مقالات

يوسف شعبان… في حضرة فنان نادر وزوج وفيّ: ثلاثون عاماً من الحب والوفاء كما ترويها زوجته لـ سيدتي

يوسف شعبان، فنان مصري بارز، وأحد أعمدة الدراما والسينما في مصر والعالم العربي. منذ أن بدأ رحلته الفنية في ستينيات القرن الماضي، وهو يترك بصمته في وجدان الجمهور بأدوار تنوعت بين القوة والعمق والدفء الإنساني. قدّم أعمالاً خالدة ما زالت تحظى بشعبية واسعة، من أبرز مسلسلاته: “الشهد والدموع”، “المال والبنون”، “عيلة الدوغري”، “رأفت الهجان”، “حمزة وبناته الخمسة”، و*”امرأة من زمن الحب”. وفي السينما، تألق في أفلام منها: “أم العروسة”، “آه يا ليل يا زمن”، و”دائرة الانتقام”*. امتلك يوسف شعبان موهبة فنية فريدة مكنته من تجسيد شخصيات متعددة بصدق وحرفية، لينال تقدير الجمهور والنقاد على حد سواء.
في هذا الحوار الخاص مع “سيدتي“، تفتح السيدة إيمان الكويتية، زوجة الفنان الراحل، قلبها للصحافة للمرة الأولى، لتروي حكاية ثلاثين عامًا من الحب والوفاء، وتكشف ذكريات مشتركة وأسراراً من حياته الشخصية والفنية، وتشارك مواقف لا تُنسى عاشها خلال مسيرته. كما نقترب من ملامح شخصيته الإنسانية والفنية، ونستمع لآرائه في الفن والتمثيل كما عرفتها وعايشتها عن قرب طوال هذه السنوات.

يوسف شعبان

السيدة إيمان الشريعان زوجة الفنان يوسف شعبان- الصورة من المصدر

السيدة إيمان خالد الشريعان، زوجة الفنان الراحل يوسف شعبان، الأخيرة والتي تحمل الجنسية الكويتية، عاشت معه 30 عاماً وحتى رحيله، هي لا تحب الأضواء أو الإعلام لأنها عاشت سنوات زواجها الطويلة بالفنان يوسف شعبان في هدوء ودون ضجيج، وبعيداً عن الأضواء، فقد كانت الراحة والطمأنينة والسكن والحبيبة ورفيقة العمر له، فهي أكثر زيجة استمرت حتى وفاته، فقد تزوج قبلها ثلاث زيجات، وكل زيجة كانت سنوات قليلة لم يُقدّر لها الاستمرار.
“سيدتي” كانت على اتصال مستمر لإقناع السيدة إيمان الشريعان لتتحدث عن رفيق العمر الفنان يوسف شعبان، بدأت حوارها معنا قائلة: “طوال زواجنا لم أظهر في الإعلام لأنني لا أحب الميديا والشهرة، إلى جانب أن يوسف كان لا يحب أن تظهر حياته الخاصة للجمهور”.
وأضافت: “كان يشترط قبل إجرائه أي حوار تلفزيوني أو صحفي أن يعرف الأسئلة، وكان يحذف أي سؤال عن حياته الشخصية ولا يرد عليه، لأنه كان يقول: “حياتي الخاصة ملكي أنا وليست ملك الجمهور، فقد كان يقدس بيته، زوجته، وأولاده”.

يوسف وحشني جداً

بصوت مملوء بالدموع، تابعت: “يوسف وحشني جداً، كان شخصية رائعة، كان زوجاً مخلصاً وحنوناً، لم أكن أغار عليه من المعجبات أو الفنانات لأنني أثق فيه ثقة كبيرة، وكان يعتبر كل الفنانات أخوات وزميلات، رجل بمعنى الكلمة”.
عن اللقاء الأول: “أبي كان يعمل منتجاً وصاحب استوديو الجيب، فقد كنت أقرب واحدة لعمل أبي، وكنت أرافقه دائماً في المهرجانات في فرنسا ولندن ومصر، وكان يوسف قد عمل معه عدة أعمال في الدراما التلفزيونية. قابلته في إحدى دعوات العشاء التي جمعته بأبي، أعجبت به من ثقافته ورُقيّه، وكان كل الناس يستمعون إليه بإعجاب لطريقة حديثه، لديه كاريزما خاصة، تبادلنا الإعجاب وبدأت قصة الحب بيننا وتُوّجت بالزواج، والذي تم في البحرين حيث كنا نقيم هناك في تلك الفترة عام 1991”.

