في عيد ميلادها الـ90.. طارق الشناوي: لبنى عبدالعزيز استطاعت فرض مكانتها بفضل تكوينها الثقافي والفكري والإنساني

محمد حسين
نشر في:
السبت 9 أغسطس 2025 – 11:21 ص
| آخر تحديث:
السبت 9 أغسطس 2025 – 11:22 ص
احتفلت سلسلة “أرواح في المدينة”، أمس الجمعة، بعيد ميلاد الفنانة لبنى عبدالعزيز “الـ90″، في أمسية استاضفتها قاعة إيوارت التذكارية بالجامعة الأمريكية بالتحرير، التي شهدت تتويجها بلقب “فتاة الجامعة” قبل 70 عاما.
وتضمنت الأمسية حديثا عن مشوارها بالتوازي مع تاريخ القاهرة في زمنها، بحضور شقيقها الطيار إيهاب عبدالعزيز، والدكتور عمرو حلمي، وزير الصحة الأسبق، والكاتب والناقد الفني طارق الشناوي، المخرج علي إدريس، والفنان التشكيلي الدكتور فريد فاضل.
وبدأ محمود التميمي الأمسية قائلاً: “نلتقي اليوم في قاعة عمرها قرابة 100 عام، إذ شُيّدت عام 1928، وكانت وما زالت رمزًا لحب رجل غير مصري ولا عربي لمصر ولشعبها، إيوارت هو المواطن الأمريكي الذي أوصَى قبل رحيله بالتبرع لخدمة المصريين، إذ كان مريضًا في أمريكا، وقيل له إن علاجه الوحيد هو شمس مصر. جاء إلى القاهرة، وعاش بجوّها، وحين عاد ترك في وصيته مبلغًا لنفع المصريين”.
ويتابع التميمي، و”قدّمت ابنته هذه الوصية إلى الخارجية الأمريكية، التي كانت آنذاك تعمل على توسعة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فكان القرار بتشييد هذه القاعة التذكارية التي حملت اسمه: قاعة إيوارت، وهذه القاعة شهدت على مدار تاريخها لحظات استثنائية، ففيها وقفت أم كلثوم قبل نحو 90 عامًا وأحيت حفلات عدة، وعلى منصتها خطب طه حسين وجمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل، وغيرهم من كبار الشخصيات”.
وواصل، “ما يربطنا الليلة بالقاعة هو عبقرية المشهد قبل 70 عامًا، حين صعدت الفتاة المصرية لبنى عبدالعزيز درجات هذا السلم لتتوج بلقب “فتاة الجامعة الأمريكية”، الذي كان البعض يطلق عليه مجازًا “ملكة جمال الجامعة”.
واليوم، بعد 70 عامًا، نحتفل بعيد ميلادها الـ90 في المكان نفسه، الذي شهد بداياتها وارتبط بأعمالها، بل وظهر في عدد من أفلامها”.
وحين صعدت لبنى عبدالعزيز على خشبة المسرح، بعد 70 عامًا من صعودها إليه كـ”فتاة الجامعة الأمريكية”، استقبلها الحضور بتصفيق طويل دافئ، وغنوا لها “سنة حلوة يا جميل” احتفالًا بعيد ميلادها.
أوضحت لبنى عبدالعزيز أنها اختارت الالتحاق بالجامعة الأمريكية رغبة في السير عكس التيار، إذ فضّلت أن تسلك طريقًا مختلفًا عن السائد وقتها، حيث كان كثير من زملائها يتجهون إلى الجامعة القاهرة، فاختارت هي المسار الآخر، وهو ما وافق عليه والدها.
استعادت لبنى موقفًا طريفًا جمعها بأسطورة الطرب أم كلثوم داخل أحد الاستوديوهات، قائلة: “دخلت في موعدي لأجد أم كلثوم تجري بروفة، فاعترضت لأنه وقتي، لكنها خرجت وطبطبت على وجهي وقالت: “أنا مبسوطة بيكي، وسلّمي لي على والدك”. واقعة عكست جرأتها وتقدير كوكب الشرق لها.
كشفت لبنى آنذاك أن بدايتها المبكرة كانت من خلال الإذاعة، حين أعجب عبدالحميد يونس، صديق والدها، بموهبتها بعد إلقائها قصيدة في حفل عائلي، وقال: “البنت دي لازم تدخل الإذاعة”. ومن هنا بدأت أولى خطواتها وهي بعمر 10 سنوات.
-لبنى وناصر
وخلال الأمسية، استعرض التميمي صورة لها وهي تتسلم وسامًا من الرئيس جمال عبدالناصر في عيد العلم والفن، وروت أن لقاءها الأول به كان في المسرح نفسه حين قدّمته في إحدى المناسبات، ليطلب بعدها حضورها مرة أخرى لتقديمه في مناسبة تالية، ثم جاء اللقاء الثالث يوم تكريمها بالوسام وسط نخبة من المكرَّمين.
وعلّق التميمي على الصورة معتبرًا أن مشهد وقوف لبنى عبدالعزيز أمام جمال عبدالناصر، ووقوفه هو أمامها، يجسد زمن المشاريع الكبرى، حيث يلتقي المشروع الوطني بالمشروع الفني في لقطة واحدة.
