من بيروت إلى العالم مبادرات تدعم تصميم الأزياء
تحتضن بيروت مبادرات تدعم المواهب في مجال تصميم الأزياء ذي الأصول الراسخة والرؤى المواكبة لكل ما هو جديد.
ورد في تقرير لمجلة “فوربس”، أن الإنفاق في مجال الموضة في عام 2022 سيبلغ 6.5%، فالتسوق الرقمي والإلكتروني ضاعفا تفاعل المصمم المباشر مع المستهلك، من دون حاجة إلى وسيط.
انطلاقاً مما تقدّم، يمكن فهم دوافع المصمم اللبناني ربيع كيروز الذي أوقف مؤسسة Starch Foundation. كانت الأخيرة تأسست في الألفية الجديدة لدعم المصممين المتخرجين حديثاً من «إسمود» وتوسيع شبكة علاقاتهم، مع افتتاح متجر خاص بهم في وسط بيروت، بالتعاون مع شركة «سوليدير» التي تولت إعادة إعمار بيروت بعد الحرب الأهلية، لجمع تصاميمهم في دار واحدة. شاركت هذه المبادرة في أسبوع الموضة في دبي عبر عروض مشتركة ولمواسم متتالية إلى حين توقفها منذ ثلاث سنوات تقريباً. من جانب مصمم العالمي ربيع كيروز، فإن المؤسسة لم تعد تلبي الحاجة الفعلية للمصمم الناشئ؛ لأن التكنولوجيا العصرية جعلت المصمم في تواصل مباشر مع الزبون، ولم يعد يحتاج إلى وسيط، بل إلى ممول مادي لتغطية نفقات التصاميم وحملات الترويج الرقمي وتسويق المحتوى. أما المصمم العالمي إيلي صعب، فقد تعاون مع برنامج تصميم الأزياء التابع للجامعة اللبنانية الأميركية؛ فقد تحول سطح المبنى الجامعي في يونيو الماضي إلى منصة لعرض إبداعات خريجي الدفعة السابعة من البرنامج الذي انطلق منذ نحو عشر سنوات، تحت رعاية المصمم صعب، وبعنوان Real Time.
يشرف المصمم العالمي على دراسة الطلاب، مع تخصيص للمتفوقين منهم منح مادية وتتاح لهم فرصة للتدرج لدى المصمم. من المؤكد أنّ الدفعات التي تخرجت من الجامعة اللبنانية – الأميركية لن تعمل كلها في مجال التصميم، ولكنها ستعمل حتماً في مجال الموضة الواسع. ففي كلمة ألقاها المصمم أمام الخريجين قال: «أنصحكم بأن تتحلّوا بالصبر، وأن تأخذوا وقتاً لإعادة التفكير في أفكاركم المبتكرة قبل التنفيذ، وأن تتذكروا أن بلدكم بحاجة إليكم في هذه الأوقات الصعبة للغاية». ولعل ما دفع المصمم إلى استقدام بعض مشاغله من الخارج لإنتاج ما يريده محلياً، يندرج تحت عنوان صقل المهارات اللبنانية، وهذا رد جميل لبيروت تلك المدينة التي أنبتت عبقرية صعب وأوصلتها إلى العالمية.
من عالم الأزياء يمكنك أيضاً الاطلاع على الاستدامة ولعبة التسويق الجاري في الموضة
علامات أزياء مستدامة
«أعط الطبيعة لتكافئك بدورها، أعط أخاك الإنسان ليعود عملك بالخير لك…»؛ على هذا النحو يسير مصممون كثيرون ويقومون بإعادة تأهيل فنانين من طرازين وخياطين للخروج بعلامات مستدامة، كما هي الحال مع Emergency Room التي تأسست على يد الفرنسي اللبناني إريك ماتيو ريتر Eric Mathieu Ritter في عام 2018، عندما اكتشف أن العديد من الأقمشة وفضلات الملابس تذهب سدى وتؤدي إلى أضرار بيئية جسيمة، فولدت لديه فكرة استعمال القماش القديم وتحويله إلى تصاميم حديثة بمساعدة حرفيين مبدعين من مدينة طرابلس (شمالي لبنان). في حوار «سيدتي» مع المصمم تناول قرار افتتاح مشغله في لبنان ودعم فنانين آخرين، يقول: «في بدايتي، لاقيت دعماً من المصممة سارة بيضون، صاحبة علامة Sarah’s Bag التي رحبت بفكرتي ودعمت انطلاقتي، فافتتحت جراء ذلك مشغلي في طرابلس لأدعم حرفيين في التطريز والتفصيل والحياكة من أولئك الذين لم تتسن لهم الفرص لإبراز مواهبهم في إطار صحيح، وقررت العمل على فضلات القماش والملابس المستعملة لأعيد تفصيلها. لم يكن ذلك بالأمر السهل». ويضيف: «شعرت بالامتنان لأنّي وجدت الدعم من مصممة زميلة فقررت أن أرد المعروف وأدعم غيري ممن لم تتح لهم الفرصة لإبراز موهبتهم، فالتصميم عالم واسع ولا يقتصر على رسم «الاسكتشات»، فالتنفيذ برأيي عمل أدق».