هل كنت من معجبات الفنان يوسف شعبان قبل الزواج منه؟

“قبل الزواج لم أكن أهتم بمشاهدة المسلسلات والأفلام العربية. كنت أعلم أن هناك فناناً يعمل مع أبي اسمه يوسف شعبان، وكنت أعلم أنه فنان كبير، لكنني لم أكن أشاهد له أي أعمال، لأنني كنت أهتم أكثر بمشاهدة الأفلام العالمية والمسلسلات الأجنبية، رأيت بعض حلقات رأفت الهجان فقط بسبب شهرتها الكبيرة، أحببت يوسف لشخصه، لا لأنه فنان، وهذا هو الحب الحقيقي في نظري”.

يمكنك الاطّلاع على حفيد رشدي أباظة: جدي كان يحتاج في حياته لزوجة تشبه زوجة فريد شوقي

يوسف كان كبير عائلته وأباً ثانياً لإخوته

مراد ابن الفنان يوسف شعبان من زوجته إيمان الشريعان- الصورة من المصدر

“حكى لي يوسف عن رحيل والده في أوائل الستينيات، وكان يعمل في شركة إعلانات أجنبية، كان يوسف وقتها في العشرينات من عمره، يدرس في معهد التمثيل وفي بداياته كممثل، فحمل مسؤولية والدته وإخوته الثلاثة وأختين، وكان هو العائل الوحيد لهم. قام بتعليمهم وزوّجهم، وكان والداً لهم، والدته كانت أهم شيء في حياته، أم حنونة، وكان يحبها جداً، يزورها يومياً قبل أي تصوير، وعند انتهاء التصوير يذهب إليها قبل العودة إلى المنزل، لكنها رحلت في منتصف الثمانينيات ولم أرها للأسف”.
“كنت أرى يوسف وعيناه مليئتان بالدموع عندما يشاهد فيلماً للفنانة فردوس محمد لأنها كانت تشبه والدته إلى حد كبير، لا أنسى عندما حكى لي أنه أثناء تصوير مشهد من مسلسل “الوتد” مع الفنانة هدى سلطان، بكى بحرقة لأنه تذكر والدته في هذا المشهد”.

ممثل عبقري

“منذ بداية زواجنا حرصت على مشاهدة جميع أعمال يوسف قبل الزواج، وكنت منبهرة بتمثيله وعبقريته في الأداء في عيلة الدوغري والشهد والدموع ورأفت الهجان، وعرفت قيمته أكثر كممثل بعد الزواج”.
“في بداية زواجنا، عرض عليه مسلسل المال والبنون، ورأيت عن قرب مدى اهتمامه بدراسة الدور والشخصية حتى يتقمصها، كان يحكي لي دائماً عن أي مسلسل يُعرض عليه، ويشاركني الرأي، لكنه كان صاحب القرار الأخير”.

أساتذته في التمثيل

“من الأساتذة الكبار الذين تعلم منهم يوسف في المعهد: محمود مرسي، سعد أردش، زكي طليمات، محمد توفيق، كان حريصاً على سماع نصائحهم، كما استمع إلى الفنانين حسين رياض ومحمود المليجي، وعندما أصبح نجماً كبيراً، صار الجيل الجديد يتعلم منه، وكان حريصاً على دعمهم ومنحهم الثقة”.
“حكى لي أنه أثناء تصوير فيلم “المعجزة” مع فاتن حمامة وشادية، في أول مشهد له معها، لم يستطع النطق من شدة التوتر، شعرت فاتن حمامة بارتباكه، فأشارت للمخرج بالتوقف وهدأته وأعطته الثقة”.

ذكريات مع وردة

“كانت تربط يوسف صداقة قوية بالموسيقار بليغ حمدي، الذي أوصاه بأن يعتني بالفنانة وردة والتي كانت زوجته في ذلك الوقت، وكانت حينها حاملاً أثناء تصوير فيلم “آه يا ليل يا زمن”، وكان أخاً مخلصاً لها”.

سعاد حسني

“حزن كثيراً على رحيل سعاد حسني. أثناء علاجها في لندن، كان نقيباً للممثلين، وكان يسعى لتجديد علاجها في مصر إلى جانب محاولاته لعلاجها على نفقة وزارة الصحة المصرية في لندن، كنت أسمع رسائلها الصوتية له باستمرار، وكانت تتصل به لحل مشكلاتها الصحية، وكان هو من استلم جثمانها بنفسه في مصر”.

جهوده كنقيب

“عمله كنقيب للممثلين كان مرهقاً نفسياً، وتحت ضغوط كثيرة وكان يهتم بكل أمور زملائه، أسس نادي النقابة على النيل، وكان يذهب بنفسه للوزراء لتأمين العلاج والمعاشات، كان يغار على مهنته، ويدافع عنها وعن زملائه دائماً”.