-السادات: عيب يا لبنى
ومن أرشيف الصحافة في خمسينيات القرن الماضي، برز موقف طريف للفنانة لبنى عبدالعزيز خلال فترة عملها مذيعة بالإذاعة. فقد توجهت حينها إلى منزل السيد أنور السادات رئيس مجلس الأمة وقتها في الهرم، لتسجيل حلقة من برنامج ضيف الأسبوع.
واختارت لبنى أن يكون موضوع الحوار عن “رمضان”، واستقبلها السادات في قاعة الاستقبال، وبدأ النقاش بينهما قبل بدء التسجيل. أمسكت بورقة وقلم لتدوين الملاحظات، وانشغلت تمامًا بما يدور، حتى سمعت فجأة السادات يقول بصوت حازم: “إيه ده يا لبنى؟”.
فوجئت واحمر وجهها، والتفتت نحوه بعينين تحملان استفسارًا عن الخطأ الذي ارتكبته، لكنها سرعان ما أدركت الموقف وضحكت من قلبها، إذ كان السادات ينهر ابنته الصغيرة لبنى، لا المذيعة الشابة الجالسة أمامه.
-طارق الشناوي: روح الخمسينيات ونجمة كل الأجيال
ومن جهته، قال الناقد طارق الشناوي، إن لبنى عبدالعزيز حالة فنية مختلفة، إذ بزغ نجمها في زمن كان مكتظًا بكبار النجمات مثل فاتن حمامة، ماجدة، شادية، هند رستم، ومريم فخر الدين، ومع ذلك استطاعت أن تفرض مكانتها، بفضل تكوينها الثقافي والفكري والإنساني، وأدوارها التي جسدت الفتاة الجريئة المعبرة عن روح نهاية الخمسينيات، في مرحلة كان المجتمع يمنح مساحة أكبر لحرية المرأة.
وتابع الشناوي أن لبنى عبدالعزيز تعاونت مع كبار المخرجين، وضرب مثالًا بمشهدها الشهير وهي ترفع ساقها أثناء مكالمة هاتفية في أحد أفلام عام 1957، والذي اعتُبر جريئًا جدًا في وقته.
وأردف أن حب الجمهور لها ظل ممتدًا، مستشهدًا بموقف في أحد مهرجانات القاهرة السينمائية قبل 4 سنوات، حين اقترح أن تُمنح جائزة أفضل ممثلة لفنانة كبيرة، فوقع الاختيار على لبنى عبدالعزيز، وعند صعودها على المسرح عزفت الفرقة لحن “أسمر يا أسمراني”، فشارك الجمهور بالغناء معها في مشهد مؤثر.
وأشار الشناوي، إلى أن مشاركتها مع فريد الأطرش كانت محطة مهمة، حتى أن الكاتب كامل الشناوي كتب وقتها أن “لبنى عبدالعزيز تستطيع إحياء العظام وهي رميم”، في إشارة إلى إعادتها التألق لفريد في تلك المرحلة.
كما اعتبر أن فيلم “إضراب الشحاتين” للمخرج حسن الإمام واحد من أهم أعمال السينما المصرية، رغم أنه لم ينل التقدير النقدي الكافي، مؤكدًا أن لبنى عبد العزيز قارئة جيدة تتابع الصحافة العربية والأجنبية، وتهتم بأدق التفاصيل، وهو ما انعكس على اختياراتها الفنية والشخصية.
-على إدريس: سعيد بمشاركتي لآخر ظهور سينمائي لها
من جانبه، قال المخرج علي إدريس: “قبل أن أبدأ الذهاب إلى السينما، كنت أتعرف على أعمال الفنانة لبنى عبدالعزيز من خلال أفلامها على شاشة التلفزيون، مثل عروس النيل، وغرام الأسياد، وغيرها. متابعا، “شاهدت لها فيلمين بارزين، من بينها إضراب الشحاتين، وهي والرجال، مع المخرج حسن الإمام، حين جسدت دور خادمة رغم كونها خريجة الجامعة الأمريكية، وهو اختبار صعب لأي ممثل، لكنها أدته بإتقان لافت.
وتابع، “عندما بدأت التحضير لفيلم جدو حبيبي، استرجعت كل تلك الأعمال، وتوجهت إليها في مسرح الريحاني حاملاً نسخة من أحد أفلامي وسيناريو الفيلم، وطلبت منها قراءته، وافقت على المشاركة، كان شرفًا كبيرًا لي أن أعمل مع فنانة من الجيل الذهبي للسينما المصرية، وسيظل تاريخها حاضرًا بيننا”.
– هاميس
وتحدث محمود التميمي عن فيلم “عروس النيل”، الذي جسدت فيه لبنى عبدالعزيز شخصية “هاميس”، موضحًا أن اسم الشخصية كان من اختيارها، إذ رغبت من خلاله في تقديم تكريم رمزي لشقيقتها لميس، فاختارت اسمًا قريبًا من اسمها.