عمّ ينقص علامة المصمم للانطلاق نحو العالمية، يقول: «يمر لبنان وقطاع الموضة فيه بأزمة، بسبب تراجع القدرة الشرائية؛ الأمر الذي يحقق نمواً بطيئاً للماركة يعيق الوصول إلى العالمية، على الرغم من أنها تُمثّل لي هدفاً أسعى إلى تحقيقه»، لافتاً إلى أنه لن يغادر لبنان وهو سعيد بالحرفية التي يتمتع بها مشغله في طرابلس، لكن هو يسعى إلى توسيع آفاق علامته والانتشار على نطاق أوسع.
تطوير مهارات المصممين اللبنانيين والعرب
إلى ذلك، تُضيء «سيدتي» على «ميزون بيراميد» MAISON PYRAMIDE، والأخيرة شركة من مؤسساتها نتالي مروة وجوفانينا عطية في عام 2017، مع سعي إلى تطوير مهارات المصممين اللبنانيين والعرب وتعزيز انتشارهم. في كل عام، تدعو «الشركة» نحو 300 مصمم ناشئ، من خلال مكاتب لها في كل من مصر والرياض ودبي. وللشركة أيضاً، صالة عرض في باريس للترويج للتصاميم التي تطلقها المواهب، مع دعم المصممين مادياً للارتقاء بعلاماتهم التجارية إلى مصاف عالمية.
تقول المؤسستان نتالي وجوفانينا لـ «سيدتي» إن «ميزون بيراميد» منصة لإطلاق المصممين الجدد وتحقيق الانتشار والتوعية، فهي تساعد العلامات الناشئة على إبراز هويتها». وعن كيفية اختيار المصممين، لدعمهم، توضح المؤسستان: «نختار المصممين الذين يشاركوننا الرؤى نفسها؛ أي أولئك الذين يمتلكون بصمة وهوية مختلفين، ويقدمون شيئاً مميزاً يصب ضمن معايير الحداثة، ويلبي التطور التكنولوجي وقواعد الاستدامة، والأخيرة معايير عالمية تحرص الدور العالمية عليها». وتزيدان: «نحتاج إلى علامات تضيف بعداً جديداً إلى عالم الموضة، وتعطي قيمة مضافة إلى التصاميم التي تبتكرها. لدينا ماركات تتعامل معنا منذ نحو سبع سنوات ولا تزال مستمرة، فهي تعد شريكة في النجاح والاستمرارية».
عن نوع الدعم، توضح المؤسستان أن «هدفنا الحقيقي هو مساندة الإبداع وتحقيق النمو للعلامات التصميمية عبر التواصل مباشرة مع الجمهور المستهدف؛ فقد تعاونا مع الدور الناشئة وعززنا تواصلهم مع الإعلام والمؤثرين لتحقيق أهدافهم وتعزيز تواجد علاماتهم، بطريقة راقية وفعالة».
وعمّ ينقص المصمّمين الشباب للوصول إلى العالمية، تجيبان: «ما ينقصنا هو التكافل مع بعضنا البعض؛ أي تضافر جهود كل من المنظمات المستقلة والجهات الرسمية ومكاتب الدعم وشركات التسويق والمصممين لتسهيل تبادل التصاميم من دولة إلى أخرى، مع تسهيل المعاملات المتعلقة بالشحن والاستيراد والتصدير، ولا سيما الضرائب الجمركية التي تثقل كاهل المصممين الناشئين وتعيق تطبيق معايير الاستدامة».
من عالم التصميم أيضأً اخترنا لك لقاء مع المصممتان هدى بارودي وماريا هبري