«لمبة».. قصة مشروع إبداعي لأمهات سعوديات
يشكِّل البحث عن بيئةٍ آمنةٍ للأطفال، وتعزيز الابتكار والتفكير الإبداعي لديهم هاجساً عند جميع الأمهات، لكنه بالنسبة للأشقاء ديمة وطفول ومشاعل ولطيفة وعبد الله اليحيى، كان حافزاً للتفكير خارج الصندوق، واتخاذ قرار البدء في تنفيذ مشروعِ مركزٍ خاصٍّ بالأطفال وسط الرياض، العاصمة السعودية.
شرارة البداية لمشروع لمبة
وبعد أعوامٍ من البحث والتخطيط، ظهر المشروع على أرض الواقع باسم «لمبة» بمنهجٍ متفرِّدٍ، وبرامج تجمع بين التفكير الإبداعي، والسرد القصصي، والحرف اليدوية، والمهارات الحياتية، ليتسلَّح بها روَّاده الصغار في رسم مستقبلهم. «سيدتي» سجَّلت زيارة إلى المركز، والتقت مشاعل ولطيفة اليحيى للحديث عن أنشطته.
مشاعل اليحيى
أوضحت مشاعل اليحيى أن «لكل مشروعٍ شرارةُ انطلاقٍ، يبدأ منها لتحقيق أهدافٍ وأحلامٍ عريضةٍ، ومركز لمبة بدأ كفكرةٍ خلال جلسةٍ عائليةٍ، جمعتنا نحن الأشقاء الأربعة، حيث قرَّرنا إنشاءه من أجل تلبية حاجةٍ كنا نبحث عنها بإيجاد مكانٍ آمنٍ لأطفالنا، وتطوير التفكير النقدي والتصميمي لديهم. مكان يطوِّر مواهبهم، ويسمح لهم بالتفكير خارج الصندوق»، وأضافت مشاعل: «على الرغم من بحثنا المكثف، إلا أننا عجزنا عن العثور على مكانٍ، أو برنامجٍ بهذه الخصائص، افتتحنا مركزاً خاصاً، وبدأنا العمل على تطوير منهجٍ علمي، وتأهيل المدربين ليحوِّلوا فكرتنا إلى حقيقةٍ واقعةٍ، بعد أن استنفذ الكثير من الوقت والجهد، ووضعنا فيه خلاصة تجاربنا وخبراتنا المتعددة، منها خبرتني التي تمتد إلى 10 سنوات كمصممة في مجال الإبداع والفنون، وإحدى المؤسسات لمعهد مسك للفنون والقائمين من خلاله لتطوير وتمكين المصممين السعوديين، وبالنسبة لشقيقتي ديمة فتتولى منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي وتسعى للتحول الرقمي والابتكار والحلول المالية، أما طفول فهي محامية سابقة ولها اهتماماتها في مجال الطفولة، وتتولى لطيفة إدارة المركز من واقع تخصصها في إدارة المشاريع، أما شقيقنا عبدالله فهو مهندس معماري ومصمم جرافيك».
ʼ أي تقدم جديد في التكنولوجيا، يشكل أداة مفيدة، يمكن استخدامها، لكن في الإطار المناسب ʻ
مشاعل اليحيى
اسم المركز
وتتابع مشاعل: «عقدنا جلساتٍ عدة من العصف الذهني، شهدت طرح كثيرٍ من الاقتراحات حول اسم المركز، واتفقنا أخيراً على اسمٍ مميزٍ، له دلالاتٌ عدة، ويختصر في ثناياه كثيراً من الأهداف والرسائل، وهو لمبة». وأضافت: «اختيار الاسم كان من أهم ما توقفنا عنده، وحرصنا على أن تكون الكلمة عربيةً لحبنا للغتنا، ورغبتنا في جعلها أكثر ارتباطاً بمجتمعنا»، موضحة أن «لمبة، التي ترمز إلى الإضاءة، ترتبط بدلالاتٍ عدة، في مقدمتها الأفكار النيِّرة والمبدعة».
