليه، عليّ أن أبني هذا الشعور مع الآخر.
- حتى وإن لم أتمكن من بناء هذه العلاقة العاطفية العميقة مع الطرف الآخر، فعلى الأقل يجب أن أُبقي على الاحترام والتواصل البنّاء. يجب أن أحترم الآخر ككيان مستقل كما ذكرت، وفي الوقت نفسه، عليّ أن أحترم نفسي.
- العلاقات قائمة على مبدأين أساسيين: الثقة والاحترام. فإذا كسرنا هذين المبدأين في أي موقف، نكون قد كسرنا العلاقة أو فقدنا الألفة بيننا وبين الآخر.
- علموا أبناءكم أن يعودوا إلى حلّ المشاكل بالحوار، لا بالشتائم، ولا بالضرب، ولا بإلغاء الآخر، بل بالتواصل البنّاء. ذكّروهم بأهمية تقبّل الآخر واختلافاته.
يمكنك أيضاً الاطلاع على كيف تؤثر التربية المختلفة على العلاقة الزوجية؟
- لا تنسوا أن أبناءنا سيكبرون، وسيفتحون أعينهم على واقعٍ فيه أشخاص مختلفون، ربما حتى إخوتهم لا يشبهونهم، أو يختلفون عنهم في بعض الصفات والأفكار. لذلك، علينا أن نُعوّدهم منذ الصغر على القبول، والاحترام، والتواصل الإيجابي، ورفض التنمر بكل أشكاله.