صداقته مع الفنانين

“كان يحب ويقدّر كل زملائه، مثل محمود عبد العزيز، نور الشريف، محمود ياسين وغيرهم، لم يتحدث يوماً بسوء عن أحد”.

صداقة عمر مع سميرة أحمد

“كان يقدرها كثيراً، وعملا معاً في “أم العروسة”، و”امرأة من زمن الحب”، و”أميرة في عابدين”، وكان من المفترض أن يلتقيا في مسلسل جديد هو الجزء الثاني من “أم العروسة”، لكنه رحل قبل تنفيذه، ولم ينفذ حتى الآن”.

أدواره المفضلة

“كان يعتز بكل أدواره، لأنها كانت تقدم رسالة، أحب “عيلة الدوغري”، و”الشهد والدموع”، وكان يعشق شخصية محسن ممتاز في “رأفت الهجان”.

الكويت وطنه الثاني

“كنا نقيم في مصر ونزور الكويت باستمرار، كان يحب الكويت، ويعتبر أهلي عائلته الثانية، أوصاني بأن تقرأ والدتي على رأسه القرآن إذا توفِّيَ هناك، ولكنه توفِّيَ في مصر وأبلغتها بوصية يوسف وقرأت عليه القرآن من هناك”.

إليك أيضاً تعيش مع ذكريات أخيها الأكبر منيرة أباظة: رشدي كان يحب المرأة الناضجة والحكيمة

الأب يوسف شعبان

يوسف شعبان وابنته زينة من زوجته إيمان- الصورة من المصدر

“أنجبت منه زينة، خريجة إعلام، تعمل مذيعة وممثلة، ومراد يعمل في أمريكا. كان أباً حنوناً، شديد الخوف عليهم، زينة كانت الأقرب إليه وتقنعه دائماً، وعندما كنا نشعر بأن هناك شيئاً سيرفضه، فتطلبه منه زينة ويوافق على الفور”.

أكلاته المفضلة

“تعلمت من شقيقته الأكلات المصرية مثل الملوخية والكوارع والعكاوي، كما كانت تطهيها والدته، كما أحب بعض الأكلات الكويتية”.

عن “ملوك الجدعنة”

“عندما عُرض عليه، كان مرهقاً من جلسات الغسيل الكلوي، ولم يخبر أحداً بمرضه، طلب نص المسلسل كاملاً لكنهم أقنعوه بأن المسلسل يكتب أثناء التصوير، وهو ما كان يرفضه لأنه تعود أنه يقرأ المسلسل كاملاً قبل تصويره حتى يرى دوره كاملاً، لكنه قبل المسلسل حتى يحسن من حالته النفسية وينسى المرض، سافرنا إلى لبنان، ثم عدنا لمصر لتغيير الديكور، وهناك أصيب بكورونا، ولم يظهر عليه أعراض في البداية، ثم تدهورت حالته عندما جئنا لمصر، وتم نقله لمستشفى العزل بالعجوزة بعد أن اتصلت بالدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين. وكان حتى آخر يوم يتصل بنا ويطمئن علينا، وقال لي آخر كلماته:
“ربنا يبارك لك في صحتك وعمرك، ويبارك لك في الأولاد. تحملتيني وراعيتيني، وكنتِ نعم الزوجة المخلصة”.
“كان بطبعه عصبياً، يهدأ ويغضب في لحظة، وكنت أعرف مفاتيحه جيداً، أشعر به في كل لحظة، وأحياناً أكلمه وأقول له: وحشتني يا يوسف”.
رحل الفنان الكبير يوسف شعبان، لكن ذكراه باقية في قلوب محبيه وأسرته، وفي وجدان الفن العربي الذي أثرى مسيرته بعشرات الأعمال الخالدة، شهادات زوجته السيدة إيمان خالد الشريعان لا تضيء فقط جوانب خفية من حياته الشخصية، بل تكشف عن إنسان حقيقي عاش للفن ولعائلته، وترك إرثاً لا يُنسى من القيم والوفاء والعطاء، وبين طيات هذا الحديث الصادق، يتجلى يوسف شعبان ليس فقط كنجم كبير، بل كزوج، وأب، وصديق، وإنسان نادر قلّ مثيله.

قد ترغبين في معرفة أشهر المسلسلات التركية التي حققت نجاحاً عالمياً

لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا “إنستغرام سيدتي”
وللاطلاع على فيديو غراف المشاهير زوروا “تيك توك سيدتي”
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر “تويتر” “سيدتي فن