نقترح عليك متابعة اللقاء مع الدكتورة خلود المانع ممثلة للسعودية في المنتدى الاقتصادي العالمي للمرأة
البرنامج التعليمي في لمبة
بيَّنت لطيفة، التي تتولى إدارة المركز، أن «السعودية بشكلٍ عامٍّ، والرياض خاصةً، تحتضن كثيراً من مشروعات الأطفال، لذا حرصنا على البحث عن التميُّز بمركزنا حتى يجد مكانه بينها، ودقَّقنا على اختيار البرنامج التعليمي المقدَّم للأطفال والشباب في المنهج، وتفرَّدنا بالمساحة الآمنة والحيوية لخلق مجتمعٍ محلي من الشباب المفكرين والقادرين على حل المشكلات اليومية عبر برنامج تعليمي يقوم على استوديوهات التصميم الداعمة، ويقدمه خبراء ومعلمون، يعملون على تغذية عقولهم لخلق جيلٍ متقدمٍ». مشيرة إلى أن المركز يستقبل الطلاب الصغار من عمر 6 إلى 18 عاماً، ويتم تقسيمهم إلى 4 مجموعات، بحيث يقدم في كل استديو برامج متنوعة ومختلفة على مدى 8 أسابيع.
لطيفة اليحيى
وحول ما يميِّز منهجية «لمبة»، قالت لطيفة: «نتميَّز بالتركيز على طريقة التفكير الإبداعي، والقدرة على إيجاد الحلول، وتعلُّم الأدوات لاستخدامها في تطبيق الحلول، مثل الإلكترونيات، والمهارات الحرفية».
وأكَّدت أن «ما تقدِّمه لمبة من برامج تعليمية، تُكمل الجهود التي تقوم به وزارة التعليم لمواكبة الأساليب المتقدِّمة في التعلُّم، وصناعة شبابٍ مبدعٍ، وفي سبيل ذلك نعمل جنباً إلى جنب مع مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله، ومدينة الملك عبد العزيز للتقنية، من أجل خلق جيلٍ مبتكرٍ وواعد».
ʼأطفالنا ينفردون بالحماسة والفضول، إنهم يضيئون العالم بسحرهم الخاص ʻ
لطيفة اليحيى
نحرص في لمبة على تنمية المهارات الحياتية
وشدَّدت مشاعل اليحيى على أن «دور مركز لمبة، لا يقتصر على برنامجٍ تعليمي مبتكرٍ فقط، إذ نحرص على تنمية المهارات الحياتية أيضاً، أي مهارات القرن الحادي والعشرين، وتعلُّمها من قِبل المنتسبين، وبالتأكيد نحن نؤمن بالمواهب الابتكارية لدى الطلبة، وقدرتهم على إيجاد الحلول للتحديات التي نعيشها اليوم، وبناء مستقبلٍ مشرقٍ، وللوصول إلى ذلك يجب تمكينهم بالعلم، والأدوات اللازمة، والبيئة المحفزة على الإبداع،. تطرَّقت مشاعل إلى دور الذكاء الاصطناعي في تمكين الابتكار والبحث والتطوير، حيث أوضحت أنهم في مركز لمبة لديهم إيمانٌ قوي بأن أي تقدمٍ جديدٍ في التكنولوجيا، يشكِّل أداةً مفيدةً، يمكن استخدامها، لكن في الإطار المناسب، في تطوير الشباب، وقالت: «نسعى إلى تمكين الطلاب في المجال التقني عبر تدريبهم على استخدام مختلف صنوف التكنولوجيا، كما نناقش معهم الأخلاقيات المرتبطة بها، ونعمل على تنمية حس المسؤولية لديهم باستخدامها لخدمة الإنسانية».
وأضافت: «الألعاب، ومواقع التواصل أدواتٌ، يمكن استخدامها والاستفادة منها، لكن في الإطار المناسب. نحن نحرص على أن نعطيهم حرية الاستخدام، لكننا في الوقت ذاته نعمل على توعيتهم بطرق استخدامها بالشكل الصحيح، والاستفادة منها، وتجنُّب إدمانها، وبذلك نساعد الآباء أيضاً عبر تقديم حلٍّ ناجعٍ لهذه المعضلة، وما يترتَّب عليها من آثارٍ سلبيةٍ ومشكلاتٍ اجتماعية».
بالفيديو .. دموع وضحكات ولحظات مؤثرة في تجربة سيدتي الخاصة بين الأمهات وأبنائهم احتفالاً بيوم الأم 2023
الطفل السعودي
واستناداً إلى هذه التجربة، أثنت لطيفة اليحيى على قدرات الطفل السعودي بالقول: «اكتشفنا بعد هذه التجربة القصيرة، والاحتكاك اليومي المباشر، أن أطفالنا ينفردون بالحماسة والفضول. إنهم يضيئون العالم بسحرهم الخاص. طاقتهم الإيجابية، وتفكيرهم الإبداعي، يذكِّروننا بأهمية البساطة والبهجة في التعلم، وأنه من الجميل أن نكون فضوليين ومستعدين لاكتشاف العالم من حولنا بعيون جديدة». وحول ما يميِّزه في مجال التعليم التقني والعلوم والهندسة والرياضيات، قالت: «الطفل السعودي يمتلك حماسة كبيرة للاستكشاف، وهو ما يحمِّلنا مسؤولية توجيهه ودعمه بشكلٍ أفضل لضمان تفوُّقه في هذه المجالات.
الاحتفاء بالإنجازات
وأشادت لطيفة بالجوائز العالمية التي حصلت عليها السعودية في مجال الابتكار، وذكرت: «في ظل رؤية 2030، نستبشر بمستقبلٍ رائعٍ لأجيالنا الجديدة، وهو ما أخذته لمبة بعين الاعتبار، وما يساعدنا في ذلك أنهم يملكون الطموح والشغف بالنجاح، خاصةً مع ما يُقدَّم لهم من دعمٍ كبير من القيادة. نحن نطمح للإسهام في نجاحهم، بإذن الله، عبر برنامجنا الذي يحثُّ على تطوير أبنائنا، وتزويدهم بالمهارات المستقبلية، إلى جانب تقديم مساحةٍ إبداعيةٍ للتفكير والابتكار لروَّاده الصغار، ومع نهاية كل استديو نحتفي بالمخرجات والإبداعات عبر عرض أعمال مبدعينا أمام أهلهم وأصحابهم، ليمارسوا أيضاً مهارة الخطابة، ونلاحظ بالفعل أن الناتج فخرُ المبدع وأهله بعمله وإنجازه»، وبيَّنت أنهم يسعون دائماً إلى ربط موضوعات التحدي التي يعمل الطلبة على حلها بمستهدفات «رؤية 2030».
وقالت: «طموحنا أكبر بكثيرٍ مما تقدَّم، إذ نخطط في مركز لمبة على عرض تلك الإنجازات والمخرجات باحتفالٍ سنوي في Maker fair، وإتاحة الفرصة للمشاركين لتقديم إنجازاتهم أمام نخبةٍ من المبتكرين والخبراء في هذا المجال من أجل تمكين مشروعاتهم ودعمهم في تطويرها. وعلى المدى البعيد نطمح إلى أن يصبح لمبة مساحةً مجتمعيةً آمنةً لشبابنا للازدهار والابتكار، ومركز الحلول الإبداعية لهم، وأن نتحوَّل إلى حالةٍ عالميةٍ في تطوير جيلٍ مبتكرٍ وواعٍ».
وأضافت: «أثبت المركز نجاح المرأة السعودية في مجال ريادة الأعمال، وما تملكه من إصرارٍ وشغفٍ وطموحٍ، ويعمل دائماً على دفع رائدات الأعمال للتطوير المستمر.
ننصحك بقراءة اللقاء الخاص مع سارة عبد الله